الوقت- أكد المفكر والفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي إن الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا تعلم جيداً بدعم السعودية للحركات الإرهابية في العالم لكنها تغض الطرف عنها لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية.
وقال تشومسكي في مقابلة خاصة مع قناة "الميادين" الفضائية إن السعودية هي الداعم الأكبر للجماعات الإرهابية والتكفيرية المتطرفة في المنطقة والعالم لاسيّما تنظيمي "داعش" وما يسمى "جبهة النصرة".
وأضاف: إن الدول الغربية وتحديداً أمريكا وبريطانيا وفرنسا لا تعترض على التطرف السعودي ودعمها للإرهاب، لأنها بنظرهم تقوم بدور مهم، علماً بأنها تعمل على نشر نفوذها في المنطقة والعالم من خلال المال.
ولفت تشومسكي إلى أنه كان من المستحيل بالنسبة للدول الغربية القبول بنشوء دول ديمقراطية حقيقية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مؤكداً إن السبب الكامن وراء ذلك يسهل العثور عليه في إستطلاعات الرأي العام قبيل إنطلاق ما يعرف بـ"الربيع العربي"، مشيراً في هذا الخصوص إلى إستطلاع للرأي وصفه بـ"الهام جداً" يعود إلى عام 2010 وهو يبين بشكل دقيق لماذا لا يتقبل الغرب نشوء ديمقراطية في المنطقة،حيث إعتبر 80% من السكان أو أكثر أمريكا والكيان الإسرائيلي بأنهما يمثلان الخطر الأكبر الذي تواجهه هذه المنطقة، فيما لم يعتبر سوى 10% أن إيران هي مصدر الخطر".
وأشاد هذا المفكر الأمريكي بتجربة تونس ومصر خلال الربيع العربي، علماً أن الصورة لم تنجل في نهاية المطاف، معتبراً أنه ورغم المشاكل والإضطرابات الكثيرة تم تحقيق كثير من الإنجازات لكن الغرب وأمريكا على وجه الخصوص كانا في حالة من الرعب التام أمام تلك التطورات.
وشدد تشومسكي على إن أعداداً كبيرة من الناس تعارض بشدة السياسة الخارجية الأمريكية، فيما يعتبر معظم سكان المنطقة أن الوضع سيكون أفضل في حال كانت إيران تمتلك أسلحة نووية لتحقيق توازن قوى مع أمريكا في المنطقة، على حد تعبيره.
وتابع قائلاً: "إذا ظهر أي حكم ديمقراطي فعّال ومؤثر في المنطقة، فإن أمريكا ستقوم بكل ما بوسعها للقضاء عليه، لذلك لا تظهر أي ثورات في البلدان التي تهتم واشنطن بشؤونها لاسيّما الديكتاتوريات النفطية، وقد ترتفع أحياناً بعض الأصوات في هذه البلدان إلاّ أنها سرعان ما تقمع".
وبشأن الصراع القائم في الشرق الأوسط إستبعد تشومسكي أن يعيد الكيان الإسرائيلي الأراضي المغتصبة إلى الفلسطينيين ما دامت أمريكا تدعم هذا الكيان وتمده بما يريده"، مشدداً على أن الأمر سيزداد سوءاً يوماً بعد آخر ما دامت واشنطن تدعم تل أبيب بشكل مطلق وكامل.
وقال تشومسكي أيضاً خلال المقابلة إن العالم بات اليوم أمام خيارين، إمّا الإستسلام لفقدان الأمن وما يعنيه ذلك من أن الأمور ستصبح أسوأ،أو تحسين الوضع، مشيراً إلى أن نشاط الإستعمار مستمر لكن الشعوب يصعب عليها توجيه أصابع الإتهام إلى المسبب الحقيقي للمجازر التي حصلت عبر التاريخ، وما يحصل اليوم في العالم ما هو إلاّ إمتداد لتلك المجازر لتحقيق الغاية نفسها وبدعم أمريكي واضح للحكومات الفاسدة.
من جهة أخرى رأى الفيلسوف الأمريكي أن العالم يتجه نحو حدث قد يشكل الإبادة الجماعية الأضخم على الإطلاق، ألا وهو دمار البيئة، ومع ذلك، بالكاد نسمع عن ذلك، قائلاً "لسوء الحظ، قد لا يكون ذلك سوى غيض من فيض".
وتجدر الإشارة الى أن تشومسكي كان قد أصدر كتاباً قبل عدّة أشهر حمل عنوان "من الذي يحكم العالم" وصف فيه التدخل العسكري الأمريكي - البريطاني في العراق بأنه الجريمة الكبرى في القرن الحادي والعشرين، معتبراً إن أمريكا قد تلقت هزيمة كبيرة في هذا المجال. كما رأى أن التدخل العسكري الغربي في ليبيا قد ترك هذا البلد تحت سيطرة الميليشيات المتحاربة وأدى الى إنشاء قاعدة لـ"داعش"، ومن ثم نشر الإرهاب والعنف في عموم منطقة الشرق الأوسط لاسيّما في العراق وسوريا.