الوقت - توفيت النائب في البرلمان البريطاني عن حزب العمال جو كوكس، الخميس، عقب تعرضها لإطلاق نار وعملية طعن في بلدة بريستال شمالي بريطانيا. قتل النائب البريطانية يأتي متزامناً مع المخاوف التي يثيرها الاستفتاء الذي تعتزم بريطانيا اجراءه يوم 23 يونيو/حزيران الجاري بشأن الخروج أو البقاء ضمن الاتحاد الاوروبي، مخاوف كبيرة وجدل أكبر داخل بريطانيا والعديد من دول ومنظمات العالم، لما يحمله قرار البريطانيين من انعكاسات سياسية واقتصادية.
في هذا السياق أكدت الشرطة البريطانية مقتل النائب جو كوكس متأثرة بجراحها إثر تعرضها للهجوم، وتعهدت بفتح تحقيق شامل لكشف دافع منفذ الاعتداء على النائبة. وقال نيك والين قائد شرطة ويست يوركشير (شمال إنكلترا) في بيان "لقد وجهنا للتو تهمة القتل إلى توماس مير (52 عاما) من بيرستال، وسيمثل اليوم (السبت) أمام قضاة محكمة وستمنستر" في وسط لندن. ويواجه توماس مير عدة تهم، من بينها القتل، والإيذاء الجسدي الشديد، وحيازة سلاح ناري بقصد ارتكاب جريمة جنائية، وحيازة سلاح هجومي، حسبما أكد نيك والن.
هذا وكانت كوكس قد تلقت في وقت سابق رسائل واتصالات تهديدية في مارس من العام 2016، وعملت الشرطة على اثرها بمتابعة الموضوع وألقت القبض على رجل في ذلك الحين لكن وفق تصريح الشرطة فإنه ليس الرجل البالغ من العمر 52 عاما المحتجز في غرب يوركشير بعد القبض عليه قرب مسرح الجريمة. من جهتها قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية: إن السلطات البريطانية تركز على أمر واحد بالتحديد في قضية مقتل النائب جو كوكس، وهو الدافع وراء قتلها.
وكانت كوكس النائب في البرلمان عن حزب العمال تؤيد بقاء بريطانيا في الاتحاد الاوروبي. وقال والين إن كوكس "تعرضت لهجوم وأصيبت بجروح خطيرة بسلاح ناري وسكين، ورغم مساعدة بعض المارة وخدمة الإسعاف ورجال الشرطة الذين وصلوا بسرعة إلى المكان توفيت مع الأسف متأثرة بجروحها". واغتيلت كوكس (41 عاما) في وضح النهار أمام مكتبة تلتقي فيها عادة بأهالي دائرتها. وهي أم لطفلتين (3 و5 سنوات)، وكانت عاملة سابقة في المجال الإنساني ومعروفة بدفاعها عن اللاجئين السوريين. وهي أول عضو في البرلمان البريطاني يغتال منذ مقتل النائب إيان غو على يد مسلحي الجيش الجمهوري الايرلندي في تفجير سيارة مفخخة عام 1990.
مقتل كوكس ادانه المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، والذي اعتبر اغتيالها جريمة سياسية موجهة لكل القيم التي كانت تدافع عنها، وشدد على أن مقتلها خسارة للقضية الفلسطينية لدعمها المستمر للحقوق الفلسطينية وتعاطفها مع معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال الإسرائيلي.
وعرفت جو كوكس بمواقفها الإنسانية وتأييدها للقضية الفلسطينية وللشعب السوري، وكانت ترأس لجنة البرلمانيين لأجل سوريا، كما عملت في منظمات إغاثية بريطانية مشهورة. وأكد المنتدى الفلسطيني في بريطانيا في بيان صادر عنه، أن كوكس عرف عنها دفاعها الدائم عن قيم العدالة والحرية وحقوق الإنسان ومطالبتها بالتعايش السلمي في المجتمع والمساواة بين كل المواطنين ورفض العنصرية والكراهية.
وكانت وسائل إعلام بريطانية ذكرت، في وقت سابق من الخميس، أن إصابة كوكس (41 عاما) كانت خطيرة. واعتقلت الشرطة البريطانية رجلا يبلغ من العمر 52 عاما عقب حادثة إطلاق النار. حادث إطلاق النار على كوكس وقع في بلدة بريستال (شمال إنجلترا)، وقد أشار مقال بصحيفة الإندبندنت إلى أن توماس ماير الذي اعتقل بسبب مقتل كوكس يعتقد بأن له ارتباطات قديمة مع جماعة يمينية متطرفة في لندن كانت تکافح لسنوات عديدة من اجل مغادرة بريطانيا الاتحاد الاوروبي، وذكرت الصحيفة أن اسم ماير برز في مادة نشرت على شبكة الإنترنت كمؤيد لنادي "سبرينغبوك"، وهو منظمة كانت تدافع عن نظام التمييز العنصري الابيض في جنوب افريقيا.
أما صحيفة غارديان فقد اعتبرت مقتل كوكس هجوما على الإنسانية والمثالية والديمقراطية، وقالت إن كل جرائم العنف تلوث مفهوم المجتمع المنظم، ولكن عندما ترتكب هذه الجرائم ضد أناس اختيروا بشكل سلمي لإرساء القواعد تكون الإهانة أعمق بكثير. وأشارت الصحيفة إلى غرابة الأمر؛ لأن العنف ضد نواب البرلمان في بريطانيا نادر الحدوث، ورأت أنه مهما كان السبب فإن الهجوم على أي نائب هو دائما هجوم على البرلمان، وختمت بأن الالتزام والقيم التي جسدتها كوكس هي كل ما تملكه بريطانيا لتكون في مأمن من الهمجية.
وفي السياق ذاته، رأت افتتاحية تلغراف مقتل كوكس عملا فظيعا ومشينا، لأن حياتها كانت درسا في الخدمة العامة، فقد خدمت بجمعية خيرية ونائبة محلية متفانية وكانت صوتا للمحرومين، وكل من عرفها وصفها بالسياسية المثابرة والودودة، وكانت أيضا زوجة وأمًّا لطفلين صغيرين.
من جانبها، كتبت تايمز في افتتاحيتها أيضا أن قتل النائبة كوكس في وضح النهار أرجأ الاستفتاء على بقاء بريطانيا أو خروجها من الاتحاد الأوروبي يوما وفاء لها. ووصفت الصحيفة الحدث بالمأساة، وأنه أيضا هجوم على الديمقراطية، وتذكرة قوية بأمر مهم في الحياة العامة البريطانية وهو أن النواب يقومون برحلات مكوكية أسبوعيا بين لندن ودوائرهم الانتخابية يستضيفون خلالها لقاءات ويتحدثون إلى جماهير لا يعرفونهم في وجود أو عدم وجود أمن، ونادرا ما يُشكرون على الجهد الكبير الذي يبذلونه.
هذا وشارك المئات في بريطانيا في وقفات تضامنية، الجمعة، حدادا على مقتل النائبة العمالية البريطانية جو كوكس في اعتداء بسكين وسلاح ناري في دائرتها الانتخابية شمالي البلاد، فيما ذكرت منظمة حقوقية أن المشتبه بأنه القاتل من أنصار مجموعة للنازيين الجدد تتخذ من أمريکا مقرا لها.
وأقيمت إحدى الوقفات في كنيسة بيرستال غرب يوركشير، مسقط رأس النائبة، والأخرى خارج مقر البرلمان في ويستمنستر وسط العاصمة لندن، كما نكست الأعلام إلى نصف الصاري في منطقة مجلس الوزراء «وايت هول»، وعلقت حملات الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لمدة 24 ساعة حدادا على كوكس الداعمة للبقاء ضمن الاتحاد، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".