الوقت- انطلقت اليوم الاثنين مناورات بحرية مشتركة بين القوات البحرية الايرانية والباكستانية انطلاقا من ميناء بندر عباس الايراني، وكان قائد القوة البحرية الايرانية الادميرال "حبيب الله سياري" أعلن عنها بعيد اختتام الاستعراض العسكري بمناسبة يوم الجيش الايراني أمس الأحد، وفي تصريح للصحفيين أكد "سياري" أن الأسطول الباكستاني وصل ايران منذ أربعة أيام حيث جرت لقاءات بين الجانبين وبدأت التحضيرات المشتركة للمناورات المقررة بين الطرفين والتي تحمل رسالة الصداقة والسلام للأصدقاء في المنطقة، وفي المقابل فان القوات المسلحة الايرانية ستعرض جهوزيتها العالية وستقض مضجع كل من يضمر الشر لبلدنا.
وأما حول هذه المناورات وتوقيتها، فلها الكثير من الدلالات الاقليمية والرسائل التي توجهها في أكثر من اتجاه، فعلى الرغم من أنها مناورات محددة بيوم واحد إلا أنها تختزن رسائل متعددة الاتجاهات وهذا بعض منها.
الرسالة الأولى هي باكستانية لدول الجوار الايراني، وبالخصوص السعودية التي تمر علاقاتها بايران بمرحلة من التوتر والتأزيم المقصود، فرغم أن باكستان هي أحد الحلفاء الأساسيين للسعودية والتي تعتبر السعودية نفسها وصية عليها، إلا أن الباكستان قد أرسلت عدة اشارات مهمة إلى السعودية تعبر عن خروجها عن الطاعة السعودية الكاملة دون أن تصل إلى القطيعة. وهذه المناورات واحدة من هذه المؤشرات التي تقول من خلالها باكستان نعم للتنسيق العسكري مع جارتها ايران.
أما الرسالة الأخرى المهمة التي يمكن استخلاصها من هذه المناورات، هو التأكيد على مكافحة الارهاب والقرصنة البحرية وتأمين خليج عدن ومضيق هرمز والمحيط الهندي، وكلها مناطق حيوية لكل من ايران وباكستان من أجل تأمين حركة سفنها التجارية وحاملات النفط التي تعبر مضيق هرمز. وهذه المناورات تؤكد أن هذا الأمر الحيوي لا يمكن أن تضحي به باكستان من أجل البترودولار السعودي مهما بلغ.
وفي ملف مكافحة الارهاب فان هذه المناورات تساعد على تعزيز التحالفات العسكرية المتمحورة حول مكافحة الارهاب والتطرف، فايران وباكستان تربطهم اتفاقات أمنية لحماية الحدود المشتركة بينهم، إضافة إلى الاهتمام المشترك في مكافحة ظاهرة التطرف والارهاب الذي يضرب المنطقة.
كما أن هذه المناورات تُظهر بعضا من القدرات الايرانية الدفاعية والهجومية، والتي تأتي بعد يوم واحد من الاستعراض العسكري بمناسبة يوم الجيش الايراني والذي تم عرض منظومة الدفاع الجوي S300 خلاله. وهذا يؤكد الاصرار الايراني على الاستمرار بمسيرة رفع جهوزيتها الدفاعية وتطوير قدراتها العسكرية رغم الضغوطات الغربية والأمريكية عليها والعقوبات التي تحاول أمريكا فرضها مجددا تحت حجة القدرات العسكرية والصاروخية وغيرها من الادعاءات التي لا يعيرها الايرانيون أي اهتمام.
وفي مقابل رفع الجهوزية والقدرات العسكرية تصر ايران على هكذا مناورات مشتركة مع دول الجوار والدول الصديقة في رسالة تطمين لهذه الدول بأن هذه القدرات ليست موجهة ضدهم بل على العكس هي لخدمة المصالح المشتركة بين ايران وهذه الدول، وهذه القدرات العسكرية انما موجهة لأعداء ايران الذين يريدون تدمير المنطقة وتحويلها إلى ساحة صراع بين الأشقاء والجيران.
والأهم من كل ما سلف هو حقيقة خروج ايران منتصرة من الصراع الحاصل مع أمريكا والسعودية وبعض الدول الخليجية الأخرى التي تسعى وتضغط لعزل ايران في محيطها. فبدل أن تنعزل ايران عن جوارها يتأكد يوما بعد يوم على تحسن العلاقات الايرانية مع الجوار وفرض نفسها على المعادلة الأقليمية والدولية كلاعب كبير يريد الجميع التنسيق والعمل معه.