الوقت- تكرر احراق وهدم المساجد على يد سلطات آل خليفة في البحرين، وهي جريمة تخالف بشكل واضح وصريح جميع الشرائع السماوية والقوانين الدولية، فضلاً عن كونها عملاً شنيعاً وهمجياً يندى له جبين الانسانية ويدينه كل من له وجدان وضمير حي وتهزه الغيرة على الدين والقيم الالهية والانسانية السامية.
ويعتقد المراقبون أن حرق وتخريب عشرات المساجد في البحرين لاسيما التابعة للشيعة كمسجدي الصحابييْن الجليليْن "صعصعة بن صوحان" و"أبي ذر الغفاري"، ومسجد "أمير البربغي" كشف الوجه الحقيقي لحكام المنامة و الانتهاكات التي يمارسها هؤلاء الحكام بحق الشعب البحريني، واصفين هذه السياسة الرعناء بأنها تعبر عن حقد طائفي دفين تجاه مذهب اهل البيت عليهم السلام الذي يشكل اتباعه مكوناً اجتماعياً ذا تاريخ عريق وبُعدٍ ديني وحضاري عميق في هذا البلد.
ويعتقد المتابعون للشأن البحريني ان ظاهرة حرق وتدمير المساجد في هذا البلد تقف وراءها جهات وهابية ذات توجهات سلفية وتكفيرية مدعومة من قبل انظمة معروفة بارتباطها وتبعيتها للأجندات الاسرائيلية والامريكية وفي مقدمتها النظام الحاكم في السعودية.
وبسبب حرقها وتهديمها للمساجد تعرضت السلطات البحرينية لانتقادات شديدة وواسعة من داخل وخارج البلاد، ونُظمِت مسيراتٌ احتجاجية غاضبة للتنديد بهذا الفعل الهمجي الوقح. وأتهم قسم الحريات الدينية بمرصد البحرين لحقوق الإنسان سلطات المنامة بالتهرب من اعادة بناء المساجد المهدمة والمحروقة، مطالباً إياها بالمسارعة في بناء هذه المساجد في مواقعها الأصلية دون أدنى تغيير وتقديم المسؤولين عن ارتكاب هذه الجرائم إلى المحاكمة القانونية لدى هيئات مستقلة وعادلة والاعتذار الرسمي والعلني لشيعة البحرين.
واكد المرصد إن تخريب المساجد الذي لا يقتصر على طائفة دون أخرى يعد جريمة نكراء في حق التراث الديني والوطني والحضاري للبحرين. معتبراً تحويل اماكن بعض المساجد الى مناطق أمنية محظورة ووضع "ألعاب" على أراضي مساجد أخرى وتحويلها الى حدائق بأنه استفزاز واضح للمجتمع خصوصاً لأبناء الطائفة الشيعية التي لم يسجل تاريخها أي اعتداءٍ على مسجد سني، محذراً في الوقت نفسه من مغبة اللعب في ساحة الفتنة الطائفية لحل خلافات سياسية يمكن تسويتها من خلال الحوار والطرق السلمية.
وتجدر الاشارة الى أن سلطات المنامة تجرأت مراراً بالاعتداء على عدد من المساجد المهدمة والمحروقة التي أُعيد بناؤها من قبل الأهالي وبينها مساجد عريقة تاريخياً، ولم تكتفِ بمواجهة الشعب البحريني الأعزل بالنار والحديد والاستقواء بالقوى الاجنبية على ثورته المطالبة بالحرية والديمقراطية والحياة الكريمة، بل تعرضت بالقمع الشديد لرموزه الدينية والوطنية دون وازع ديني أو رادع اخلاقي.
ولا شك أن ما قام به نظام آل خليفة من هدم وحرق للمساجد، يمثل مأزقاً قيمياً وأخلاقياً وسياسياً يتعلق بالبنية القبلية والايديولوجية الطائفية لهذا النظام، وتناقضاً صارخاً بين منطق الدولة الذي يدعيه هذا النظام ومنطق القبيلة الذي هو فيه، رغم تظاهره بالحداثة والمظاهر السياسية الزائفة ظناً منه انه سينتصر بذلك على معارضيه من خلال هدم مساجدهم وأضرحتهم، وإلغاء تاريخهم الثقافي والاجتماعي العريق.
فهذه الممارسات والتضييق الممنهج على حرية ممارسة الشعائر الدينية تشكل في الحقيقة استفزازاً للمشاعر الدينية المرتبطة بقدسية المسجد التي ضمنها الشرع الاسلامي وكافة الاديان السماوية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
وفي ظل هذا السلوك المشين وغير المسبوق من قبل النظام الخليفي تجاه المعالم الدينية والثقافية والتاريخية للشعب البحريني والذي يتعارض مع أبسط الحقوق القانونية التي اقرتها المعاهدات الدولية لا يسعنا إلاّ التحذير من التبعات الإجتماعية والحقوقية الوخيمة لهذه الاجراءات الظالمة والمطالبة بضرورة العودة لمبدأ التعايش السلمي مع كافة شرائح الشعب من خلال صناعة الوئام المجتمعي ونبذ العنف الطائفي وترسيخ الوعي السياسي لدى الفئة الحاكمة لتجنيب البلاد مخاطر الإنجرار إلى هذا المستنقع الوبيل الذي يتصيد فيه المغرضون واعداء الانسانية خدمةً للمشروع الامريكي - الصهيوني في المنطقة الذي لا يريد الخير لهذا البلد ولشعبه المظلوم.