الوقت - نزل كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مقابلته الأخيرة التي أجراها مع قناة الميادين، برداً وسلاماً على العلاقة مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس). حماس لم تتأخّر في تأكيد حصول تقارب وعودة الى حضنها الدافئ "محور المقاومة" وذلك عبر رسالة وجّهها قائد كتائب القسام محمّد الضيف،إلى السيد نصرالله، معزّياً بشهداء القنيطرة في 19 كانون الثاني/يناير.
خطاب السيد نصرالله الجديد بعد قطيعة أو فتور دام لأكثر من ثلاث سنوات اثر تباين الرؤى في الأزمة السورية لم يأت بين يوم وليلة، بل إن الفترة الأخيرة شهدت لقاءات بأشكال متعددة بين قياديي حماس وحزب الله، كما أن الظروف الإقليمية دفعت حماس لإعادة ترتيب علاقاتها مع محور المقاومة رغم استمرارالخلاف حول الموضوع السوري، بدأً من ايران مروراً بحزب الله، وربما وصولاً الى سوريا.
عملية مزارع شبعا للرد على شهداء القنيطرة، مثّلت فصلاً جديد من فصول التقارب بين حزب الله وحماس، فهناك رفع الغزيون رايات الحزب وأصواتهم بالتكبير فرحاً بالعملية، وسارعت الفصائل الفلسطينية في مقدمتهم حماس إلى مباركة العملية، وإصدار بيان مبارك منذ الساعة الأولى للعملية.
حماس تدرك أن مشاعر "المحور" تجاهها هي هوية لا خيار فقط، وعدوان غزة الأخيرة الذي لم يبدأه العدو إلا بعد ما ترسخت لديه فكرة أن اقوى و أكبر فصائل المقاومة الفلسطينة تعيش حالة من العزلة عن حلافائها التاريخيين، وبناءً على ذلك ظن العدو ان ساعة الصفر قد حانت للقضاء على أكبر فصائل المقاومة, و بدأ العدو حملته ضد حركة حماس، لكن رياح "المحور" لم تجر كما تشتهي سفن الكيان الإسرائيلي، محوّلاً التهديد الى فرصةً، فلم يترك الشعب الفلسطيني المظلوم و"رفيق السلاح" في محنتهم كما فعل البعض، لا بل استفاد من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة لإعادة ترميم خطوط الإتصال مع حماس، ولسان حاله يردّد "فلسطين هي البوصلة".
الكيان الإسرائيلي كما بعض دول المنطقة لم ترق له هذه المصالحة، فهو الذي يريد عزل حماس للإنقضاض عليها، وبما أن هذا الكيان فشل في الحرب الأخيرة، عاد مجدداً عبر البوابة المصرية وتحت شعار"حماس فوبيا"، لعزل حماس وبالتالي توجيه ضربة موجعة لمحور المقاومة.
للأسف نجح الكيان الإسرائيلي وعبر بعض ادواته في الداخل المصري وبمساهمة بعض دول الخليج الفارسي التي تكنّ العداء والحقد الأعمى تجاه الإخوان في توريط حماس "البريئة" امام الله والمتضرّر الأكبر من هذه الأعمال، واتهامها بالوقوف خلف التفجيرات الإرهابية في سيناء، الأمر الذي أدى الى إصدار محكمة مصرية لحكم "سياسي" لضرب الإخوان قبل الإنتخابات يعتبر كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة منظمة إرهابية.
حماس السنية تدرك جيداً أن عودتها الى محور المقاومة سيُرتب عليها الكثير من التكاليف التي قد تفرضها بعض دول "محور الإعتدال" بتحريض من عدو الأمة لـ«نزع شرعية المقاومة لأجل تحرير فلسطين» عن أي جهة أخرى غير فلسطينية (ايران-سوريا-حزب الله) بالتالي حشر هذا المحور في هوية طائفية ومذهبية ضيقة،ولكن هيهات لأن ما تريد تفريقه السياسة تجمعة المقاومة، هناك في ساحة المقاومة الفتنة ميّتة ولن تنجح السياسة الأمريكية-الإسرائيلية في ايقاظها.
في الخلاصة، ما لم تجمعه السياسية وحّدته المقاومة، حماس وأبناء الشعب الفلسطيني الذين قدّموا الغالي والنفيس دفاعاً عن فلسطين وشرف الأمة الإسلامية لن يدخروا جهداً في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي كما أن كل الضغوط العربية-الغربية لن تثنيم عن محور وجدوا فيه خلاص الوطن والأمة، وهم يدركون جيداً أن هذا الكيان سينهار في ظل الوحدة السنية-الشيعية، لذلك إن رحلة حماس الأخير هي رحلة العودة بعنوان "اللاعودة".
