الوقت - بعد شنّ السعودية والدول الحليفة لها عدوانهم الظالم والوحشي على الشعب اليمني قبل أكثر من عام، فقدَ هذا الشعب كلَّ أملٍ وتفاؤل بشأن إمكانية التعايش مع النظام السعودي رغم الجوار التاريخي والعلاقات الإجتماعية والقبلية العريقة التي تربط شعبي البلدين خصوصاً على جانبي الحدود بين الطرفين.
وإستطاع الشعب اليمني بما يمتلك من شجاعة وصلابة وقدرة كبيرة على التحدي من الصمود بوجه العدوان السعودي الغربي - العربي بقيادة أمريكا بفضل وحدة وتماسك هذا الشعب وقيادة حركة أنصار الله رغم التحديات والمؤامرات الكبيرة التي حيكت ضد هذا الشعب في الدوائر الإستكبارية والصهيونية العالمية.
وباعتقاد جميع المتابعين تمكن الشعب اليمني وعلى الرغم من ضعف إمكاناته والحصار الشديد والشامل المفروض عليه من تمريغ أنف السعودية والقوى الحليفة في عدوانها على اليمن إلى درجة بات معها المراقبون يعتقدون بأن نهاية النظام السعودي باتت قريبة بسبب هزيمته المرّة والنكراء التي مني بها على يد اليمنيين وقواهم المقاومة بقيادة حركة أنصار الله.
ولم يكن يتصور السعوديون أنهم سيرغمون على الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع ممثلي الشعب اليمني ولكنهم أضطروا اليوم للقبول بالأمر الواقع بعد هزيمتهم المخزية رغم القصف الشديد الذي مارسته الآلة الحربية السعودية ومعها دول غربية وعربية كثيرة ضد هذا الشعب دون أن تتمكن من النيل من إرادته وصموده، ودون أن تتمكن من قتل حتى قيادي واحد من قيادات المقاومة اليمنية بزعامة أنصار الله.
ورغم التكاليف الباهظة التي أنفقتها السعودية لتركيع الشعب اليمني إلاّ أنها باءت بالفشل الذريع أمام صمود وصلابة هذا الشعب، ليس هذا فحسب؛ بل زاد تماسك وتلاحم هذا الشعب بعد شعوره بأن العدوان الذي إستهدفه إنما إستهدف في الحقيقة وحدته وعزته وكرامته وتاريخه المجيد ومستقبل أبنائه الذين ضحّوا بالغالي والنفيس من أجل نيل إستقلالهم وتحقيق سيادة بلدهم والعيش بحريّة بعيداً عن أيّ هيمنة أو تدخل أجنبي رغم شراسة الهجمة التي شُنت عليهم والقتل والوحشية والهمجية التي مورست ضدهم على يد الجماعات الإرهابية والتكفيرية الموالية للسعودية ومن يقف وراءها من الدول الإستكبارية والعميلة المرتبطة بها في المنطقة.
وقد إعترف الخبير السعودي العسكري المتقاعد "إبراهیم آل مرعي" مؤخراً بهذه الهزيمة المرّة وأذعن لقدرة وشجاعة الشعب اليمني وقيادة أنصار الله الباهرة على التخطيط العسكري، خصوصاً فيما يتعلق بتعبئة وتوزيع القوات اليمنية والمقاومة الشعبية على طول جبهات الحرب ضد السعودية.
وأقر "آل مرعي" أيضاً بأن الكثير من القبائل اليمنية في مدينة "تعز "جنوب البلاد أبتْ أن تكون مطية للسعودية في عدوانها على بلدهم رغم الأموال الطائلة والأسلحة الكثيرة والمتنوعة التي حاولت السلطات السعودية من خلالها إغرائهم بها لممارسة هذا الدور.
وسعت السعودية إلى بث الفرقة بين القيادات اليمنية خصوصاً بين حركة أنصار الله وحزب الإصلاح بقيادة علي عبد الله صالح لكنها فشلت في هذا الجانب أيضاً، بفضل حكمة ودراية هذه القيادات من جانب وإلتفاف الشعب اليمني حولها رغم المشاعر السلبية التي يحملها الكثير من اليمنيين تجاه علي عبد الله صالح بسبب المظالم التي تحملوها أثناء فترة حكمه الطويلة، لكنهم رجّحوا العضّ على الجراح من أجل الحفاظ على وحدة موقفهم وتوحيد قواهم تجاه عدوان غاشم إستهدفهم وإستهدف وجودهم كبلد وشعب ولم يستهدف فئة دون أخرى أثناء قصفه الشديد لمنازلهم وبناهم التحتية بما فيها المستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه ومستودعات الأغذية والأدوية.
وقد عبّر الشعب اليمني عن هذا التلاحم بأفضل صوره من خلال المسيرات الجماهيرية المليونية إلى جانب وقوفه لنصرة الجيش وقوى المقاومة اليمنية رغم الجراح والآلام الكبيرة التي تحملها هذا الشعب جراء القصف الهمجي الذي طال منازله وبناه التحتية والحصار الشديد والشامل الذي فرض عليه من قبل السعودية والقوى الحليفة لها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن السعودية وحلفاءها إستخدموا كل أنواع الأسلحة بما فيها المحرمة دولياً كالقنابل العنقودية ضد الشعب اليمني لكنهم لم يتمكنوا من ثني هذا الشعب عن الدفاع عن بلده رغم المآسي التي تحملها جراء قتل أبنائه ودفن أطفاله ونسائه تحت الأنقاض التي خلّفها القصف السعودي الغربي الوحشي على مدنهم وقراهم والذي لم يستثني شيئاً يمكن أن يستفيد منه هذا الشعب المظلوم.
ولم يقبل السعوديون أخيراً بالتفاوض مع ممثلي الشعب اليمني في الكويت إلاّ بعد أن أدركوا تماماً أن تركيع الشعب اليمني وهزيمته لا يمكن أن تحصل مهما إستمر العدوان والحصار. فالسعودية التي لم تكن تقبل في السابق حتى بالهدنة المؤقتة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اليمني رضخت أخيراً للتفاوض ليس حبّاً بالشعب اليمني؛ بل من أجل إنقاذ نفسها هي من هذا المستنقع، لأنها علمت تماماً إن إستمرار العدوان على الشعب اليمني معناه أن نهايتها قد إقتربت، ولابدّ لها من القبول بالتفاوض لمنع إنهيار نظامها الكامل على يد اليمنيين الأقوياء والمتحدين رغم ضعف الإمكانات وقلة الناصر وتفرج العالم على مأساتهم ومعاناتهم التي لايمكن تصورها من خلال مشاهدة بعض الصور والأفلام الوثائقية التي تتحدث عن هذه المأساة الإنسانية المروعة.
وتجدر الإشارة هنا إلى ما قاله قائد الثورة الإسلامية سماحة آية الله السيد علي الخامنئي حيث أكد مراراً بأن الشعب اليمني هو الذي سينتصر وهو الذي سيهزم أعداءه ويمرغ أنوفم بالتراب مهما حاولوا ومهما فعلوا رغم الفارق الكبير في الإمكانات العسكرية والإقتصادية بين السعودية وحلفائها من جانب والشعب اليمني وقواه المقاومة من جانب آخر.