الوقت - "مناحيم ناحيك نفوت" نائب رئيس جهاز الموساد ورئيس شعبة "تفيل" للعلاقات غير الرسميّة مع الدول العربية والأجنبية التي لا تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع الكيان الاسرائيلي، قلّد السعودية مؤخراً وسام بلاده، هذا ما يمكن وصفه من خلال تصريحاته الأخيرة بخصوص الأنظمة العربية الحاكمة وبالتحديد النظام السعودي. حديث "ناحيك نفوت" ليس بالأمر الجديد، فالعلاقات بين الكيان والنظام متجذر ومتشعب وان كان لم يأخذ طابع الرسمية فيه الا انه ملموس بالوقائع والعملانية على الأرض. فمن الزيارات المتبادلة والإجتماعات سواء على الاراضي السعودية او الاردنية او غيرها الى التنسيق لتلاقي المصالح بينهما الى مجريات الأحداث الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط والتي متّنت هذه العلاقة وشعّبتها وهو ما سنتناوله في هذا المقال.
من مصر الناصرية الى سوريا واليمن المظلوم، علاقات الطرفين متجذرة
"ناحيك نفوت" اوضح ان السعوديّة ليست عدواً وفق نظرة الكيان لها، فالعلاقات بينهما تعود الى الستينيات من القرن الماضي، وكذلك الأمر بالنسبة للموقف السعودي، فهم لا ينظرون الى الكيان الاسرائيلي على انه عدو، ففي السعودية لديه اصدقاء وشركاء حقيقيون وكثيرون حصّلهم من خلال زياراته وجولاته الكثيرة على مرّ العقود الماضية. الجدير ذكره ان تصريح "نفوت" لم يكن الأول ولعله لن يكون الأخير، ففي العام 2013 صرّح المستشار السياسي لنتنياهو ان كيان حكومته والسعودية على علاقات تعاون منذ عشرات السنين وكان اول التقاء للمصالح بينهما في ستينات القرن الماضي في مواجهة مصر الناصرية والتي كانت توجهاتها الى جانب الحق الفلسطيني والرفعة العربية، كما لا يخفى مساعدة الطائرات الاسرائيلية في نقل كميات الأسلحة الهائلة لقوات الامام في اليمن مطلع الستينات لدخول العاصمة صنعاء وبطلب سعودي.
اليوم تتجدد التصريحات الاسرائيلية بضرورة الوقوف الى جانب النظام السعودي في عدوانه على اليمن لتلاقي المصالح فيما بينهما هناك وتلك المتعلقة بـ باب المندب، الى التعاون والتنسيق بينهما في سوريا والتي كانت تجري غرف عملياته المشتركة من الأراضي الاردنية. وتجدر الإشارة الى اننا اليوم امام شاهد حي وجديد لم يمض عليه اسابيع والمتمثل بزيارة وفد الكيان الاسرائيلي للرياض، والتي على الأرجح تم تداول الكثير من المواضيع خلالها سواء ما يتعلق باليمن وسوريا او مصر ولبنان وغيرهما، وتم التطرق الى آلية تعزيز المصالح المشتركة بينهما، هذه الزيارة واللقاء وصفتها وسائل اعلام الكيان بأنها حميمية.
اسس تركيبة النظام والكيان، تلاقي ومخاوف واحدة ولا مكان للقضية الفلسطينية
يمكن فهم توجه الطرفين الكيان والنظام لتمتين العلاقات والتنسيق فيما بينهما من خلال فهم اسس التركيبة التي قام عليها النظام السعودي والكيان الاسرائيلي، فالنظام السعودي الحاكم هو نظام عائلي يرث فيه الإبن اباه، ولا وجود لتطلعات الشعوب في آلية الحكم والإدارة، والكيان الاسرائيلي الذي لم يكن له من اساس سوى بمجموعة من العصابات الشبيهة اليوم بجماعات الفكر الارهابي التدميري كداعش والنصرة وغيرهما، ارسلوا الى فلسطين آنذاك واحتلوها ليطردوا سكانها ويدمروا اي امكانية للإستقرار والتطور في المنطقة والقضاء على تطلعات الشعوب فيها، هذه التركيبة لكل من الكيان والنظام هو ما يفسر طبيعة التلاحم والتلاقي في الخيارات بينهما. انطلاقاً من ذلك، فمن بديهيات الأمور أن لا يكون للقضية الفلسطينية التي محورها تطلعات الشعوب لتحرير ارضها من مكان في عقلية النظام السعودي. واليوم نظام سلمان خليفة من سبقه يختلف عنهم انه لا يخجل من اعلان علاقاته مع الكيان، وقد تشهد الأيام القادمة مزيداً من الاعلان عن هذه العلاقات أمام الرأي العام.
مشكلتنا مع الأنظمة وليس الشعوب، واصرار سعودي لتوسيع العلاقات
الجانب السعودي نفسه هو من يصر على توسيع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي، فعلى ما يبدو، فإن شبه التراجع الامريكي حيال المنطقة لوجود تنافس بينها والغرب في آسيا الوسطى من جهة والقارة الافريقية من جهة اخرى هو ما يدفع النظام السعودي للبحث عن بديل في العلاقات لحفظ المكانة وحماية نفسها. فالحضن الامريكي اصبح اقل دفءً والبديل هو الكيان الاسرائيلي. خاصة ان تغييرات المنطقة رسمت واقعاً جديداً، من صمود الشعب اليمني إلى تقدم الجيش السوري والتشكيلات الشعبية المساندة له، الى فشل مخطط ضرب العراق وشعبه كما والقوة الشعبية التي أصبحت موجودة في لبنان ومحيطها، كلها اعتبارات دفعت الكيان والنظام لتقوية العلاقات بينهما. وعلى ما يبدو فإن الزيارة الأخيرة تضمنت محاولات الكيان الاسرائيلي لإشعال الجبهة الجنوبية بوجه الجيش اللبناني.