الوقت – منذ بدء الازمة السورية التي اشتعلت نيرانها بفعل التدخلات الخارجية سعى اكراد هذا البلد الى احكام سيطرتهم على مناطق تواجدهم لكن حصلت هناك مواجهة بينهم وبين اكراد العراق توسعت دائرتها مع مرور الزمن.
وقد بادر رئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارزاني الى تشكيل قوات كردية تحت اسم "بيشمركة روج آفا" واعلن في وسائل الاعلام الرسمية ان هذه القوة سترسل الى المناطق الكردية في سوريا لحماية الاكراد لكن هذا المشروع فشل وسيطر حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الذي يقوده صالح مسلم على مجريات الامور في المناطق الكردية في سوريا وتم قطع الطريق على بارزاني.
وقد اعتبرت تركيا الساعية الى اسقاط النظام السوري حزب الاتحاد الديمقراطي امتدادا لحزب العمال الكردستاني ورغم الصداقة الموجودة بين انقرة واكراد العراق اختارت تركيا العداوة مع اكراد سوريا علنا.
ان منع دخول القوات الموالية لبارزاني الى المناطق الكردية في سوريا تسبب بايجاد توتر بين اكراد سوريا والحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي الذي يقوده مسعود بارزاني، ويعتبر صالح مسلم حزب بارزاني مواليا لتركيا وقد صرح يوم الاثنين الماضي لوسائل الاعلام الكردية في سوريا ان حزب بارزاني لايهتم بمصالح الاكراد وان مصالح وقضايا مثل التجارة والنفط والمال اوجدت المواقف المشتركة بين تركيا وحزب بارزاني.
واضاف صالح مسلم: ان تركيا تغلق حدودها امامنا لأنها تعادينا لكن لماذا يقوم الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي ايضا بمثل هذه الخطوة؟ هل انهم يريدون منع ايصال الاحتياجات الاساسية لاهالي المناطق الكردية في سوريا؟ ان هذه العقوبات ادت للاسف الى وفاة عدد من جرحانا، ان اغلاق الحدود من قبل اقليم كردستان العراق استمر لشهور في بعض الاوقات والحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي لايسمح بوصول الاحتياجات الطبية الاولية الينا.
ويعتبر صالح مسلم وجود القوات المسماة بالبيشمركة سببا لحدوث توترات امنية ويقول: مع وجود وحدات الحماية الكردية والقوات العسكرية لاكراد سوريا فلا حاجة لتشكيل قوات باسم البيشمركة التي وجدت بدعم ورعاية اجنبية وهي معادية للاكراد.
وهكذا يبدو واضحا ان العلاقات بين الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي وحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا تمر بمرحلة من البرودة والتوتر لم يكن يتوقعها الاكراد.
ويتهم حزب الاتحاد الديمقراطي الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي بتهديد امن المناطق الكردية في سوريا بالتواطؤ مع تركيا، وفي المقابل يواجه حزب الاتحاد الديمقراطي تهما بالاستئثار السياسي والامني في المناطق الكردية في سوريا، ولم يؤد ارسال بارزاني لقسم من قوات البيشمركة التابعة له الى مدينة كوباني حين هجوم داعش عليها الى ترطيب الاجواء مع اكراد سوريا.
ويؤكد اكراد سوريا انهم لايريدون تكرار تجربة اقليم كردستان العراق ويقولون انهم لايطيقون وجود قوتين عسكريتين في آن معا في مناطقهم كما هو الامر في كردستان العراق كما انهم لم يقرروا ابدا الانفصال عن سوريا لانهم لايؤمنون بايجاد دولة جديدة للاكراد ويفكرون بحفظ حقوقهم في دولة سورية ديمقراطية وموحدة.
ووسط هذه العلاقات الباردة بين قسم من اكراد سوريا والعراق استطاع حزب الاتحاد الديمقراطي توسيع علاقاته مع الامريكيين والروس وهذا ما افقد اوراق ضغط الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي قيمتها، ومن جهة اخرى تحتفظ باقي الاحزاب الكردية الموجودة في كردستان العراق وخاصة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني العراقي بعلاقات طيبة جدا مع حزب الاتحاد الديمقراطي العراقي ولاتشارك في ممارسة الضغط على هذا الحزب الكردي السوري والتي يقوم بها الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي.
وقد استغل حزب الاتحاد الديمقراطي هذه الفرصة وهذا الفراغ واوجد لنفسه قاعدة سياسية كبيرة في اقليم كردستان العراق (الكيانات الكردية السورية لديها مكاتب تمثيل رسمية في مدينة السليمانية العراقية رغم معارضة الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي لذلك) وهكذا يتضح ان العلاقات الباردة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي وحزب الاتحاد الديمقراطي سوف لن تشهد تحسنا بل ستصبح جزءا من التنافس السياسي الموجود بين الحزبين الكبيرين الموجودين في اقليم كردستان العراق ايضا.
ان استمرار تقدم اكراد سوريا الذين يقودهم حزب الاتحاد الديمقراطي نحو الرقة وسيطرتهم على المزيد من المناطق الحدودية لسوريا والعراق ينذر بوقوع المزيد من الاحتكاك والتوتر بين هذين المكونين الكرديين في سوريا والعراق خاصة اذا علمنا ان الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي يعتبر كل هذا التوتر مؤامرة لحزب العمال الكردستاني من اجل الحد من نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي وتحجيم هذا الحزب في كردستان العراق والمنطقة.
ان هذه التوترات تثبت ان اكراد سوريا والعراق وجميع المكونات الكردية في بلدان المنطقة ليست لديها رؤية واحدة تجاه قضايا الاكراد الرئيسية ومن المتوقع ان نشهد المزيد من البرودة في العلاقات بين الاكراد في العراق وسوريا وتركيا مع استمرار الاوضاع الراهنة.