الوقت- فیما یتعلق بالنزاع القائم بشأن إقليم ناغورني كاراباخ والذي یعد إحدی القضايا الرئيسية في القوقاز وروسيا بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، فلم يكن هناك حل مناسب لتحقيق النتيجة المطلوبة حتى الآن. هذا النزاع له طابع دولي وقد تحول إلی ورقة بید القوى الإقليمية وعبر الإقليمية وفي مقدمتها روسيا وأمريكا.
روسيا تقع على قمة لعبة كاراباخ، وهي تحاول مراقبة جنوب القوقاز كجزء من سياستها التقليدية. ولهذا الغرض وسعت نطاق نفوذها في أرمينيا، وتسعی بالطرق الممکنة إلی وضع جورجيا وأذربيجان تحت التبعية والخضوع لموسكو.
الوضع الحالي لمنطقة كاراباخ هو ورقة رابحة بید أرمينيا وبدعم روسي واضح، ولذلك فهي لا تعبّر عن أي قلق إزاء التصریحات المهددة للسلطات الأذربيجانية. هذا في حین أن السلطات الأذربيجانية تنظر دوماً لروسيا من زاویة الحذر.
أذربيجان تدرس بعناية اقتراح روسيا للمصالحة مع أرمينيا، لمنع توقيع وثيقة خلال محادثات السلام بشأن كاراباخ، ستؤدي (أي الوثيقة) إلى الاعتراف باستقلال المنطقة. وبذلت روسيا في السنوات الأخيرة جهداً إضافياً لحل الصراع في كاراباخ. والنزعة الانفصالية لأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية التي انتهت أخيراً بالتدخل العسكري الروسي، فرضت علی موسكو تکالیف کثیرة. وعلى الرغم من أن هذه الحرب قد أظهرت أن روسيا هي القوة المهيمنة في جنوب القوقاز، ولكن العواقب السلبية التي ترکتها على صورة روسيا الدولية، حملت موسكو علی إدارة الصراع في كاراباخ بنفسها.
ومع ذلك یبدي بعض المحللين شكوکهم حیال رغبة موسكو الجادة لتسوية النزاع في كاراباخ، لأن الهدف الرئيسي من هذا الجهد الروسي، هو مواجهة تأثير الغرب في القوقاز الجنوبية. وفي الواقع تری روسيا أن إنهاء الصراع التاريخي بین أذربيجان وأرمينيا، یعني تمهید الأرضیة لتطوير علاقات البلدين مع الغرب. هذا في حین أن الولايات المتحدة الأمريكية وعلى الرغم من نفوذها في أذربيجان ومساعدة أحد رؤساء مجموعة مينسك الذي کان الوسيط الرئيسي في صراع كاراباخ في السنوات العشرين الأخيرة، لم تستطع حتی الآن تقدیم حل شامل ومقبول لحل النزاع في كاراباخ.
وتظهرتصريحات المسؤولین الأمريكيین بما فيهم السفير الأميركي لدی أذربيجان "ريتشارد مورنينغستار" أن الأمريكيین یریدون تحفيز العلاقات بين أذربيجان وروسيا، وذلك من خلال الاستفادة من أحداث شبه جزيرة القرم وتحذير المسؤولين الأذريين لتكرار ذلك في كاراباخ.
وقال "ريتشارد مورنينغستار" في كلمة ألقاها في مؤتمر بواشطن في الثلاثين من أبريل تحت عنوان "أذربيجان وأمريكا، نظرة إلى المستقبل": إن عدم حل النزاع في كاراباخ قد تسبب في عدم الاستقرار في المنطقة، ولا یجب أن نسمح لأي من الجهات الفاعلة (إيران وروسيا) أن تستغل هذه القضیة. وأضاف: الأحداث في أوكرانيا وضم روسيا لشبه جزيرة القرم قد أظهر أن حل مشكلة كاراباخ له أهمية كبيرة.
واعتبر مورنينغستار أن التعاون بين رئیسي أذربيجان وأرمينيا ، ضرورة لحل نزاع كاراباخ ، ولکنه أشار إلی أن التوصل إلى اتفاق بشأن كاراباخ لیس ممکناً من دون التعاون الروسي، وهکذا قدّم موسکو علی أنها المتهم الرئيسي لعدم نجاح مجموعة مينسك.
وبشكل عام يمكن القول إن الأميركيین الذين واجهوا هزيمة مؤقتة في شرق أوروبا من خلال ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، یبذلون کل جهودهم للحفاظ على سائر حلفائهم الإقليميين مثل أذربيجان. ولكن نظراً لتأکید المجموعات الأذربيجانية علی الحل العسكري في تسوية النزاع في ناغورنو كاراباخ ، فلا يبدو أن الغرب یتمتع بمساحة واسعة للعمل أمام روسیا.