الوقت- بعد أن شهدت العلاقات بين تركيا ومصر تصعيدا وتوترا كبيرا خلال المرحلة الماضية ألمح نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينج قبل یومین إلى ضرورة إزالة التوتر القائم بين بلاده ومصر لکنه اعتبر ان مصر هي التي قد يجب علیها أن تقدم على خطوة أولاً ، لكن ورغم هذا الاشتراط من قبل أرينج فان هذه التصريحات تعبر عن رغبة تركية في ازالة التوتر مع مصر وبداية عهد جديد من التعاون مع الدول العربية بغية تحقيق المآرب التركية في المنطقة بسهولة أكبر من الماضي .
وفي تفاصيل المواقف التركية الجديدة فقد قال أرينج في مقابلة اعلامية ان تركيا لديها علاقات عريقة وعميقة وتاريخية واضاف "من غير الممكن أن نكون بعيدين عن بعضنا، وأن نتصرف ببرود إزاء بعضنا البعض" ، وحول العلاقات مع مصر قال أرینج "أن هناك وضعاً قائماً، والعالم بأسره تقبله فالسيسي اليوم يمكنه زيارة أمريكا والبلدان الغربية، وفي هذا الخصوص علينا أن نقيم علاقاتنا مع مصر على أرضية سليمة بسرعة ، قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولاً، لكن علينا تحقيق ذلك".
في هذه الاثناء كشف وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو النقاب عن وجود وساطة خارجية لم يحددها بين مصر وتركيا، حيث قال في تصريحات تليفزيونية "هناك بعض المبادرات لفتح حوار بين البلدين على مستوى معين" لكنه رفض الكشف عن مزيد من المعلومات.
وأضاف أوغلو "أن الدول الغربية وكذلك بعض الدول في الخليج الفارسي تقول إنه يجب إحياء علاقتنا مع مصر ونحن نقول إنه يمكن إحياؤها" وقال "إذا اتخذت الحكومة المصرية خطوات في اتجاه الديمقراطية وإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان فسوف نصلح علاقتنا مع مصر" .
يأتى ذلك فيما تخلى المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية تانجو بيلجيتش عن اللغة السلبية المعتادة ضد القاهرة ، وقال المتحدث باسم الخارجية التركية ردا على سؤال عن العلاقات مع مصر إنه يمكن تطبيع العلاقات بين بلاده ومصر في حال عادت مصر إلى الديمقراطية الصحيحة، وتجسدت إرادة الشعب المصري الحر في السياسة والحياة الاجتماعية، واتبعت القاهرة سياسة شاملة" .
وتعتبر هذه التصريحات التركية تجاه مصر كلاما دبلوماسيا فحواه ان على مصر ان تغض الطرف عن المواقف التركية الحادة التي صدرت ضد القاهرة ابان الانقلاب العسكري الذي اطاح بحكم جماعة الاخوان المسلمين في مصر كما يجب على القاهرة ان لاتطالب باسترداد قادة الاخوان المسلمين المصريين الذين هربوا الى تركيا بعد الانقلاب العسكري ، كما تعني هذه التصريحات التركية الترحيب بأية وساطة عربية او غير عربية من أجل تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر .
اما على صعيد الوساطات تقول المصادر الدبلوماسیة ان هناك وساطة سعودية ستجري بين انقرة والقاهرة کما قالت مصادر أخرى إن أمير قطر، تميم بن حمد، طالب أنقرة بتطبيع العلاقات مع مصر، خلال زيارته الأخيرة الأسبوع الماضي، ما أثار تكهنات حول وساطة قطرية بين البلدين ، وفي هذا الإطار تقول مصادر مطلعة انه لا توجد معلومات عن وساطة كويتية بين مصر وتركيا، لأن قطر هي من ستقوم بهذا الدور ، وتضيف هذه المصادر المطلعة ان عدم خروج أي انتقادات لمصر من المسؤولين الأتراك خلال زيارة أمير قطر تميم بن حمد الأخيرة الى أنقرة، يدل على أن تركيا تريد أن تعيد العلاقات مع مصر .
وتعتبر تركيا بلدا تضع مصالحها الضيقة فوق أي اعتبار وان المصالح هي التي تحكم السياسة التركية في المنطقة وفي المقابل هناك توجه لدى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لتحسين العلاقات مع الدول الشرقية وربما يظن السيسي ان بامكانه ان يستفيد من العلاقات مع انقرة من أجل تهدئة جماعة الاخوان المسلمين وانصارها في مصر .
لكن هناك موضوع استراتيجي أهم من هذا كله ولم تشير اليها الجهات الدبلوماسية التركية والمصرية والخليجية وهي أن الحكم في تركيا يضع مسألة اسقاط النظام السوري على رأس سلم اولوياته وهذا واضح من جميع التصريحات التي يدلي بها المسؤولون الأتراك وان ترکیا سوف تستفید من تحسين علاقاتها مع مصر والتقارب أكثر من السعودية وقطر والامارات والكويت والبحرين من أجل تضييق الخناق أكثر على سوريا وتجييش المجتمع الدولي من جديد لزيادة الضغوط على النظام في سوريا وهذا ما سنراه خلال المرحلة المقبلة .