الوقت – "السعودية تبتلع القاهرة"، كان هذا الانطباع السائد لدى البعض حينما زار الملك السعودي القاهرة قبل اسابيع وتم التوقيع على كم كبير من التفاقيات ومنها اتفاقية لنقل السيادة على جزيرتي تيران والصنافير الى الجانب السعودي وقد نزل آلاف المصريين الى الشوارع احتجاجا على ذلك.
ان الرياض باتت تركز كافة اهتماماتها وسياساتها على مواجهة الدور الايراني في المنطقة ولذلك يجب النظر الى الخطوات السعودية في السياسة الخارجية في هذا الاطار مع افتراض قيام الرياض بتوسيع وزيادة خياراتها الاستراتيجية في المنطقة وذلك في وقت تسعى مصر الى التغلب على مشاكلها الاقتصادية ومواجهة الارهاب في سيناء وليبيا.
ان الوحدة بين الرياض الثرية الباحثة عن التعاون والقاهرة الضعيفة المحتاجة تشير ان السعودية سيكون لها دور اقليمي اكثر حزما بعد الشراكة مع مصر لكن السؤال المطروح هنا هو هل يوجد هناك اي تعاون اقليمي بين الجانبين؟ وماذا سيعني هذا التغيير في العلاقات السعودية المصرية بالنسبة الى ايران؟
ان اولويات مصر الاقليمية وسياساتها تجاه ازمتي سوريا واليمن كلها تدل ان مصر هي غير منطبقة مع الدور الذي تريده السعودية منها واضافة الى ذلك هناك فهم ايراني صحيح عن دور مصر القوي في الشرق الاوسط، ان ايران تعتقد ان مصرا اكثر استقالا ونشاطا يمكنها ان تضغط على السعوديين وتقول لهم انه لا داعي للقلق، ان الحقائق التاريخية تقول لنا ان السعودية لاتتحمل ولا تطيق الدور الايراني والدور المصري الايجابيين في المنطقة كما ان هذه الحقائق تقول لايران ان مصرا اكثر نشاطا في المنطقة يعني وجود توازن اكثر في الشرق الاوسط او توازن اكثر في السياسات العربية على الاقل.
ورغم تركيز الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على القضايا الداخلية لكنه وقياسا الى محمد مرسي اتبع سياسة مغايرة تجاه الاحداث الجارية في المنطقة، ان مواقف السيسي ازاء ازمتي اليمن وسوريا قد اغضبت السعوديين ودفعتهم نحو السعي لكسب موافقة المسؤولين المصريين على السياسات السعودية ولذلك نرى ان مصر تسعى الى ايجاد توازن بين تحسين علاقاتها مع دول مجلس التعاون في الخليج الفارسي وبين سياساتها المستقلة فيما يخص اليمن وسوريا وتركيا وباقي الدول وان حفظ هذا التوازن يختلف كثيرا عن مواجهة سياسات ايران الاقليمية ويجب القول ان مصر لم تكن قريبة من ايران وسوريا الى هذا الحد منذ مجيء السيسي وحتى الان.
ان السعودية تحاول جر مصر الى معسكر اعداء ايران ويريد السعوديون ان يولي السيسي اهمية لما يسمونه بالتهديد الايراني ويعتقد السعوديون ان دخول مصر الى جبهة اعداء ايران سيقلب موازين القوى لصالح الرياض ولضرر ايران وقد انتشرت تقارير كثيرة عن سعي الرياض لتشكيل مثلث سعودي مصري تركي ضد ايران وربما يشكل ذلك خبرا غير سار بالنسبة للايرانيين لكن الايرانيين لايعيرون ذلك اهتماما ليس بسبب عدم قلقهم من تغيير ميزان القوى في المنطقة بل لأن ايران لا تأخذ التقارب السعودي - المصري على محمل الجد لأربعة أسباب، أولها التكلفة الباهظة، فجلب مصر على نفس الخط مع السعودية ضد إيران يعني استثمارات سعودية، ودفع فواتير ضخمة تقدم لفترة طويلة للقاهرة، حتى تمتنع مصر عن الانفتاح على إيران والسير على الخط السعودي، أو على الأقل الصمت بشأن قضايا مثيرة للجدل.
والسبب الثاني يتمثل في انشغال مصر داخليًا بتحديات كبيرة عن التطلعات الإقليمية للسعودية، لذلك فإن القاهرة أقل ميلًا لدعم السعودية، كما أنها أوضحت أن لديها أجندتها الخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط.
اما السبب الثالث يتمثل في تجنب المواجهة، فمواقف القاهرة من الصراعات في سوريا واليمن يظهر ميلها للمنافسة مع الرياض، وخاصة أنقرة، أكثر من أي نوع من الميل لمواجهة طهران، مواجهة إيران ليست على أجندة السيسي.
والسبب الرابع يتمثل في محدودية الإمكانيات، فما يمكن أن تضيفه مصر للجهد الإقليمي السعودي ضد إيران ليس بالكثير.
ان ما سبق يعني أنه من الصعب تصور أن أي تحالف مناهض لإيران بين السعودية ومصر، سيكون فعالًا، خاصة أن الحرب التي تقودها السعودية في اليمن أظهرت محدودية إمكانيات التحالف الذي بنته.
المصدر : المونيتور