الوقت - تمثل كل من إيران والكيان الإسرائيلي قوتين عسكريتين كبيرتين في منطقة الشرق الأوسط لما يمتلكانه من قدرات تسليحية هائلة في كافة الصنوف البريّة والبحريّة والجويّة.
وتعتقد كل من إيران والكيان الإسرائيلي بأن تطوير قدراتهما التسلحية بإمكانه أن يشكّل عامل ردع للطرف الآخر. والسؤال المطروح هو: أيّ من الأيديولوجيات العسكرية تشكل مركز الثقل بالنسبة لكل منهما لتحقيق التفوق: هل هي القدرة الصاروخية أم القوة الجويّة؟
للإجابة عن التساؤل لابدّ من القول إنه ومن خلال نظرة سريعة على الحروب التي شهدتها المنطقة خلال العقود الأخيرة نرى إن القوة الجويّة التي يمتلكها الكيان الإسرائيلي لم تتمكن من تحقيق الأمن والإستقرار لهذا الكيان، في حين تمكنت القوة الصاروخية التي تمتلكها إيران من تعزيز أمنها الوطني بدرجة كبيرة؛ بل يمكن الجزم بأن هذه القوة هي التي منعت أمريكا والكيان الإسرائيلي من شن حرب على إيران طيلة السنوات الماضية.
وبعد إنتصار الثورة الإسلامية عام 1979 تمكنت طهران من تحقيق الإكتفاء الذاتي في مجال التسليح، وواصلت بحوثها العسكرية وتجاربها لتطوير الصناعات الدفاعية رغم الضغوط الكثيرة التي تعرضت لها خصوصاً خلال العقدين الأخيرين على خلفية الأزمة النووية مع الغرب.
في هذا السياق أشار القائد السابق لحرس الثورة الإسلامية في إيران محسن رضائي إلى أن طهران لم تتوقف قط عن تطوير قدراتها الدفاعية عملاً بالآية القرآنية الشريفة " وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ "، لكنها في الوقت ذاته ليست بصدد تهديد أيّ بلد ولا تبحث عن خوض أيّ مغامرة عسكرية.
وأضاف رضائي إن أيّ قوة عسكرية في المنطقة أو العالم لم تتجرأ على شن أيّ هجوم عسكري على الجمهورية الإسلامية في إيران طيلة العقدين الماضيين بسبب إمتلاكها قوة صاروخية متميزة، مضيفاً: على سبيل المثال حالت هذه القوة دون شن هجوم على البلاد في ذروة التهديدات التي كانت تطلق ضدها بين عامي 2003 و2006 وكذلك في عامي 2011 و2012، وقد أثبتت التجارب إن هذه القوة قد لعبت دوراً أساسياً في ردع أمريكا والكيان الإسرائيلي عن التفكير بهذا الأمر، وهو ما يثبت نجاح إستراتيجية ايران العسكرية في الدفاع عن أمنها وإستقرارها وسيادتها رغم التحديات الكثيرة التي تواجهها.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن حزب الله لبنان الذي لايمتلك أيّ قوة جويّة أطلق في صيف عام 2006 أكثر من 4 آلاف صاروخ بإتجاه الكيان الإسرائيلي وتمكن في نهاية المطاف من إلحاق الهزيمة بهذا الكيان رغم تفوقه على حزب الله من حيث العدّة العسكرية لاسيّما في المجال الجويّ، وهذا ما يثبت أيضاً أهمية القوة الصاروخية في حسم المعارك خلال الحروب.
وفيما يلي مقارنة سريعة بين القدرة العسكرية لكل من إيران والكيان الإسرائيلي في مختلف المجالات:
القوة البشرية
تتمكن إيران التي يبلغ عدد نفوسها أكثر من 81 مليون نسمة من تجنيد أكثر من مليوني شخص في أيّ وقت، علاوة على ما لديها من قوات عسكرية ثابتة (رسمية) جاهزة للدفاع عن حدودها وأمنها وسيادتها في أيّ مكان، في حين لا يتجاوز عدد العسكريين في الكيان الإسرائيلي 166 ألف عنصر.
العمق الجغرافي
تملك إيران عمقاً جغرافياً كبيراً نظراً لسعة مساحتها الجغرافية التي تبلغ نحو 1.700 مليون كيلومتر مربع، ولها سواحل وشواطئ كثيرة تمكنها من إجراء مناورات بحريّة لإختبار وتطوير قدراتها العسكرية، خلافاً للكيان الإسرائيلي الذي يحتل أرض فلسطين التي لا تتجاوز مساحتها الإجمالية 27 ألف كيلومتر مربع.
الميزانية العسكرية
تخصص إيران سنوياً نحو 6.3 مليار دولار لتطوير قدراتها العسكرية، فيما ينفق الكيان الإسرائيلي أكثر من 23 مليار دولار في هذا المجال.
القوة الجويّة
تملك إيران أكثر من 400 طائرة مقاتلة متطورة و 128 طائرة عمودية (هليكوبتر) من مختلف الصنوف، في حين يملك الكيان الإسرائيلي 200 مقاتلة و 143 هليكوبتر من مختلف الصنوف أيضاً.
القوة البريّة
تملك إيران أكثر من 1650 دبابة متطورة، في حين يملك الكيان الإسرائيلي 4170 دبابة من مختلف الصنوف، الكثير منها حديث ومتطور جداً.
القوة البحريّة
يملك الكيان الإسرائيلي أكثر من 50 قطعة حربية بينها عدد من البوارج والغواصات، في حين تملك إيران أعداداً من هذه القطعات تفوق بكثير عمّا يملكه جيش الاحتلال، وقد تمكنت طهران من صناعة هذه القطعات على يد خبرائها وفي معاملها العسكرية دون الحاجة لأيّ دعم خارجي.
التجهيزات الحربية
يحتل الكيان الإسرائيلي المرتبة الـ 16 في الترتيب العالمي من حيث تنوع التجهيزات الحربية في حين تحتل إيران المرتبة 21 في هذا المضمار.
في نهاية هذا التقرير يجب التأكيد على إن القوة العسكرية لا تعتمد فقط على المعدات والتجهيزات الحربية، بل تعتمد بدرجة كبيرة على القوة البشرية والخطط العسكرية التي تشكل عاملاً كبيراً في حسم أيّ معركة.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران تساهم بشكل فعّال إلى جانب حفظ حدودها وأمنها وسيادتها في التصدي للجماعات الإرهابية في عموم المنطقة لاسيّما في العراق وسوريا بفضل ما تملكه من قوة عسكرية ومستشارين بارعين في التخطيط وتنفيذ العمليات المعقدة للقضاء على هذه الجماعات.