الوقت - منظمة حلف شمال الأطلسي أو "الناتو" تأسست بناءا على معاهدة شمال الأطلسي التي تم التوقيع عليها في واشنطن عام 1949 وكان من المفترض أن يقوم بحراسة حرية الدول الأعضاء وحمايتها من خلال القوة العسكرية وتساهم كل الدول الأعضاء في القوى والمعدات العسكرية التابعة له ما ساهم في تحقيق تنظيم عسكري لهذا الحلف بهدف الموافقة مع العمليات العسكرية والإشراف عليها. وكانت الدول الأوروبية تنتظر مشاهدة مناورات القوة من جانب الدول الأعضاء وعلى رأسهم أمريكا، لكن القوات الأوروبية لم تكن بمستوى قوة عسكرية فعلى هذا تحول الحلف الأطلسي بمرور الزمن إلى أداة لتمرير القرارات الأمريكية.
وتطرق موسس و رئيس معهد "ستراتفورد" البحثي الأمريكي "جورج فريدمان" في تعليق على تصريحات "دونالد ترامب" الأخيرة الذي قال إن "الحلف الأطلسي عفا عليه الزمن ولم يقم بإجراءات عادلة ومن الأفضل أن يتم حله لأنه تكلف أمريكا حصة غير متكافئة" إلى نقاط القوة والضعف لهذا الحلف والإتحاد الأروبي في توفير الأمن للبلدان الأوروبية وقال إن الإفتراض بان الدول الأوروبية بإمكانهم أن يعتمدوا على أمريكا عسكريا، ليس إلا نسيجا من الخيال.
وقال "فريدمان" أن تصريحات "ترامب" ليست ببعيدة عن المخاوف المتزايدة في أوروبا الذي لا يملك قوة عسكرية موحدة غير الحلف الأطلسي ويرى كثير من الأوروبيين هذا الحلف قاعدة أمنية وعسكرية لبلادهم ويعتمدون على أمريكا التي تعتبر العضو الوحيد الذي يمتلك قوة عسكرية عالمية ضمن هذا التحالف، بينما سبب الإتحاد الاوروبي نفسه في إضعاف الحلف العسكري "الناتو". وما يثير المخاوف لدى الأوربيين حاليا أن أمريكا خسرت موقعها داخل الحلف الأطلسي ولا يقدر هذا الحلف على توفير الأمن كما هو متوقع.
ويتفق الكاتب اللذين يحملون هذه النظرة بالنسبة إلى الحلف الأطلسي متحججا بالقضايا التالية:
ضعف القوة الصلبة لأوروبا
تم تأسيس الحلف الأطلسي من البداية بهدف الموافقة مع العمليات العسكرية والإشراف عليها، لكن القوات الأوروبية لم تكن بمستوى قوة عسكرية كبيرة وعلى هذا إتخذت واشنطن من هذا الحلف أداة لتمرير قراراتها وقدم الأوروبيين الناتو إلى أمريكا على طبق من ذهب واكتفوا بـ"القوة الناعمة" التي تشمل فرض العقوبات وتحريض الرأي العام والإستيراتيجيات الأخرى في سبيل إفشال المبادرات العسكرية وبعبارة أخرى كانت الأوروبا تبحث عن خيار تكون تكاليفه أرخص من إمتلاك القوة الصلبة وتشكيل قوة عسكرية عالمية، لكنها عندما واجهت بمشكلة تدفق اللاجئين من الشرق الأوسط من جهة ومناورات القوة الروسيه من جهة أخرى، أدركت أن القوة الناعمة ليست ناجعة وهي تحتاج إلى قوة صلبة متكافئة لما تملك أمريكا وعدد من البلدان الأروبية كفرنسا وبريطانيا إلى حد ما.
الحلف الأطلسي تعمل خدمة لأهداف أمريكا
كان الأوروبيون يفترضون أن الحلف الأطلسي يضع قوة أمريكا في متناول أيديهم، لكنهم أدركوا اليوم أن واشنطن لا تريد زيادة ميزانيتها العسكرية وهذه القضية لاترتبط بالناتو فقط، بل تؤثر على العلاقات الأمنية بين هذا التحالف وأمريكا التي تفوق على أوروبا إقتصاديا وعسكريا وبما أن تأسيس الحلف الأطلسي يهدف مبدئيا إلى التصدي مع سيطرة روسيا على غربي أوروبا ولا يقدر الإتحاد الأوروبي تحقيق هذا الهدف بوحده فيكشف الواقع الذي يسود هذا التحالف مدى تبعية أوروبا لأمريكا بشكل كبير.
وضع معقد جدا
يبلغ عدد سكان البلدان الأعضاء في الإتحاد الأوروبي 508 ملايين نسمة وتضم أمريكا بوحدها 320 ملايين نسمة بينما تصل الناتج الإجمالي للإتحاد إلى 18.47 تريليون والناتج الإجمالي لأمريكا الذي يقل عدد سكانها 200 ملايين نسمة عن أوروبا 18.3 تريليون فليس هناك ما يبرر عدم إمتلاك البلدان الأوروبية قوة عسكرية متكافئة أو أكثر من أمريكا، لكن المشكلة هي أن الإتحاد الأوروبي لا يملك قوة دفاعية، بل تحكمها فقط شبكة من العلاقات.
عجز أوروبا عن قيادة العمليات العسكرية
وصرح الأستاذ المحاضر في العلوم السياسية في قسم آخر من مقاله أن المهمة الرئيسية للحلف الأطلسي في الحرب العالمية الثانية كانت الدفاع عن غربي أوروبا أمام قوات الإتحاد الجماهير الشوروي وأثبت نجاعته في تحقيق الأهداف السهلة، لكن الإتحاد الأوروبي لم يكن يرغب بعد مرور الزمن والإنتهاء من المهمة الأولية، في الإستثمار في المجالات العسكرية والدفاعية ويرى نفسه في غناء من إتخاذ الإستراتيجية الدفاعية.
ولا يعلم أوروبا اليوم طريقة التصدي أمام تفعيل الدور الروسي ونفوذ تنظيم داعش الإرهابي في العواصم الأوروبية بينما يقتضي الواقع الموجود مبادرتها إلى العمليات العسكرية بوحدها كما تفعل أمريكا.
وعلى كل الحال، يجب على الحلف الأطلسي إصلاح بنيتها رغم صعوبة الأمر التي إستوعبها الأوروبيون بأنفسهم ولايرغبون في إصلاح نهجهم فلايمكن أن يؤدي هذا الطريق إلى تحقيق حل أساسي والإفتراض بأن أمريكا ستبقى جنبا إلى جنب الإتحاد الأوروبي ليس إلا وهما.