الوقت- على وقع الزيارة الإقليمية التي يجريها الملك السعودي "سلمان بن عبد العزيز" إلى كل من مصر وتركيا، برزت تساؤلات عدّة تبدأ بالأبعاد التي تحملها زيارة "سلمان"، ولا تنتهي بالفوائد التي ستعود بها هذه الزيارة على الرياض.
السعودية، وعبر دعم إعلامي غير مسبوق، رفعت سقف الزيارة وأبعادها، ليصل الأمر بوزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" للحديث عن "مجلس تعاون إستراتيجي"، ليلتحق به الإعلامي السعودي "جمال خاشقجي" بالقول: السعودية الآن تمر بمرحلة قرارات حاسمة ومعركة مصيرية.. ولم تعد تقبل بأنصاف الحلول.
لا ندري أنصاف الحلول التي يقصدها الإعلامي السعودي الشهير، فهل هي تصنيف حزب الله "كتنظيم إرهابي"، الذي جاء في إطار المواجهة الشاملة مع المشروع الإيراني، وفق "خاشقجي" نفسه، أم العدوان على اليمن الذي دخل عامه الثاني دون تحقيق أهدافه الموسومة؟ هل الدعم المالي والعسكري للجماعات الإرهابية في سوريا يكمن في أنصاف حلول "خاشقجي"؟ أم أن التلويح بالتدخّل البري في سوريا هو كذلك؟
بالعودة إلى الزيارة التي شهدت تطورات عدّة سواء على صعيدها المصري حيث نجحت السعودية من خلال صفقة إقتصادية بفرض سيطرتها على جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، أو على الصعيد التركي إثر توافق قادة البلدين على ضرورة إنشاء "مجلس تعاون استراتيجي" لتعزيز التعاون العسكري والسياسي والاقتصادي، وفق ما أعلن "الجبير" في المؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره التركي "مولود جاويش أوغلو" في الرياض، أعلن الملك السعودي من على منبر البرلمان المصريل، يوم الأحد الفائت دعم بلاده للقوّة العربية المشتركة، وهاهي اليوم تؤكد وجود اتفاق بين العاصمتين- أنقرة والرياض- للتحالف المشترك، فكيف نجحت السعودية في الجمع ما بين الأضداد التركية والمصرية؟، لاسيّما أن كل تم تداوله خلال الأيام السابقة عن وساطة سعودية بين أنقرة والقاهرة إتضح مع إعلان المتحدث باسم الرئاسة التركية "إبراهيم قالن"، الذي نفى أن تكون زيارة ملك السعودية إلى تركيا من أجل الوساطة، لافتا إلى أن موقف تركيا واضح بخصوص مصر.
تتضح معالم الجمع بين الأضداد مع الخوض في التحالفات التي أنشأتها السعودية، أو شاركت فيها، سواءً في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، أو التحالف الإسلامي الذي ورد فيه العديد من الدول دون علمها، أو حتى التحالف العربي الذي إقتصر على السعودية في الدرجة الأولى، والإمارات بدرجة أقل. فهل نجحت السعودية في التصدّي لتنظيم داعش الإرهابي؟ هل نجحت في تحقيق أهداف ما يسمى بـ"عاصفة الحزم" في اليمن؟ هل نجحت في الحد من "الخطر الإيراني" حسب زعمها؟ أين كان مجلس التنسيق المصري السعودي الذي أنشأه الملك سلمان مع الرئيس عبد الفتاح السيسي في 11 نوفمبر الماضي؟
إن كافّة الإئتلافات التي أنشأتها أو شاركت بها الرياض، لا تعدو عن كونها تحالفات ورقية ، وذلك بالإستناد على النتائج التي حقّقتها، ما دفع ببعض الخبراء الغربيين للإطلاق على السعودية اصطلاح "النمر الكرتوني"، وهو الأمر الذي ينطبق على التحالف الإستراتيجي مع تركيا، أوحتى مع مصرا التي تحتاجها الرياض في هذه المرحلة رغم إدراك الرياض المسبق أن سياسة الإمساك بالعصى من الوسط (التركي-المصري) غير مجدية حالياً.
مصرياً، إتضح جدوى الزيارة في تيران وصنافير ضمن إطار سياسة الرياض "الإستعمارية"، فضلاً عن محاولة ضمّ تحت العباءة السعودية، كما كان الحال في الفترة السابقة، وبخلاف زمان الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر". السعودية تسعى لجذب مصر في الملف اليمني وتحييدها في الملف السوري الذي كان بيت القصيد في أنقرة بين الرئيس "أردوغان" و"الملك سلمان".
تركياً، رغم أن الزيارة تأتي بناءً على طلب الرئيس "أردوغان"، إضافةً إلى المشاركة في القمّة الإسلامية، إلا أنّها تتزامن مع توقع فشل مؤتمر جنيف، وفشل الهدنة إثر الهجوم التي شنّته جبهة النصرة والقوى العسكرية التي تلطّت تحتها كـ"حركة أحرار الشام" و "الفرقة ١٣" ومجموعات من "الجيش الحر" إضافةً إلى فصيلي فيلق الشام وجيش الإسلام، ما يعيد تدشين قواعد لعبة جديدة لسوريا. اللعبة الجديدة لن تختلف عن الألعاب السابقة في دعم الجماعات المسلّحة تحت عنوان " دعم المعارضة المعتدلة"، أو العمل على إفشال أي مفاوضات لا تتخذ من "رحيل الأسد" شرطاً مسبقاً لها.
إن تجربة "الملك سلمان" وطاقمه السياسي المتواضعة، تزداد تواضعاً في حال بحثنا عن الإنتصارات التي حقّقتها السعودية من خلال التحالفات التي أنشأتها على مدى العامين الماضيين، رغم أن الآلة الإعلامية السعودية الضخمة تسعى لرسم صورة مغايرة بالكامل، إلا أن هذا الفشل يتعزّز مع رصد الأوضاع الإقتصادية في الداخل السعودي، والأوضاع الإجتماعية في الوطن العربي حيث إرتفع منسوب العداء للعائلة الحاكمة في الرياض.