الوقت- تتجه العلاقات بين روسيا والدول الغربية نحو مزيد من التوتر يوما بعد يوم على خلفية الازمة الاوكرانية والدرع الصاروخي والعقوبات الغربية ضد روسيا وتوسع حلف الناتو شرقا، وبما ان هذه القضايا تعتبر من اهم التحديات المطروحة على الساحة الدولية والتي تترك تأثيرا بالغا على مجمل القضايا والازمات الدولية المختلفة.
بعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم والتغييرات التي شهدتها العاصمة الاوكرانية "كييف" ومجيء حكومة موالية للغرب الى سدة الحكم وقيام موسكو بدعم الانفصاليين في شرق اوكرانيا، فرض الغرب عقوبات على روسيا في اطار المواجهة بين الجانبين وكانت الذريعة ان بعض دول شرق اوروبا قلقة من قيام روسيا باتخاذ خطوات مماثلة تجاهها.
وفي الحقيقة فإن دولا مثل بولندا والتشيك والمجر التي كانت في السابق ضمن معسكر الشرق وكذلك ليتوانيا واستونيا ولاتفيا وهي من الجمهوريات السوفيتية الـ 15 السابقة هم الان اعضاء في الاتحاد الاوروبي وكذلك اعضاء في الناتو وهذه الدول هي التي تجر الناتو والاتحاد الاوروبي نحو مواجهة روسيا واتخاذ اجراءات للوقوف في وجه التهديدات الروسية المحتملة.
ومن جهة اخرى تعتقد روسيا ان الدرع الصاروخي الغربي التي يدعي الغرب أنه موجهة ضد الخطر الايراني هي في الحقيقة تهدف الى ممارسة الضغط على موسكو وتم نشرها في دول شرق اوروبا.
ان رادارات هذه الدرع الصاروخية هي موجودة في رومانيا وصواريخها موجودة في تركيا لكن بعد ابرام الاتفاق النووي بين ايران والدول الست يحتج الروس بأن التهديد الايراني المزعوم قد ازيل ويجب وقف مشروع الدرع الصاروخية ولكن الناتو لم يوقف هذا المشروع ويتابعه بشكل جدي.
وفي المقابل تعتبر روسيا مشروع الدرع الصاروخي تهديدا قويا وشديدا ضد مصالحها القومية و أمنها القومي، ففي قمة دول الناتو التي عقدت مؤخرا في وارسو اثارت قضيتا توسيع حلف الناتو ونشر الدرع الصاروخي قلق روسيا بشدة، وفيما يتذرع الغرب بالتحركات الروسية في شبه جزيرة القرم لإتخاذ مثل هذه الخطوات المعادية لروسيا واعلان موسكو ان الدرع الصاروخي یعتبر تهديدا موجها لها يبدو ان هذه القضية ستخل بتوازن القوى بين روسيا والغرب وخاصة في اوروبا.
ان توسع الناتو شرقا خاصة مع انضمام اوكرانيا وجورجيا لهذا الحلف سيضيق الخناق على روسيا لذلك تعارض روسيا هذه المشاريع بجدية وفي المقابل لايتراجع الغرب عن مشاريع الناتو بذريعة تطورات شبه جزيرة القرم.
وكانت روسيا قد هددت من جهتها بنشر صواريخ اسكندر المتطورة في جيب كالينينغراد وكذلك نشر صواريخ متطورة مضادة للصواريخ في حدود شمال غرب روسيا، وتعتبر هذه الخطوات العسكرية رسالة موجهة الى الطرف الآخر بأن المعادلة المتعلقة بالاسلحة التقليدية والتي أرسيت بعد الحرب الباردة ربما سوف تنتهي وفي هذه الحالة ستبدأ مرحلة جديدة من التوتر في علاقات روسيا والناتو يمكن تسميتها بالتوتر البارد.
ان الاحداث الاخيرة والتهديدات المتبادلة بين روسيا والناتو هي أسوأ حالة يمكن توقعها لأمن اوروبا لأنه ليس من مصلحة اوروبا بأي وجه من الوجوه ان تتوتر علاقاتها مع روسيا الى هذه الدرجة.
واخيرا يجب القول ان واشنطن ترغب في وجود مثل هذه المنافسة والتحدي بين روسيا واوروبا لأن مصلحة امريكا هي عدم وجود علاقات ودية بين موسكو واوروبا لكي يستغل الامريكان هذه الخلافات لصالحهم، وهكذا يبدو لنا ان امريكا هي التي تدفع اوروبا نوعا ما نحو ممارسة ضغوط اكبرعلى روسيا.