الوقت - ثمان ساعات فقط كانت كفيلة بإنهاء بروباغندا العظمة التي كان يعيشها المسلحون في حلب وضواحيها، ثمان ساعات كانت كافية للجيش السوري وحلفائه لقض مضجع كل من هول على أهالي حلب وقصفهم بالقذائف طوال الفترة الماضية، فعادت الأرياف والضواحي إلى كنف الوطن واخضرّت عيونها من جديد.
بني زيد الخاصرة الرخوة سقطت
حي بني زيد يقع على تخوم أحياء حلب الغربية واعتبر خاصرة حلب الرخوة طوال فترة الأزمة في شمال سورية بسبب تواجد الإرهابيين فيه و عملهم على استهداف أحياء المدنيين في حلب بقصف عشوائي أدى لاستشهاد آلاف المدنيين طوال الفترة الماضية، ويكتسب حي بني زيد أهمية استراتيجية لجهة حسم معارك حلب نظرا لموقعه الجغرافي وشدة التحصينات التي اقامتها العصابات فيه على مدى 4 سنوات والبنية غير المنظمة والمتشابكة لأبنيته التي هي بالأساس عشوائيات أقيمت على هامش المدينة.
وهنا كانت المفاجأة بأن انهيار المسلحين في هذه النقطة الحساسة من حلب كان سريعاً، ففرّت القيادات من أرض المعركة بمجرد السيطرة على طريق الكاستيلو وإعلان تقدم القوات السورية نحو حي بني زيد، وخلال ساعات فرّ المسلحون وأخذ مكانهم جبهة النصرة ومجموعات أخرى غير خبيرة في خبايا بني زيد وأبنيته، وقبل أن تتأقلم هذه المجموعات قام الجيش السوري وحلفاؤه بمباغتتهم سريعاً ما ادى إلى تفرقة صفوفهم وانهيارهم سريعاً هم أيضاً، وهكذا انتهت حكاية المعاناة من أذية المسلحين في هذا الحي الحلبي، فالسيطرة على هذا الحي ستحد من القصف الذي يتعرض له المدنيون في الأحياء المجاورة في داخل حلب فضلاً عن قطع خط امدادهم نحو حريتان والريف الغربي لحلب.
هذا والجدير بالذكر ان الجيش سيطر على مخازن ومعامل كبيرة لتصنيع القذائف وصواريخ جهنم التي تصنع من قبل المسلحين، فضلاً عن آليات وعتاد كثير.
مستودعات ضخمة تحوي قذائف و صواريخ جهنم بالإضافة لعشرات الصواريخ في المعامل الملاصقة لحي بني زيد و التي تم السيطرة عليها
معامل الليرمون كاملة والسكن الشعبي باتوا في قبضة الجيش السوري أيضاً
ولم تنته المعركة عند حي بني زيد بل كانت القوات السورية تتقدم على غير جبهة مستفيدة من الإنهيار السريع للمسلحين، فاستطاع الجيش السوري تحقيق نصر جديد في محيط مدينة حلب فسيطر على كامل معارك الليرمون، بذلك تكون قد توقفت الإمدادات عن المسلحين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، وتابع الجيش زحفه بدعم من الحلفاء للإنقضاض على السكن الشعبي وتطهيره أيضاً والذي شهد سقوط عدد من القيادات في المجموعات المسلحة منهم قائد حركة نور الدين الزنكي في حلب "عمار شعبان" وذلك في مخيم حندرات الذي بات تحت نيران الجيش وقصفه وأصبح قريباً من السقوط أيضاً.
ممرات آمنة للمدنيين، وفتح باب العفو امام المسلحين
بعد كسر الجيش السوري سيطرة المسلحين على أحياء ريف حلب ومحيطها قام الجيش بالتنسيق مع الروس والحلفاء بفتح ثلاث ممرات آمنة لخروج المدنيين من الاحياء التي باتت تحت الحصار أو في مناطق الإشتباك، كما صدر بيان حول السماح للمسلحين بتسليم سلاحهم والخروج من حلب او حتى البقاء في المدينة وتسوية أمورهم مع الدولة التي فتحت باب العفو العام لمن يسلم سلاحه ويسوي أوضاعه وذلك بمرسوم من قبل رئيس الجمهورية الدكتور بشار الأسد، ولنشر الخبر قامت مروحيات الجيش برمي المناشير فوق كافة المناطق المعنية.
الممرات الآمنة مفصلة في المناشير التي ألقاها الجيش السوري
ولكن في الساعات الأولى من مبادرة الجيش منع المسلحون المدنيين دون الخمسين عاماً من المغادرة، ولكن في الساعات الأخيرة قامت ثلاث فصائل من المسلحين بعقد اتفاق مع الجيش السوري بتسليم سلاحهم وتسوية أوضاعهم وذكر ان مسلحين سيخرجون من الكلاسة وبستان الباشا بعد تسليم عتادهم وسيتجهون بعد ذلك نحو ريف حلب غرباً.
بعض المناشير التي ألقيت في حلب
المعركة الحلبية ترافقت مع معارك في الغوطة الشرقية بريف دمشق
رافق المعركة الحلبية تكتيك نشر المعارك وتشتيت المسلحين فقام الجيش السوري وحلفاؤه بعمليات عسكرية استطاعوا على إثرها استعادة حوش الفارة ومزارعها الإستراتيجية، فبعد محاولة المسلحين تدعيم تحصيناتهم ووجودهم تمكن الجيش وحلفاؤه ومن خلال القصف المركز والخطة المحكمة بالفتك بكل ما أعده المسلحون، وبهذا الإنجاز يكون الجيش قد قطع الطرق على المسلحين نحو البادية وبالتالي الأردن فضلاً عن احكام الطوق حول الغوطة وتأمين المساحة الآمنة حول العاصمة دمشق، والجدير بالذكر ان هذا الإنجاز رافقه عمليات قضم في عدة مناطق محيطة بالغوطة الأمر الذي زاد التضييق على المسلحين في دوما.
أما الآن فيبقى الإنتظار سيد الموقف لمعرفة الخطوة القادمة في معركة الشمال خصوصاً في ظل الإنشغال التركي عن هذه المعركة بسبب أزمته الداخلية، فماذا بعد؟ دعونا نرى ما سيُنجز في الأيام والساعات القادمة.