الوقت- كتب محمد الزكزاكي، نجل الزعيم الشيعي الشيخ ابراهيم الزكزاكي المعتقل لدى السلطات النيجيرية رسالة مفتوحة شرح فيها معاناته، جاء فيها: لم أكن أبداً قادراً على أن أفقد ذاكرة الطفولة، ورغم أنها امر شخصي لا أحب أن أتقاسمه مع أحد، لكني أشعر أنه من الأفضل أن أنشرها لأنني خسرت كل شيئ وكل سبب للحياة.
وأضاف محمد الزكزاكي: أدعو جميع أولئك الذين يعتقدون بحق الإنسان في العدالة والكرامة بذل الجهود والإنضمام إلي.
وجاء في الرسالة: أنا محمد إبراهيم ، معروف بين أصدقائي بـ"إبراهيم" مع العديد من الأسماء المستعارة. عندما كنت في السادسة من العمر كنت أقتل الفئران في المنزل. إن تجربة قتل الفئرات كانت مؤذية وتجربة لا يمكن أن أنساها، ولا أستطيع أن أتصور نفسي أقتل أي شيئ أكبر من البعوظة دون الشعور بالذنب، إلا أنه هناك رجال مدججين بالسلاح ذبحوا جميع إخواني، وقتلوا معهم الرجال والنساء والأطفال معهم، وكأن شيئا لم يكن. أطباء وممرضين ومهندسين وفنيين وصحفيين ورجال والنساء من جميع المهن. الأصدقاء والأسرة، وكبار السن والشباب، قتلوا بوحشية من قبل الجيش الذي كان يفترض به أن يحميهم!
قبل أيام قليلة، قدّمت اللجنة التي شكلتها حكومة ولاية كادونا، تقريرا عن النتائج التي توصلت إليها، عن المجزرة والدمار الذي لحق بالأبرياء على يد عناصر يمثلون الجيش النيجيري، فهناك أكثر من ألف شخص في عداد المفقودين، ودفن 340 شخصا في مقبرة جماعية، واعتقل المئات وتم تدمير ممتلكات بمئات الملايين.
وعلى الرغم من عدم حضور أي ممثل عن الحركة الإسلامية في هذه اللجنة، إلا أنني سأتابع نتائج التحقيق، خاصّة أن اللجنة بدأت تتحول من لجنة للتحقيق في قضية القتل والتدمير، إلى لجنة للتركيز على البعد الطائفي.
يدعي قسم الخدمات العامة (DSS) أن والدي في "سجن وقائي" لأنه مصاب، ووفقا لمحاميه، واجب الخدمات الحكومية أن تحمي المواطنين المصابين! الأسوأ من ذلك كله، أنهم يدعون أن خمسة ملايين نايرا (العملة النيجيرية) تنفقها الادارة للحفاظ على صحته.
لا أستطيع أن أتحمل مشاهدة قتل الناس الأبرياء، بينهم أشقّائي الثلاثة. وعلى الرغم من أن والدي ووالدتي ليسوا في السجون، ولكنهم لا يعشيون براحة وأمن.
لقد قتل الجيش النيجيري خلال الأشهر الثمانية الماضية، الآلاف من الناس الأبرياء، بمن فيهم إخواني وعمتي والكثير من أقاربي، أطلقوا النار سبع مرات نحو والدتي، والدي بالإضافة إلى فقدان إحدى عينيه، يعاني من الشلل في الذراع والساق. ورغم أنهم في مثل هذه الحالة ليس لديهم إمكانية الوصول إلى المشورة الطبية أو القانونية في حين يدعي قسم الخدمات العامة (DSS) حمايتهم. لقد إستخدموا خلال الأشهر الماضية أسوء الطرق ضدّنا في وسائل الإعلام حيث شوّهوا سمعتنا عبر الشتائم والتشهير.
رفض قسم الخدمات العامة (DSS) طلبي في معاينة والدي من قبل الطبيب لأعذار إدارية. لقد تسنّى لي رؤية والدي خلال الأشهر الثمانية الماضية 4 مرات فقط.
لو صح إدعاء المحامين أنهم يحافظون على والدي، أريد أن أتوجه إليهم ببعض الأسئلة التي لم أحصل على أجوبتها حتّى الساعة: ما هو التهديد الذي سيحصل من خلال اللقاء مع الأسرة؟ ما الذي يجعل الطبيب تهديدا؟ لماذا يعد وصول والدي إلى المحامي تهديداً؟ نظرا لخطورة وضعه الصحي واحتمال اصابته بالعمى، لماذا لايحق لأي طبيب معاينته؟
صحيح أنني ضعيف وعاجز في مواجهة مثل هذه المستويات من الكراهية المتهورة والوحشية التي لا حدود لها. لكن الشيء الوحيد الذي يمكنني القيام به الآن هو تقديم شكوى للاحتجاج، والاحتجاج بأي وسيلة متاحة.
أريد أن أدعو جميع الذين يؤمنون بالإنصاف والعدالة والكرامة حقا ثابتا لجميع البشر، للمساعدة من خلال الانضمام إلي في بذل جهود مضاعفة. يجب أن نحتج على هذه السلسلة من الإعتداءات التي يبدو أنها لا تنتهي، يجب علينا أن نجعل صوتنا مسموعا. يجب علينا أن نعمل قبل فوات الأوان، يجب علينا أن نظهر أينما كنا قادرون. سأمشي على قدمي من منزل والدي في زاريا إلى أبوجا، سأتوقف الأكل والشرب.
ليس هناك وقت، والله على ما أقول شهيد. يحتاج والدي للوصول إلى الأطباء الآن! نعم الآن. والله على ما أقول شهيد أقسم أنه بعد أن نجا مما لا يمكن تصوره، حاليا قد تعب وسيصل إلى مرحلة العمى، والشلل يجري ببطء في جسده. لقد طفح الكيل. دعونا نرسل الأطباء، دعونا نحفظ عين والدي.
محمد ابراهيم الزكزاكي