الوقت - يدرك العراقيون جيداً وبجميع اطيافهم القومية والمذهبية ان المعركة مع الارهاب والتكفير الذي جاء به المستعمر الغربي وعلى رأسه امريكا هي معركة واحدة، ولهذا ومنذ الايام الاولى لتحرك جماعات التكفير والارهاب وبالخصوص داعش، تأهب الجميع مع قواتهم المسلحة لقتال هذه الفئة التكفيرية الاجرامية، وليتشكل فيما بعد حركة شعبية موحدة تبلورت بالحشد الشعبي الذي صار يضم كافة ابناء الشعب العراقي، وفي مقابل الاتهامات التي توجه للحشد الشعبي العراقي بالطائفية ومساعي تشويه سمعته، تجمع الآراء والاقوال على ان من سمع غير من رأى بعينه، هي تلك العبارة التي رددها وفد الفنانين المصريين الذي زار سامراء والتقى بفعاليات الحشد الشعبي مؤخراً، يقولون رأينا هناك ضمن الحشد الشعبي العراقي مواطنين سنة وشيعة ومسيحيين، عرب واكراد وايزديين وتركمان دون أن يكون هناك أي عنوان طائفي، وتعاملنا مع بشر يخافون على وطنهم ويحبونه ولا يهمهم سوى مواجهة المشروع الغربي الاستعماري متمثلاً بالارهاب الاجرامي.
في سياق الحديث عن تنوع الاطياف العراقية داخل الحشد الشعبي، والتصريحات الصادرة عن الفعاليات السياسية والدينية سواء الشيعية او السنية منها والتي تصب في ذات الخانة وسياق التنوع، ووفق آخر المعطيات، نذكر هيئة الحشد الشعبي مجاهد على التواصل الوجداني بين ابناء الشعب كما بوجه الارهاب الاجرامي، ففي الوقت الذي ترابط وحداته الجهادية على كافة القواطع، ايضا ينبري ضد كل من يحاول أن يعكر صفو الأجواء الأمنية، وهذا ما برز مؤخراً من خلال انضمام ابناء الموصل وصلاح الدين والانبار والحويجة الى الحشد حيث بلغ عددهم حوالي 25 الف مقاتل، كما ويضم الحشد في صفوفه بحدود7000 مقاتل من بقية مكونات الشعب العراقي من الشبك، والتركمان، والايزيدية، والكرد الفيليين، والتشكيلات المسيحية كتائب بابليون، وقوات سهل نينوى.
ومؤخراً صدر قرار من قيادة الحشد لتوسيع دائرة الحشد لضم 40 ألف مقاتل سنّي ضمن صفوفه بعد ازدياد الطلبات المتقدمة في هذا الخصوص من ابناء المناطق كافة، هذا وكان المتحدّث باسم الحشد الشعبي كريم النوري قد صرح في وقت سابق بـوجود عشرة آلاف مقاتل سنّي ضمن صفوف الحشد منذ أشهر طويلة ووصف هذا الوجود بالإيجابي والضروري، قائلاً: لأننا نؤمن بأن تحرير المناطق يجب أن يكون على يد أبنائها الذين يعرفون جغرافيتها وباقي تفاصيلها، المتعلقة بالأشخاص الذين إنضموا لداعش، ويعرفون معلومات عن أماكن التنظيم ومقرات أسلحته. وأكد: أن المقاتلين الذين يرغبون بالإنضمام للحشد الشعبي فهي مفتوحة أمامهم، والذين يقاتلون طوعاً فأيضاً الأبواب مفتوحة لهم. المتطوّعون السنّة بعيدون كل البعد عن بعض السياسيين السنة الذين يحاولون تثبيط معنويات المقاتلين في الحرب والإساءة إلى البعض منهم، فهم مؤمنون بأهميّة الدفاع عن وطنهم.
الخبير الأمني هشام الهاشمي قال في حديث إلى المونيتور إن وجود مقاتلين سنّة ضمن صفوف الحشد الشعبي هو تمهيد لتأسيس حركة وطنيّة عسكريّة، خصوصاً وأنّ العلاقة إيجابيّة بين مقاتلي المكوّنين الشيعيّ والسنّيّ داخل هيئة الحشد، والدليل المشاركة سوية في القتال بتحرير المدن، وأضاف أنّ وجود المقاتلين السنّة سيتركّز في محافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى، إذ سيكون هناك 50 ألف مقاتل سنّيّ في شكل رسميّ.
من جانبه، قال آمر لواء صلاح الدين في الحشد الشعبيّ عشم سبهان خلف الجبوري وهو مقاتل سنّيّ: موافقة العبادي على وجود مقاتلين سنّة في الحشد الشعبيّ في شكل رسميّ أمر إيجابيّ. وذكر الجعفري في تصريحات صحفية أدلى بها لدى وصوله مطار بغداد بعد ختام مشاركته في الاجتماع الوزاري لمجلس جامعة الدول العربية، إن الحشد الشعبي ليس طائفيا، ولا قوميا؛ لأن أول شهيد سقط من الحشد الشعبي هو من أبناء السنـة؛ إذن هو هوية إنسانيّة متمحضة للدفاع عن حقوق الإنسان بأي مكان حل، وإلى أي مكان ارتحل.
هذا وتسبّبت تصريحات الأزهر الشريف في مصر الموجهة ضد قوات الحشد الشعبي التي تؤازر الجيش العراقي، في موجة إستنكارات في مصر والعراق بظل تضارب المعطيات لدى الأزهر حول حقيقة ما يجري. فمن جهتها قالت جماعة علماء العراق السنية برئاسة الشيخ خالد الملا إن كلام الأزهر الشريف، والمتعلق بالحشد الشعبي وما نُسب إليه من سلوكيات، غير صحيح إطلاقًا. بيان جماعة علماء العراق السنية يعكس الانسجام والتوافق وان الحشد مال الجميع. وشددت الجماعة على أن الأزهر ربما لا يعلم أن الحشد الشعبي ليس تشكيلًا طائفيًا، كما يُروّج له، بل إنه يتألف من شيعة وسنة، يقاتلون جنبًا إلى جنب من أجل غايات سامية وطنية، تتمثل في تحرير المناطق المحتلة ذات الغالبية السنية من تنظيم داعش الإرهابي.
وأكد المرجع الشيعي بشير النجفي أن ما وصل إلى الأزهر الشريف حول تعرّض أبناء السنة لعمليات إبادة خلال عمليات تطهير المدن الغربية من إرهابيي تنظيم “داعش” مجرد أكاذيب .. ودعا شيخ الأزهر إلى إرسال لجنة للإطلاع ميدانيًا على حقيقة أوضاع السنة في المناطق المحررة من تنظيم “داعش”.
في سياق متصل كتب النجفي في رسالة إلى شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، إن ما وصل إلى الأزهر الشريف حول تعرض أبناء السنة لعمليات إبادة خلال عمليات تطهير المدن الغربية من إرهابيي داعش مجرد أكاذيب. وأوضح قائلًا إن قرار تحرير محافظة صلاح الدين والمحافظات الأخرى كان نتيجة مطالبة أهلنا في المناطق السنية، لما نالها من الإرهاب والتنكيل والتدمير. وأشار إلى أن القرار كان من قبل الحكومة العراقية، وليس من قبل الحشد الشعبي، كما هو قرار الحكومة المصرية باستئصال المجرمين الإرهابيين، الذين يتدرعون بالمدن والقرى وبالشعارات الدينية الكاذبة البعيدة عن شريعة سيد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا وهناك تحرك جرى خلال الايام القليلة الماضية من قبل مسؤول الجناح العسكري لدار الافتاء في الجنوب لضم قواته في البصرة المؤلفة من 750 مقاتلاً، إلى الحشد الشعبي، مؤكداً استعداد تلك القوة المشاركة في تحرير الموصل ضمن تشكيلات الحشد وضوابطه. ويذكر أن رجال الدين من أبناء السنة والجماعة في البصرة، أيدوا فتوى المرجعية الدينية، بـ"الوجوب الكفائي" لمقاتلة داعش، ودعوا أتباعهم في المحافظة إلى الانضمام لصفوف الحشد الشعبي مع بداية تشكيله.