الوقت- أفغانستان التي عاشت خلال الأشهر الماضية ظروفاً غامضة بسبب انتخاباتها الطويلة، ستواجه تحديات مختلفة. وأحد أهم هذه التحديات والمرتبط بأشرف غني، هو المفاوضات مع طالبان هذا البلد، مفاوضات السلام التي واجهت عوائق في العام الماضي في قطر، حيث فتحت حركة طالبان مكتباً سياسياً فيها.
إجراءات أشرف غاني والظروف المحيطة به، كانت مختلفة حتى الآن في بعض الجهات عن نظيره السابق أي "كرزاي". وعلي هذا الأساس، أعلن أشرف غني في الخطوة الأولى عن رسم استراتيجية شاملة واستخدام نسخة جديدة من محادثات السلام، التي كما قال تطوي مراحلها المبكرة ولكن أحد جوانبها الأكثر وضوحاً، هو الدور الصيني الخاص في هذا المجال.
فنظراً للعلاقة الوثيقة بين بكين وكابل وتفاؤل كلا الجانبين بالنسبة لمواقف الطرف الآخر، من وجهة نظر أشرف غني يمكن أن تكون الصين وسيطاً موثوقاً به لجميع الأطراف. ومن نفس المنطلق، لم تكن زيارته للصين وباكستان و السعودية فور انتخابه رئيساً لأفغانستان في أواخر سبتمبر، من قبيل الصدفة، لأن جميع هذه الدول الثلاث تلعب دوراً مهماً في إقناع حركة طالبان للتفاوض مع كابل.
وفي هذا السياق أعلن مستشار رئيس الوزراء الباكستاني للشؤون الخارجية والأمن القومي "سرتاج عزيز" عن اقتراح الصين لاستضافة مفاوضات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان. كما أشار أيضاً إلي أن باكستان تعتزم لعب دور إيجابي في عملية السلام الأفغانية، وصانع القرار في هذا الأمر هو أفغانستان. وقد أعلنت حركة طالبان مؤخراً خمسة شروط للانضمام إلى عملية السلام، وهي:
1 . إكمال تحرير أفغانستان عبر إنهاء احتلال هذا البلد من قبل القوات الأجنبية، تحت أي عنوان كان، والدفاع عن حدود البلاد.
2 . إقامة الدولة الإسلامية في البلاد وتنفيذ قوانين الشريعة.
3 . إحلال السلام والأمن في جميع أنحاء البلاد.
4 . مشاركة القوميات الأفغانية في الحكومة وفقاً للقدرات والطاقات.
5 . حصول جميع الأفغان دون تمييز وعنصرية، علي التعليم والاقتصاد والرعاية الصحية والثقافية والاجتماعية بالتساوي.
علي الرغم من أن بعض شروط طالبان ليست جديدة وقد تكررت في الماضي أيضاً، ولكن وفقاً للمناقشات التي جرت مؤخراً والتي أوحت باستعداد طالبان للسلام مع الأمريكيين في أفغانستان، فإن تكرار الشروط السابقة يمكن أن يكون تحذيراً للغرب، وأن تدخل أنباء المفاوضات التي تجريها الحركة مع الدول الأجنبية في أفغانستان من وراء الستار، في هالة من الغموض.
وكما يبدو أيضاً أن باكستان وبعد هجوم حركة طالبان الباكستانية علي مدرسة للجيش الباكستاني، والذي أسفر عن مقتل 146 طالباً في سن 9 إلى 16 عاماً، قررت التعاون مع أفغانستان في مكافحة الإرهاب. ومع ذلك، فإن هذه الجهود حتى الآن كانت من جانب واحد، وقادة حركة طالبان الأفغانية لم يتجاوبوا مع أي من هذه المقترحات، ومن خلال الإعلان عن الشروط الخمسة أظهروا في الواقع بقائهم على الشروط السابقة. ولذلك لم تتكون حتي الآن رؤية واضحة للسلام مع حركة طالبان.
ما أعاق هذا السلام هو مطالب حركة طالبان التي لا يستطيع أشرف غني قبولها والقيام بتطبيقها، مثل عدم تنازلهم عن مطلب تغيير الدستور وإلغاء المعاهدة الأمنية وحتي تفويض السيطرة على أجزاء من أفغانستان لهذه الحركة بشكل كامل.
