الوقت- بدأ الجيش السوري عملية عسكرية واسعة في ريف حلب الشمالي مستعيداً السيطرة على عدة قرى وقاطعاً طريق إمداد رئيسياً يصل إلى الحدود التركية.واستطاع ايضا احراز تقدماً مهماً على غرار التقدم الذي يحققه على الجبهة الجنوبية، حيث سيطر على 3 بلدات في ريف حلب واقترب من فك الحصار على بلدتي نبل والزهراء، فيما استطاعت مجموعة من عشرات مقاتلي الجيش السوري الالتفاف عبر بلدة بيانون و الدخول إلى بلدتي نبل و الزهراء المحاصرتين منذ 4 سنوات في ريف حلب الشمالي.
كما تابع الجيش السوري والقوات المساندة له التقدم داخل مدينة حلب .فيما اعلنت المجموعات المسلحة النفير العام عبر المساجد في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
تفاصيل سير المعارك في الجبهة الشمالية:
على غرار العملية العسكرية الواسعة التي بدأها الجيش السوري جنوب البلاد، انطلقت عملية عسكرية جديدة، لكن هذه المرة في شمال البلاد، وتحديداً في مدينة حلب وريفها الشمالي.
تعمد الجيش السوري إشغال المجموعات المسلحة في ثلاث جبهات في توقيت واحد، الجبهة الأبرز كانت من الريف الشمالي، باغت الجيش المسلحين في قرى رتيان وباشكوى وحردتنين.
انطلق الجيش السوري صباحا من قريتي سيفات وحندرات باتجاه قرية حردتنين التي نجح في استعادة السيطرة عليها على نحو كامل، ثم تقدم إلى بلدتي رتيان وباشكوي المحاذيتين، حيث عمل على تثبيت مواقعه فيهما.
مفرق الكاستلوا المهم كان واحداً من الأهداف التي وضعها الجيش نصب عينيه؛ الجيش السوري تقدم باتجاهه بعدما نجح في السيطرة على عدة مزارع، أبرزها مزارع الملاح غرب المنطقة.
الهجوم الذي استهدف هذه القرى الثلاث فاجأ المسلحين، الذين كانوا يتوقعون أن يكون الهجوم على حريتان وحيان وعندان عند الطريق الرئيسية الواصلة إلى بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين منذ بداية الأزمة قبل 4 سنوات.
التقدم في هذه القرى يفتح الطريق باتجاه قريتي نبل والزهراء المحاصرتين، وعلى الرغم من أن قرية بيانون لا تزال خاضعة لسيطرة المسلحين جعلها الجيش السوري تثبيتا لمواقعه في بلدات رتيان وباشكوي وحردتنين بحكم الساقطة عسكرياً، بعدما أصبحت محاصرة بين فكي كماشة بين الجيش المنتشر في هذه القرى الثلاث من جهة ومقاتلي اللجان الشعبية في نبل والزهراء من جهة أخرى، وهو ما يعني قطع طرق الإمداد عنها أيضاً.
الجبهتان الاخريتان فتحهما الجيش السوري داخل مدينة حلب، الأولى جبهة شيحان - المعامل شمال غرب المدينة، حيث سجل تقدماً باتجاه الشيخ مقصود، التي تعتبر المرحلة الأخيرة في استكمال الطوق على الأحياء الشرقية والمسلحين الموجودين فيها. أما الثانية فهي في غرب المدينة في منطقة جمعية الزهراء وسُجل أيضاً تقدم مهم للجيش السوري. حيث فتح الجيش السوري جبهة جمعية الزهراء وتمكن من السيطرة على عدة مبان كانت تسيطر عليها الجماعات المسلحة، فيما سجل أيضاً تقدّم له في الراشدين الرابعة. وتواصلت المعارك أيضاً في العامرية وسيف الدولة وفي حلب القديمة حيث تشهد اشتباكات عنيفة جداً.
الجماعات المسلحة وجدت نفسها بوضع سيء جداً فعملت كعادتها لقصف الاحياء الأمنة في داخل المدينة بكافة القذائف العشوائية حيث سقط 9 شهداء وأصيب آخرون جراء سقوط تلك القذائف على حي السريان وساحة سعد الله الجابري.
التغير الحاصل في استراتيجية سير الحرب في الشمال السوري:
بالعودة الى التاريخ القريب جداَ اي منذ ما يقارب السنة كان الوضع في الجبهتين الشمالية والجنوبية في سورية مختلفاً تماماً لجهة توزّع خرائط السيطرة الميدانية بين الجيش السوري والجماعات المسلّحة، حيث كانت هذه الجماعات تُحكم سيطرتها على أجزاء واسعة من الأرض وخصوصاً في جبهة حلب وأريافها، و كانت وحدات الجيش السوري انذاك تنظّم عمليات دفاعية عن جبهتي المخابرات الجوية شمال مدينة حلب والراموسة في الجنوب الغربي للمدينة بهدف الحفاظ على خط الإمداد الوحيد للجيش السوري الذي يتصل بخناصر والسفيرة وصولاً الى مدينة السلمية. على هاتين الجبهتين وضعت الجماعات المسلّحة كل ثقلها لتطويق المدينة واختراق جبهات الدفاعية الأساسية فيها تمهيدًا للسيطرة عليها، هذه العمليات الهجومية حصلت بدعم لوجستي واستخباراتي واضح من تركيا وقطر بشكلٍ أساسي، فهاتان الدولتان وفّرتا لهذه الجماعات كل ما يلزمها من وسائط القتال والسلاح والاستطلاع بكل أشكاله، وصولاً الى الإشراف المباشر على التخطيط وإدارة العمليات القتالية.
تداعيات العملية معركة الشمال على مجريات الحرب في سوريا:
إنّ معارك حلب انطلاقاً من وقائع الميدان ومستجداته ستغير ملامح الجغرافيا والمزاج الشعبي في مناطق سيطرة الجماعات المسلّحة ما يؤدي الى تعميم المصالحات بعد إدراك الناس عقم الاستمرار في الحرب.
معارك اليوم في ريف حلب الشمالي لم تكن معزولة عن جهد مستمر للجيش السوري فمنذ والي السنة تغيرت فيه السيطرة على الجغرافيا بشكل كبير وهو أمر ذكرناه في اكثر مناسبة. أهمية معارك اليوم انها تسير بسرعة كبيرة وستكون اهدافها المباشرة قطع طريق امداد الجماعات المسلّحة عند الكاستيلو، وستؤمن للجيش السوري الاشراف والسيطرة على هذا الطريق وصولاً الى اعزاز وما بينهما تحرير مدينتي نبل والزهراء التي باتت وحدات الجيش السوري على بعد 4 كلم منهما وهي مسافة لا تعتبر كبيرة خصوصاً أنّ القوات المدافعة عن المدينتين استطاعت الصمود لفترة طويلة بمواجهة حصار خانق.
العملية التي ينفذها الجيش السوري تزامنت مع هجمات للجيش السوري على محاور عديدة بهدف إشغال الجماعات المسلّحة وعدم السماح لها بالقيام بعمليات دعم على وجهة الهجوم الرئيسية التي لم تستطع الجماعات المسلّحة تحديدها بدقة، وهو ما يؤشر على حسن التخطيط والاشراف وادارة العمليات التي ينفذها الجيش السوري.
إنّ وصول وحدات الجيش السوري لاحقاً الى أعزاز سيؤمن له فصل الجماعات المسلحة في الريف الشمالي الشرقي عن الريف الشمالي الغربي ويقطع عنها خط امداد رئيسي مما يصعّب على هذه الجماعات الحصول على امدادها، حيث ستعتمد اكثر على خطوط امداد من ارياف ادلب، وهو أمر سيصبح متعذراً اذا ما استكمل الجيش السوري عملياته في الجنوب الغربي لمدينة حلب باتجاه خان طومان والزربة.
في الجانب السياسي ستعجل هذه العملية العسكرية من خطوة المصالحة في الاحياء الداخلية لمدينة حلب ممّا سينعكس إيجابيًا على الحياة في العاصمة الاقتصادية لسورية، ويعيد تنشيط قطاعات واسعة ويضعها في الإنتاج مرة جديدة من خلال إعادة تشغيل أكبر عدد من معامل المدينة الصناعية في حلب التي تُعتبر من اكبر المدن الصناعية في الشرق الأوسط.
إنّ السيطرة على قرى باشكوي وحردنتين ورتيان ليس أمراً عابراً ويشكل رأس السهم في تغيير جذري لخرائط السيطرة في ارياف حلب، وسيؤدي الى انهيارات كبيرة في صفوف الجماعات المسلحة وسيتبعه سقوط متوقع في كفرحمرة والليرمون حيث لن تستطيع هذه الجماعات الاستمرار طويلًا في هذه المناطق بعد إحكام الجيش السوري سيطرته على بيانون وحيّان وعندان وحريتان، وهي بالتأكيد ستكون الهدف اللاحق للجيش السوري
اهم النتائج العسكرية في ضوء المعركة الأخيرة...واستراتيجية المرحلة المقبلة:
ميدانيا، لم يعد امام المجموعات المسلحة الممزقة سوى العودة من حيث اتت قبل عامين ونصف عندما غزت المدينة الموالية بمعظمها و اعادة تجميع قواتها في الريف الشمالي الشرقي، بعد ان اصيبت بنكسة كبيرة في الدفاع عن خطوط الامداد واخفقت في تفعيل غرفة عمليات مشتركة، وتحييد الخلافات بين جبهة النصرة، واحرار الشام، وجيش المجاهدين.
اما تكتيك للجيش في معركة الاحياء بعد احكام الحصار فمن المنتظر ان يتابع الجيش السوري المعركة نحو الاحياء الداخلية في الشعار والشيخ سعيد وبني زيد وهنانو وصلاح الدين وبستان القصر وغيرها بعد اكمال الطوق على كامل المدينة ، حيث لا يزال المسلحون متمركزين، وحيث لا يزال عشرة بالمئة من اهل المدينة يقيمون فيها اي نحو ۲۰۰ الف حلبي.
لكن تكتيك القضم وتثبيت خطوط الاسناد، لا يزال هو المرجح. سيواصل الجيش التقدم ببطئ نحو النقاط المشرفة، والعقد الاستراتيجية، لتفادي الخسائر الكبيرة في المعركة، خصوصا ان الاحياء الحلبية الشرقية، تعرضت لدمار كبير تحت القصف المتواصل، وتحولت الى كتل خرسانية، لن يكون من السهل القتال بين ازقتها.
ختاماً: اذا اليوم نحن امام واقع جديد فرضه المنطق. فكما صرح الاعلام الصهيوني عن ضياع تعب سنة كاملة في انشاء ودعم جيش لحد في الجنوب السوري ...لانستغرب ان يطل قريبا اوردغان او امير قطر ليحدثانا كيف ذهب تعب 4 سنين هباءا ً منثورا .ً