الوقت- يتساءل الكثيرون عن حيثيات الاتفاق الروسي الأمريكي الأخر و الذي تكلل بوقف الأعمال العسكرية، و اعلان الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين "عن انسحاب جزء من القوات الروسية المشاركة في المعارك الدائرة في سوريا. هذا الانسحاب الروسي الجزئي المفاجئ من سوريا أدخل الشك و التساؤلات خصوصاً لدى كل المهتمين بالميدان العسكري السوري، وكَثر القيل والقال وتعددت التحليلات والتكهنات عن سر هذه الخطوة والدلائل خلف هذا التوقيت المتزامن مع محادثات جنيف. فهل هو إعادة تموضع روسي؟ أو انسحاب تدريجي من سوريا؟ هكذا يمكن حصر التساؤلات بعد الخطوة الروسية الأخيرة و للاجابة عليها نضع بين أيديكم المعلومات التالية:
لم تنسحب روسيا من سوريا، بل انها كانت عملية التفاف ذكية منها من أجل منع أي انتكاسة لحلفائها من جيش سوري و حشد وطني بعد انسحاب قواتها الجزئي من سوريا، فرغم اعلان الرئيس "فلاديمير بوتين"، سحب ما قال انها القوة العسكرية الرئيسية العاملة في الساحة السورية، الاّ أنه و بحسب معلومات مؤكدة، أكدت أنه كان قد سبق اعلان الانسحاب الروسي بثلاثة أيام دخول أكثر من 20 طوافات مقاتلة متطورة الخدمة في الأجواء السورية من نوع Mi-35 و Mi-28، و تصلح هذه المروحيات لتنفيذ المهام الخاصة بما فيها تأمين عمل مجموعات الاستطلاع والاجلاء و الاقتحام. وانها يمكن ان تتعامل مع أهداف جوية بطيئة محلقة على ارتفاع منخفض، أيضاً هي المروحيات الوحيدة في العالم التي بوسعها تنفيذ مهام النقل والانزال والإسعاف. كما بوسعها ان تنقل داخل مقصورتها حتى 8 افراد للأنزال الجوي باسلحتهم وشحنات يبلغ وزنها 1500 كيلوغرام. وبالإضافة إلى ذلك فانها قادرة على نقل مواد معلقة بالحمالات الخارجية تزن حتى 2400 كغ، الامر الذي يجعل المروحية لا بديلا عنها في نقل الذخائر إلى مناطق وعرة.
و ورد على لسان ضابط رفيع في الجيش الإسرائيلي في حديثه لموقع "ديفنس نيوز" الاميركي، المتخصص بالشؤون العسكرية والامنية في الشرق الأوسط، "ان كل ما قام به الروس هو تغيير "طبيعة القوة الجوية"هناك، بما يتلاءم مع طبيعة القتال، الدائر حالياً في سوريا. و أضاف الضابط الاسرائيلي، أنّ بوتين ما زال يحتفظ بقوة جوية هامة وكبيرة في سوريا، من شأنها ان تسمح له بتحقيق كل ما يريده عسكرياً في هذا البلد. و بحسب التقديرات الاستخبارية الاسرائيلية، فان الوجود العسكري الروسي ما زال قائماً من دون قيد زمني، واذا كان الروس قد سحبوا قاذفات السوخوي و طائرات الميغ 35 وعادوا بها الى القواعد العسكرية في روسيا، الا انهم استقدموا في المقابل مروحيات عسكرية هجومية فتاكة من طراز Mi-35، حلت محل القاذفات لتأدية المهمات القتالية، مع الاشارة الى ان الاسلحة الاكثر تطورا، مثل منظومات الدفاع الجوي اس 400، ما زالت في سوريا".
ورداً على سؤال طالب الضابط بمزيد من التفاصيل، أشار إلى أنّ "بوتين غيرّ طبيعة القوة الروسية في سوريا ولم يأمر بسحبها... لقد اخرجوا وسائل قتالية وانواعا محددة من الطائرات لم تعد ملائمة للقتال هناك، واستقدموا المروحيات، اذ ان الجهد القتالي الروسي يتركز حاليا على تأمين الدعم والمساندة الجوية بواسطة المروحيات تحديداً"، اما ما يتعلق بنوعية المروحيات القتالية الجديدة وعددها، فامتنع الضابط عن ذكر التفاصيل، وقال "لا اريد ان اتطرق الى ذلك ولن اذكر ارقاماً، لكن لدى بوتين الان كل ما يتطلبه الميدان من ناحية عسكرية".
و تأكد المعلومات أن الجيس الروسي قد سحب "أربع قاذفات SU-34 – أربع قاذفات SU-25 – ثماني قاذفات SU-24"، بجانب سحب أربع مروحيات قتالية من نوع "Mi-24p"، و التي دخلت الخدمة في سوريا من أجل صد أي هجوم تركي على سوريا و ذلك بعد اسقاط القاذفة الروسية على الحدود التركية.
سحب هذه الطائرات لم يأثر على الدعم الناري المقدّم إلى قوات الجيش السوري، حيث أن عمل هذه الطائرات كان يقتصر على الرد على أي اعتداء تركي، بل على العكس دخول مروحيات قتالية هجومية من نوع "Mi-35" بالإضافة إلى دعم ناري و صاروخي من مدافع Msta-B و راجمات "Smerch" و "Uragan" و "TOS-1A" الخدمة في سوريا زاد من قدرة الجيش السوري في الاقتحام مما أدى الى تحرير مدينتي تدمر و القريتين في وقت زمني قصير.
كما أدخل سلاح الجو الروسي إلى العمليات الجوية فى سوريا نوعين من انواع المروحيات الهجومية هما "ka-52" المعروفة بأسم "القرش" و المروحية "Mi-28n" المعروفة بأسم "التمساح" و اللتين بدأتها مؤخراً بتنفيذ طلعات أستطلاعية فى الأجواء السورية كجزء من الأسلحة المراقبة لحالة تنفيذ الهدنة القتالية فى سوريا التي أشتملت أيضاً على منظومة الكشف الراداري المضاد للرمايات المدفعية"Zoo-1" و منطاد المراقبة و الإنذار المبكر "Lion" من إنتاج شركة "DKBA" الروسية.
اذاً الواضح هو أنّ الانسحاب الروسى هو أشبه بـ "أعادة تموضع" و "إحلال و تجديد" لعصب التواجد العسكري في سوريا، حيث قلل الجيش الروسي من نفقات تواجده فى سوريا فسحب المعدات التي تم استنزافها خلال العمليات العسكرية و فسح المجال لتجربة معدات جديدة و أكثر تطوراً في ميدان المعركة و التي أثبتت في الأسابيع الأخيرة فعاليتها الميدانية في استعادة كل من تدمر و القريتين.