الوقت- من دون تساؤلات أو استغراب، شيع الايرانيون الى مثواه الأخير قائدا عسكريا استشهد بعيدا عن حدود البلاد وهو العميد في الحرس الثوري محمد علي الله دادي الذي سقط في القنيطرة في الجولان السوري في هجوم مروحية اسرائيلية برفقة كوكبة من عناصر حزب الله، حيث بات الشعب الايراني يعلم بأن قادته العسكريين يديرون صراعا من العراق الى سوريا ولبنان وفلسطين ضد الاسرائيليين والارهابيين التكفيريين، فما هي دلالات هذا الهجوم الاسرائيلي وما هي تداعيات هذه العملية؟
يقول الاسرائيليون من خلال بعض التسريبات انهم لم يكونوا يعلمون بوجود جنرال ايراني في داخل المجموعة التي تم استهدافها في القنيطرة وهذا الكلام يعني بوضوح أنهم لايريدون فتح جبهة جديدة للصراع تكون فيها ايران طرفا مباشرا وهذا الكلام يعني الكثير حيث كانت اسرائيل قبل الآن تهدد ايران علنا على خلفية ملفها النووي وربما اكتشفت اسرائيل من خلال الحربين الاخيرتين اللتين شنتها على قطاع غزة مدى قوة الجبهة التي تقف امامها والتي تمتد الى ايران وبذلك ارادت الاعلان علنا انها لاتريد حربا أخرى .
اما الغارة الاسرائيلية نفسها فلايمكن وضعها خارج اطار الغارات الاسرائيلية التي شنت خلال الشهور الأخيرة على اهداف في داخل سوريا حيث تدعي اسرائيل انها تستهدف الامدادات التي ترسل الى حزب الله وتؤثر في موازين القوى، لكن الهدف الاسرائيلي الرئيسي من هذه الغارات قد يكون اكبر من هذا الهدف المعلن، فهناك من يعتقد بأن اسرائيل وبعدما اكتشفت بأن النظام في سوريا عصي على السقوط عمدت الى شن هذه الغارات التي لها تأثير نفسي اكثر من تأثيرها العسكري لكي تدفع الجماعات الارهابية التي تحارب الجيش والنظام السوري نحو تشديد هجماتها وذلك من أجل تأجيج الصراع في سوريا .
ان هزيمة الجماعات الارهابية المسلحة في سوريا وبقاء النظام السوري يعني انتصارا كبيرا لمحور المقاومة والممانعة في المنطقة وهذا ما لايريده الاسرائيلي الذي يتعاون مباشرة مع الجماعات الارهابية التكفيرية في سوريا ويمدهم بعتاد واسلحة ويعالج جرحاهم في مستشفياته ولذلك يمكن وضع الغارات الاسرائيلية على الاراضي السورية في هذا الاطار ايضا .
وفيما لايمكن القول بأن اسرائيل تعلن اهدافها من افعالها، يجب على المتابع لمسار الاحداث ان يخضع ما يقوله الاسرائيليون للتحليل الدقيق لكي يفوت على الاسرائيليين فرصة اللعب بعقول اعدائهم، فعلى سبيل المثال اعلنت بعض المصادر العسكرية الاسرائيلية ان غارة القنيطرة كانت ضربة استباقية لأن هناك معلومات لدى اسرائيل تفيد بأن حزب الله سيجتاح منطقة الجليل انطلاقا من الجولان السوري خلال أية حرب ستندلع بين الجانبين وهذا ما يمكن الرد عليه بأن الدولة السورية هي سيدة الموقف على اراضيها وان قيام حزب الله بالهجوم على الجليل انطلاقا من الجولان يعني نشوب حرب حقيقية ومفتوحة بين سوريا واسرائيل وهذا ما لايريده الجانبان .
وربما ارادت اسرائيل ان تبعث برسالة الى حزب الله وسوريا بأنها سوف لن تسكت عن تنفيذ عمليات لحزب الله او جماعات مقاومة أخرى انطلاقا من الجولان السوري على كيان الاحتلال وقد اوصلت رسالتها، لكنها تكون هكذا قد اخطأت في حساباتها لأن الرد سرعان ما جاء بأن الجبهة الداخلية في كيان الاحتلال هي التي ستكون مسرح الرد وهذا ما لايتمناه أي اسرائيلي .
يعلم الاسرائيليون جيدا ان لايران اليد العليا في الصراع معهم لأن اندلاع أي نزاع مع ايران سيجبر اسرائيل على ان تحارب في عدة جبهات من فلسطين الى لبنان الى سوريا والى ايران لكن الايرانيون قالوا على لسان مسؤوليهم العسكريين والسياسيين ان الرد سيكون ايرانيا، فقد اعلن نائب القائد العام لقوات الحرس الثوري العميد حسين سلامي ان على الكيان الصهيوني ان ينتظر الرد المدمر من ايران وانه سيرى الصواعق المدمرة فعلا، واضاف العميد سلامي ان هذا الاغتيال يعكس هزائم الامريكيين والصهاينة في استراتيجياتهم ودليل على عجزهم وهزيمتهم في سوريا والعراق ولبنان واليمن والبحرين .
وقد صدرت مواقف مماثلة من القائد العام للحرس الثوري اللواء محمد علي جعفري الذي قال ايضا ان على الصهاينة ان ينتظروا الصواعق المدمرة وانهم قد رأوا غضب ايران قبل هذا، وهذا ما يفسر حالة الهلع والرعب التي تسود حاليا الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال الاسرائيلي حسب ما يتم الاعلان عنه في وسائل الاعلام الاسرائيلية بانتظار تلقي الرد.