الوقت- في الأسابيع الثلاثة الماضية، حقق الجيش السوري و حلافائه الأكراد انتصارات هامة على الصعيد العسكري على الحدود الشمالية لسوريا و تركيا، و كانت أهمية هذا النصر بتبدل المعادلة العسكرية و السياسية لصالح القولت النظامية السورية و حلفائها.
الانتصار الأخير للجيش السوري و حلفائه الأكراد خصوصا في الشمال السوري استفز تركيا و السعودية الداعمتين للارهاب في سوريا، مما دفع بهما الى استغلال المحادثات في ميونيخ و جمع قواتهم (الطائرات السعودية و القطرية) في منطقة اينجرلك التركية في القاعدة الأميركية هناك "استعداداً" لدخول البري الى سوريا، و کذالك قامت القوات التركية بقصف المناطق الخاضعة للأكراد و المحررة جديداً من أيدي الارهابين لايقاف التقدم الكردي و السوري في تلك المناطق و رفع المعنويات للارهابيين. و اعتبر مراقبون القصف المدفعي التركي رسالة من أنقرة لواشنطن التي تدهورت علاقاتها مع "رجب طيب أردوغان" بعد اتهامه أميركا بدعم "الوحدات" بهدف إقامة دولة كردية مستقلة في الشمال السوري.
الهدف من التدخل البري في سوريا
قال "جون كري" وزير الخارجية الأمريكي أن "المعارضة السورية سوف تهزم خلال أشهر قليلة"، بغض النظر عن صحة هذا الكلام، يدل المسار التصاعدي الذي اتخذه الجيش السوري و حلفائه الأكراد بتحرير مدينة حلب و ريفها الشمالي و قطع طرق الامداد التركي للمسلحين و الانتصارات المتتالية في العاصمة دمشق و اللاذقية و في الجنوب السوري و خصوصاً مدينة درعا و ريفها، علی أن كلام "جون كيري" بانهزام الارهابين حقيقة. و أصبح موقف حلف تركيا- کیان الاسرائيلي- أمريكا- السعودية صعب جداً، اذ أنه لا يمكنه الوقوف مكتوف الأيدي. فبدأ التهويل بتدخل بري، وتحديداً من قِبل السعوديين والإماراتيين والأتراك (قبل أن ينضم إليهم أمس وزير الخارجية القطري) تحت عنوان محاربة داعش. و لكن بحسب المحللين السياسيين، ان الحرب المعلنة من قبل السعودية على داعش هي كالحرب المعلنة من قبل التحالف الأمريكي على داعش، بمعنى أنها مزعومة، و يؤكد المحللون أن الغرض الأساسي من اعلان التدخل البري في سوريا هو هزيمة الأكراد التي تحملهم أنقرة و الرياض المسؤلية التامة عن الخسارة في الشمال السوري. اذ أن الأكراد كانوا السبب الرئيسي في بقاء مدينتي نبل و الزهراء صامدتين على مدى الأربع سنوات الماضية، و اللتان أصبحتا فيما بعد بوابتا الشمال لما تضمه من مقاتلين الى جانب الجيش السوري (6000 الاف مقاتل)، أيضاً كان لتلك المدينتين تأثيراً ايجابياً على معنويات الجيش السوري و حلفائه بينما كان سلباً على الارهابين حيث أخذو يفرون من أرض الميدان باتجاه الأراضي التركية.
ردة فعل الأكراد على الحملة السعودية التركية
قال "أردوغان" سابقاً أنه سوف يقلب العالم فوق رأس الأكراد، لكن اكراد سوريا لم يأبهو بكلامه و بكل هدوء أخذوا يتطورون شيئاً فشيئاً، الى أن استطاعوا أن يحدثوا فرقاً استراتجياً كبيراً باستعادتهم السيطرة على مطار "منغ" في محافطة حلب. بعد مطار "منغ" وضع الاكراد أعينهم على مدينتي أعزاز و جرابلس الاستراتجيتين. و من أجل رفع معنويات الارهابيين قام الأتراك بقصف الأكراد الا أن الأكراد تلقوا القذائف في صدورهم و استمروا بالتقدم اذ أنه تشهد في هذه الأثناء مدينة أعزاز معارك عنيفة.
و قالت قائدة القوات الكردية النسائية "نسرين عبدالله" في خصوص القصف المدفعي الذي تتعرض له القرى المحررة من قبل الأكراد الى أن " هذا العمل الذي قامت به تركيا يدل علی أنها هي المسؤلة مباشرة عن دعم الارهابيين من داعش و جبهة النصرة" و أكدت أن " القوات الكردية سوف تستمر بالحرب ضد الارهابيين و سوف تقطع يد تركيا الدعمة للاهاب في العالم".
و أضافت "نسرين عبدالله" أن " الدولة السورية و التي نحن من ضمنها اصبح لها 600 كلم من الحدود المشتركة بين سوريا و تركيا، و أكدت أن تركيا تسعى الى منعنا من التقدم باتجاه جرابلس و أعزاز التين تعتبران مهمتين اذ أنهما المنفذ الوحيد لدعم الارهابيين عبر الحدود التركية و تشكل 90 كلم من الحدود المشتركة بين سوريا و تركيا" و اضافة الى أن تركيا تعلم أن تحرير هذین المنطقتين و ادارتهما من قبل الأكراد يعني محاصرة داعش و قطع خط الامداد اليها" و لم تكترث عبدالله للتهديد التركي فقالت " هناك 270 قرية كردية في هذه 90 كلم و يجب تحريرها".
بناءاً على ما تقدم، ان الحرب التركية السعودية على الأكراد و ان حصلت تطرح أسئلة عديدة تصعب الإجابة عنها حالياً: ما هي كلفة التي سوف يتحملها هذا التحالف في حربه على الأكراد؟ ماذا لو كانت مهمة القوات السعودية و التركية غير يسيرة في الميدان؟ وهل ستتخلى واشنطن بسهولة عن أكراد سوريا، عبر إدخال قوات تركية إلى المناطق التي حرّروها من "داعش" في محافظات حلب والرقة والحسكة؟ ماذا سيكون موقف المحور الآخر في المنطقة؟ كيف سيتعامل محور المقاومة و الدب الروسي مع القضية؟