الوقت - أجرت قوات الجوفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني خلال الأيام القليلة الماضية مناورات واسعة لإطلاق صواريخ باليستية من تحت الأرض وإختبار صواريخ بعيدة يصل مدى بعضها إلى 2000 كم من منصات موزعة على كافة أنحاء البلاد.
وجرت المناورات التي حملت إسم "إقتدار الولایة" في عدة نقاط من البلاد تزامناً مع المنطقة العامة بصحراء قم (وسط إيران)، إلی سواحل مكران؛ وتم خلالها إطلاق صواريخ "قدر H" من "جبال ألبرز الشرقية" (شمال شرق إيران)، نحو أهداف في سواحل مكران (جنوب إيران) على بعد 1400 كيلومتر وهذا یبين بوضوح مدی سعة هذه المناورات.
وأوضح قائد القوة الجوفضائیة للحرس الثوري العمید أمیر علي حاجي زادة، إن الهدف من إجراء مناورات 'إقتدار الولایة' هو الإرتقاء بالقدرات الصاروخیة في البلاد، لافتاً الی أنه تم إطلاق صاروخ بعید المدی في المرحلة الختامیة للمناورات من مرتفعات 'البرز' مستهدفاً نقطة في شواطئ مکران (جنوب شرق) علی بعد 1400 کیلومتر، مؤكداً في الوقت نفسه أن الصواريخ المطلقة تمكنت من تدمير أهدافها المفترضة. وأفاد حاجي زادة بأن صواريخ "قدر F" التي یبلغ مداها حوالي 2000 کیلومتر تسير على إرتفاع 400 كيلومتر وتضرب أهدافها في غضون 12 إلى 13 دقيقة.
وشهدت المرحلة الختامیة من هذه المناورات التي حملت أيضاً شعار "إستعراض الإقتدار والأمن المستدیم فی ظل الوحدة والتناغم والتضامن" تجربة إطلاق صاروخ "قيام" الباليستي وصواريخ "شهاب 1" و "شهاب 2" متوسطة المدى، وصواريخ "قدر H" وقد أصابت أهدافها بدقة.
وتجدر الإشارة إلى أن صاروخ "قدر H " يبلغ مداه حوالي 1700 کیلومتر. وتبلغ زنته 17طناً وطوله 16متراً وقطره 1.25 متر، وله رأس حربي شدید الإنفجار زنته 650 کغم ینفصل عن الصاروخ الذي يعتمد على الوقود السائل.
وكانت بعض الصواريخ قادرة على حمل طن من مادة "تي ان تي" وبعضها الآخر قادرة على حمل 24 رأس وهي تتمتع بقدرة تدميرية تصل مساحتها إلى كيلومترين". وتجدر الإشارة إلى أن إطلاق الكثير من هذه الصواريخ تم من منصات مثبتة تحت الأرض، ما يجعل هذه الصواريخ والمنصات في مأمن عن أيّ إستهداف معادي.
وتشهد المنظومة الصاروخية الإيرانية تطوراً هائلاً في قدراتها على كافة المستويات، فقد نجحت إيران في السابق بالتحكم في صاروخ "شهاب 2" حتى إصابته الهدف، وتابعت نجاحها بإنتاج صاروخ "عماد" القادر على ضرب الأهداف بدقة عبر التحكم به، وتمكنت من إختبار صاروخ "قيام" حتى لحظة إصابة الهدف خلال المناورات الأخيرة.
وكان مجلس الأمن الدولي قد أعلن أن إيران بإطلاقها صواريخ باليستية، لم تنتهك القرار 2231 الذي يؤيد الإتفاق النووي بين طهران والسداسية الدولية، وهو ما أكدته أيضاً مسؤولة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي "فدريكا موغريني.
مناورات "إقتدار الولاية" وكما يؤكد المسؤولون الإيرانيون ليست موجهة ضد أيّ دولة أخرى، وإنّما ترمي إلى تقوية البنية الدفاعية لإيران ضد أيّ تهديد محتمل، وإلى تعزيز الأمن والإستقرار في عموم المنطقة من خلال التعاون مع الدول الإقليمية، وهذا الأمر لا يتعارض مع سيادة الدول وإستقلالها في التسلح التقليدي للدفاع عن نفسها بعيداً عن أسلحة الدمار الشامل.
هذه المناورات الصاروخیة الضخمة هی الأولى التي ینفذها الحرس الثوري الإيراني بعد الإتفاق النووي بين طهران والمجموعة السداسية الدولية في تموز / يوليو 2015، وتتعدى كونها إختباراً عادياً للجهوزية العسكرية، فهي تحمل عدة رسائل بالإضافة إلى إستعراض قدرة الردع الإيرانية وجهوزیتها الشاملة للتصدي لأيّ تهدید یستهدفها.
ويمكن الإشارة إلى هذه الرسائل على النحو التالي:
- إيران تبني قوتها وليس هناك أحد في العالم يمكن أن يفرض عليها كيفية بناء هذه القوة.
- البرنامج الصاروخي الإيراني خط أحمر لايمكن المساومة بشأنه رغم المحاولات الرامية لوقفه التي إنطلقت بعد الإتفاق النووي الذي وقعته طهران مع السداسية الدولية، وذلك من خلال التهديد بفرض عقوبات جديدة على إيران.
- تبين هذه المناورات مدى التقدم العلمي والعسكري الذي حققته إيران خلال السنوات الماضية رغم الحظر الإقتصادي المفروض عليها على خلفية أزمتها النووية مع الغرب، خصوصاً وإن هذا التطور قد تحقق على يد الخبراء الإيرانيين ودون الإعتماد على أيّ طرف أجنبي.
- نُفذت هذه المناورات بعد أيام قليلة من إجراء الإنتخابات البرلمانية وإنتخابات مجلس خبراء القيادة في إيران، لتؤكد إن الموقف الإيراني موحد تجاه القضايا الإستراتيجية للدولة.
- لكن الرسالة الأهم في هذه المناورات كانت للكيان الإسرائيلي، حيث كُتب بالعبرية على الصورايخ التي إختبرتها إيران في هذه المناورات: "يجب إزالة إسرائيل من الوجود ". فهذه الصواريخ يبلغ مداها 2000 كم، أي بمقدار المسافة التي تفصل إيران عن الكيان الإسرائيلي، ما يعني أن ردع هذا الكيان كان يمثل الهدف الرئيس لهذه المناورات بإعتقاد المراقبين.