الوقت – بعد الفشل الامريكي في تفتيت منطقة الشرق الاوسط واضطرار واشنطن للتراجع امام ايران في الملف النووي والافراج عن الاموال الايرانية المجمدة التي يقول الاسرائيليون والسعوديون انها ستصرف لدعم محور المقاومة والممانعة في المنطقة وهزيمة المشروع التركي في سوريا وعدم تمكن القوى الاقليمية من اسقاط النظام السوري اعلنت الحكومة السورية عزمها على اجراء الانتخابات النيابية في هذا البلد لتثبت اخيرا للعالم كله مكانة النظام السوري لدى الشعب وزيف ادعاءات الغرب بعدم شرعية هذا النظام.
ولم يكن الاعلان عن اجراء هذه الانتخابات امرا اعتباطيا فبشار الاسد يعلم التكلفة التي سيدفعها في هذه الانتخابات لكنه يدرك جيدا حجم الانتصارات التي سيحققها نتيجة اجراء الانتخابات فالحكومة السورية ليست فقط متقدمة على اعدائها بفضل انتصارات الجيش السوري بل انها ستمسك بيدها زمام المبادرة في مجال العمل السياسي ايضا عندما تثبت مكانتها الشعبية في انتخابات نزيهة.
هل يمكن اجراء الانتخابات؟
ان وجود الاشتباكات المسلحة في سوريا واحتلال بعض مناطق هذا البلد من قبل الارهابيين يطرح سؤالا حول امكانية اجراء الانتخابات النيابية لكن اذا دققنا النظر في المناطق التي يمكن اجراء الانتخابات فيها وحجم هذه المناطق وعدد الافراد الذين يمكنهم المشاركة في الانتخابات نستنتج ان اجراء الانتخابات في سوريا هو امر ممكن فالجيش السوري يسيطر على مناطق عديدة في مدينة حلب وريفها وصولا الى محافظة درعا ودمشق والقنيطرة وحمص وحماه وطرطوس واللاذقية والسويداء.
ان التدقيق في الخريطة السورية يظهر ان اكثر المناطق ذات الكثافة السكانية العالية من مختلف الشرائح هي تحت سيطرة الحكومة وحلفائها وان سكانها يعيشون حياتهم العادية ولذلك يمكن القول ان الانتخابات المقبلة ستجري بشكل عادي وبنظم وانضباط كاملين.
ان اجراء هذه الانتخابات من دون وجود اضطرابات امنية سيزيد قوة الحكومة السورية السياسية والامنية ويظهر زيف الضجة الاعلامية المثارة للمعارضين والذين يريدون تصوير الحكومة السورية مهزومة ويدعون ان الدستور السوري يفتقد للشرعية ويروجون للنعرات الطائفية.
ويبدو ان نتائج الانتخابات السورية يمكن التكهن بها ايضا فمعظم المعارضين يعتقدون الان بضرورة وقف الحرب وعدم جدوى استمرارها كما ان معظم عوائل المعارضين قد خرجوا من سوريا وهاجروا الى اوروبا وهم مستعدون للتخلي عن هوياتهم السورية وذلك في وقت يؤيد القسم الاكبر من الشعب السوري حكومة الرئيس بشار الاسد ويرحب بالاشخاص القريبين من الحكومة ولايريد تسليم مستقبل سوريا الى اشخاص مجهولين في وقت تقترب الحرب من نهايتها.
ويأتي قرار اجراء الانتخابات في وقت اتفقت روسيا وامريكا فيه على وقف اطلاق نار غير محدود رغم ان وقف اطلاق النار لايشمل داعش وجبهة النصرة وجماعات منتمية لتنظيم القاعدة، وان وقف اطلاق النار هذا قد جلب الهدوء الى قسم من الاراضي السورية وزاد التفاؤل بوجود مستقبل هادئ ومن دون حروب ولذلك يمكن القول ان الارهابيين باتوا مهزومين في السياسية وايضا في الميدان.
وسيثبت الشعب السوري من خلال مشاركته في هذه الانتخابات انه لايقبل بأن تقرر واشنطن وانقرة والرياض مصيره بل يريد هذا الشعب ان يقرر بنفسه مصالحه ومستقبله ويوصل من يريد الى البرلمان، ان الشعب السوري يؤمن بان بلاده هي بحاجة الى الهدوء وامن وتجربة جديدة من الاصلاحات السياسية من دون تدخلات خارجية.
لمن الفوز في الانتخابات السورية؟
يعرف الرئيس السوري بشار الاسد بشكل جيد خارطة التيارات الشعبية في المدن السورية المختلفة ولذلك يريد اجراء الانتخابات بثقة عالية ليثبت للعالم انه يحظى بالشرعية في اعلى هرم السلطة في سوريا وان الرأي العام السوري لازال يريده، ان الانتخابات السورية ستفضح الذين حملوا السلاح دون وجود مشروعية سياسية وبذريعة حماية الشعب وستثبت ان هؤلاء لم يكونوا يريدون حماية الشعب.
وستكون الانتخابات السورية المقبلة فضيحة لحماة الارهاب الدوليين فبشار الاسد سيكمل تفوقه العسكري والامني بهذه الانتخابات لتقترب سوريا من نهاية الحرب التي دامت 5 سنوات.
وهكذا يمكن القول ان هذه الانتخابات ستكون خطوة أخرى لاثبات انتصار الحكومة السورية في هذه الازمة وستؤدي هذه الانتخابات الى بلورة توازن قوى جديد في الشرق الاوسط نظرا لاهمية سوريا في المعادلة الاستراتيجية في منطقة الشرق الاوسط التي لن تصبح كما يريدها الامريكيون بل كما صنعها محور المقاومة والممانعة.