الوقت- بعد الإتفاق الروسي- الأمريكي حول الهدنة في سوريا شهدنا تجاذبات و تداعيات حول هذا القرار، فكان المؤيد و كان المعارض، إلا أن الغريب كان الرفض الأمريكي لنشر بنود الإتفاق رغم الإصرار الروسي، فضلاً عن إلغاء جلسة مجلس الأمن المتعلقة بالقرار بشكل مفاجئ، هذه المواضيع و أخرى مرتبطة كانت محور حديثنا مع الإعلامي و المحلل السياسي السوري الأستاذ شريف شحادة، و الذي جاء في تفاصيله التالي:
الوقت: برأيكم ما الذي يمنع أمريكا من تنفيذ جزئها من إتفاقها مع روسيا حول الهدنة في سوريا، هل لأنها لا تستطيع ذلك أم أنها لا تريد ذلك؟
الاستاذ شريف: "أولاً يجدر الإشارة إلى أن الدور السلبي للولايات المتحدة الأمريكية في الأزمة السورية برز منذ بدايتها، والآن تعمق و أصبح أكثر وضوحاً، خاصة بعدما ألزمتها روسيا بالذهاب إلى إتفاق كانت الولايات المتحدة تتهرب منه طوال عامين، و بالتالي ألزمتها في المحصلة النهائية على الوضوح في الحديث كالتالي: إما أنها مع الإهاب أو أنها ضد الإرهاب، فقامت الولايات المتحدة الأمريكية بالتوقيع على الإتفاق إلا أنها لم تنفذ شيئاً منه لأنها حقيقة لا تريد أن تنفذيه من الأساس خاصة أنها تدعم المجموعات الإرهابية بشكل بات واضحاً و تسميها معتدلة، اليوم روسيا ألزمت أمريكا بالفصل بين المعارضة المعتدلة كما تسميها عن العصابات المسلحة و لكن الولايات المتحدة لم تقم بذلك و لن تفعل ذلك و بالتالي معنى ذلك أن أمريكا تصر على البيع و الشراء في كل الأوقات و لا تريد أن تعمل عملاً سياسياً تتضح فيه فكرة الإرهاب من غيره و بالتالي هي لا تريد تطبيق الإتفاق."
الوقت: برأيكم هل أُجبر الأمريكيون على إتفاق الهدنة مع الروس بسبب الحرج السياسي و ضغط الرأي العام؟ أم أن الأمريكيون وافقوا عليه للّعب في الوقت الضائع و مساعدة المسلحين على لملمة صفوفهم خاصة بعد الخسائر الكبيرة في معركة حلب؟
الاستاذ شريف: "أولاً يجب الإلتفات إلى أن الإنتخابات الأمريكية باتت على الأبواب و لم يتبقى سوى أشهر قليلة لتبدأ، و الإدارة الأمريكية الحالية لا تريد توريث الإدارة اللاحقة إستسلاماً بل تريد أن تسلمها بعض الأشياء الصغيرة و لذلك لا تريد أن توقع و تلتزم، بالإضافة إلى ذلك إن أمريكا تدعم المجموعات الإرهابية، و أنا أستغرب من العالم عندما يظن أو يعتبر أن أمريكا تريد محاربة الإرهاب لا بل على عكس ذلك فأمريكا ترعى الإرهاب و تدعمه و تسانده و تدفع بالعمليات العسكرية لمصلحة الإرهاب، وإلا من أين تمول داعش و النصرة و كل هذه المجموعات الإرهابية، في مجمل الأحوال أنا أعتقد أن الروس ألزموا الولايات المتحدة الأمريكية بالذهاب إلى مثل هذا الإتفاق، ولأنها أجبرت عليه في ظروف الروس يعلمونها، فأمريكا لا تريد أن تصرّح علانية عن بنود الإتفاق، ورأينا جلسة مجلس الأمن ألغيت لأن أمريكا لا تريد أن يكون النقاش علنياً في ما طرح، بمجمل الأحوال هذه أمريكا و هذه هي سياستها و انا لا أستغرب منهم شيئاً على الإطلاق، و على العالم كله أن يفهم أن الولايات المتحدة الامريكية ضالعة في الإرهاب و تدعم الإرهاب و تتهرب من أي إتفاقية لمحاربة الإرهاب."
الوقت: كما ذكرتم أن جلسة مجلس الأمن المتعلقة بمناقشة إتفاقية الهدنة في سوريا ألغيت، هل تعتقدون أن هناك توجه دولي للتهرب من هكذا إلتزامات اتجاه سوريا؟
الاستاذ شريف: "الغرب كما يعلم الجميع كلّه مع الولايات المتحدة الأمريكية و يأتمر بأمرها، لذلك الجميع ينفض عندما تريد أمريكا و الجميع يجتمع عندما تريد ذلك، لن أعلق آمال على العالم الغربي فهو عالم متجزء يخضع للإملاءات الأمريكية و مصالحه الخاصة، و بالتالي كل ما نراه في الأزمة السورية هو وجع حقيقي للغرب و للولايات المتحدة الأمريكية."
الوقت: بموضوع نشر بنود الإتفاق الروسي الأمريكي حول الهدنة، لم هذه المعارضة الأمريكية الصريحة لذلك، هل إن نشره سيلزم الأمريكيين بتطبيق بنوده؟
الاستاذ شريف: "التهرب لسببين، الأول أن أمريكا ستٌلزم ببنوده أمام العالم، و الأمر الثاني أن مصير الرئيس الأسد لن يتدخل به الأمريكان بل ترك للشعب السوري و موضوع الحكم الإنتقالي و غير ذلك و بالتالي خسرت الولايات المتحدة الأمريكية رهانها حول ما كانت تقوله منذ خمس سنوات، و بالتالي فموقفها أصبح حرجاً امام الشعب الأمريكي و أمام الرأي العام الأمريكي و حلفائها، و أمريكا أكدت للعالم بأنها تكذب عليهم فتتحدث عن إسقاط الرئيس اللأسد في العلن، ثم في السر تخفي ذلك لسبب بسيط هو أن مصالحها تتعارض مع الإتفاقيات ضد الإرهابيين ومصير الأسد ليس بيدها، لذلك أنا أقول أن امريكا ليس من مصلحتها أن تنشر الإتفاق، و يبدو أنها تريد ترحيله لما بعد رحيل هذه الإدارة الأمريكية."
الوقت: رأينا تغيراً في لهجة بعض الدول العربية و خاصة الخليجية منها اتجاه أمريكا بعض الإتفاق مع روسيا حول الهدنة السورية، و راحوا يفتحون ملفات قديمة حساسة بين الطريفين و ينتقدون، كيف تقرأون ذلك؟
الاستاذ شريف: "التلميذ يتبع أستاذه في كل شيء، والعميل يتبع معلمه، و دول الخليج عملاء و تٌبّع بشكل واضح و أغبياء بشكل واضح أيضاً، و هم يتبعون ولا يسألون، و بالتالي ما نراه من دول الخليج هو صورة عن واقعهم، واقع مجموعات وصلت للحكم بطرق معروفة بشكل وراثي لا يفقهون، لا يتعلمون، ولا يتثقفون، حتى العميل يكون مثقفاً ليدرك دوره إلا أنهم بغبائهم عملاء، لذا لا نستغرب أي موقف منهم."
و أوضح قائلاً: "أما إمتعاضهم من الأمريكي فهو بسبب مسألة بقاء الرئيس الأسد، فهم يريدون إسقاطه و لا يملكون سوا الكلام، فيظنون أن السياسة تتحقق للمال، ويظنون بمبلغ ما يدفعونه سيسقط الرئيس الأسد، و مبلغ أكبر يسقطون به الدولة الفلانية، يظنون أن كل شيء بالمال، وبالتالي و بالنسبة للموقف الأمريكي هم قد دفعوا للأمريكين من أجل إسقاط الرئيس الأسد و لكنه لم يسقط و هذا سبب إمتعاضهم، إلا انه و برأيي الموقف الخليجي لا داعي للحديث عنه لأن لا قيمة له و لا يغير شيئاً في القضية."
