الوقت- تتصاعد وتيرة المعارك العسكرية مع إقتراب دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ ليل الأحد-الإثنين تطبيقاً للمبادرة التي دعت إليها الأمم المتحدة قبيل إنطلاق المفاوضات اليمنية اليمنية في الكويت في الثامن عشر من الشهر الجاري، وسط شكوك بنجاحها على غرار التجارب السابقة.
ولو عدنا إلى التجارب السابقة، نجد أن الرياض ستعود إلى خرق الهدنة بإعتبار أن الوضع الميداني لازال على حاله، فلم تنجح في السيطرة على تعز، لم تنجح في الدخول إلى صنعاء، لم تحقّق أي إنتصار ميداني يخوّلها فرض شروط مسبقة على الطاولة السياسية وفي مقدّمتها القرار الأممي 2216. إلا أن التطور الجديد في هذه الجولة من الهدنة، ويرفع من حظوظ إستمرارها، يكمن في توصّل الجيش واللجان الشعبية من ناحية، وتحالف العدوان والرئيس المستقيل من ناحية آخر إلى مسودة اتفاق وقف إطلاق النار عبر الأمم المتحدة، بالتزامن مع وصول اللجان الفنيّة إلى الكويت لإستكمال ترتيبات المحادثات التي ستنطلق بعد أسبوع من اليوم.
عميلة وقف إطلاق النار التي بدأت على الحدود إثر وساطة قبلية بين الجيش واللجان الشعبية والجيش السعودي، ستمتد إلى محافظة تعز التي تشهد معركة ضارية، لتلتحق بعدها كافّة المحافظات اليمنية بالهدنة التي يتطلع إليها الشارع اليمني بشقيه الموالي للثورة والآخر المؤيد للسعودية أن تكون مقدّمة لنجاح مباحثات الكويت علّها تنهي معاناتهم الشديدة جرّاء العدوان السعودي الذي دخل عامه الثاني مدمّراً كل مقوّمات الحياة الإقتصادية والإجتماعية والأمنية.
إلا أن هذه الآمال قد تتبدّد وتستيقظ على وقع مفاجآت جديدة تنسف جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد في حال أصرّت السعودية على فرض شروط مسبقة، أو بالآحرى فشلت في فرض شروطها خلال المفاوضات على الجانب اليمني.
حتّى الساعة، لازال الوضع العسكري سيّد الموقف على الأرض، حيث تصعّد الرياض في الساعات الأخيرة من عملياتها العسكرية علّها تنجح في تحقيق أي إنتصار ميداني قابل للإستثمار السياسي من قبل وفد الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي الذي يحضر هذه المحادثات وحيداً، بخلاف التجارب السابقة، وذلك بعد القرارات التي أصدرها بحق رئيس وزراء خالد بحاح الذي رفضها بدوره معتبراً إياها "غير دستورية" و"غير شرعية".
رفض بحاح يعني ضعف الوفد السعودي على طاولة الكويت، إلا أن ذلك، قد لا يمنع هادي الذي لا يمتلك حظاً من "الذكاء السياسي" أن يعود مجدّداً إلى "سمفونية" القرار2216، ما يعني العودة إلى نقطة الصفر. إن الشروط السياسية يفرضها من يمتلك القدرة في الميدان، وفي حال أردنا تسمية الأسماء بمسمياتها نقصد الجيش واللجان الشعبية بالدرجة الأولى، إلا أنه ليس هذا الأمر ما تطلبه القوات اليمنية، بل تدعو لإتخاذ الحوار على أساس الندية سبيلاً وحيداً مهما طالت الحرب أو قصرت.
إن دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ يفتح الباب على أسلوب المواجهة السعودية غير المباشرة عبر دعم الجماعات الإرهابية، وفي مقدّمتها القاعدة التي قامت مؤخراً بجريمة قتل جماعي بحق جنود يمنيين في مدينة أحور"في محافظة أبين فجر يوم السبت، خاصّة ان الظروف الدولية لا تسمح للسعودية التي تعتبر "مصدر الإرهاب" وفق الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن تستكمل هذا العدوان على اليمنيين الذين قدّموا عشرات الألاف من الشهداء والجرحى على سبيل المواجهة والعيش الكريم.
تدرك السعودية جيّداً اليوم أن الإستمرار في العدوان يعني أنها تضّيع الوقت والأرض على نفسه بإعتبار أن الجيش واللجان باتت تسيطر على جزء من الأراضي السعودية، إلا أن المشكلة السعودية اليوم تكمن في عدم إتخاذ القرار السعودي على أساس مصالحة البلاد، بل وفقاً لما يراه الأمير الشاب محمد بن سلمان مناسباً. لذلك، وحفاظاً على مصالحها، قبل مصالح الشعب اليمني، من المفترض أن تعزمْ الرياض على إنهاء العدوان ورفع الحصار، وتحزمْ مرتزقة الخارج، وتترك خيار مستقبل اليمن لليمنيين أنفسهم، فالخروقات أو التلطي تحت عباءة القاعدة والتنظيمات الإرهابية لن تجدي نفعاً بإعتبار أن التجارب السابقة أثبتت فشل هذه الحسابات وعدم تأثيرها على الميدان، بل تكون دائماً على حساب مساعي السلام الأممية.