الوقت – بعد ان امتلكت امريكا تكنولوجيا الانتاج الوفير للنفط الصخري بات الاقتصاد الامريكي في اوضاع ايجابية حيث تستطيع امريكا الدخول الى اسواق الطاقة في العالم وتغيير المعادلات فيها وهذا سيدخل علاقات امريكا مع باقي الدول المصدرة للنفط وخاصة روسيا في مرحلة جديدا علما بأن هذه العلاقات كانت متوترة في الاساس.
ومن المتوقع ان يبلغ الانتاج الامريكي من النفط الصخري 2.8 مليون برميل في اليوم حسبما اعلنت منظمة ادارة معلومات الطاقة الامريكية التي اضافت ان انتاج امريكا من النفط في عام 2015 بلغ 10 ملايين برميل في اليوم وتجاوز الانتاج الروسي بقليل، ويعتقد الخبراء ان زيادة الاستخدام الامريكي لتكنولوجيا انتاج النفط الصخري ستضع امريكا امام روسيا والسعودية في انتاج النفط، وما يزيد الطين بلة هو سماح الكونغرس الامريكي بتصدير النفط للخارج.
ويقول البعض ان تراجع اسعار النفط الذي بدأ في صيف عام 2014 قد عاد بالنفع على الامريكيين وخاصة في المنافسة مع روسيا التي تعتمد اساسا على تصدير النفط والغاز لكن الخبراء يعتقدون ان التقدم الجيوسياسي الذي سجلته روسيا في اوكرانيا جاء في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا، كما لم يؤثر انخفاض اسعار النفط والضغط على الاقتصاد الروسي على اداء موسكو في سوريا حيث فشلت الخطط الامريكية هناك.
ويضيف هؤلاء الخبراء ان روسيا ليست قلقة من دخول امريكا ضمن الدول المصدرة للنفط لأن امريكا لن تحقق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة حتى عام 2030 كما ان الدراسات تشير ان زيادة انتاج النفط ستستمر لفترة قصيرة وخلال العقد القادم سنشهد انخفاضا في انتاج النفط في امريكا وهذا يدل ان امريكا لن تستطيع ان تتحول الى مصدر كبير للنفط مثل السعودية مثلا وان انتاج النفط في امريكا لاتحل أزمة الطاقة في العالم.
ان انتاج النفط الصخري يكلف ما بين 60 الى 80 دولارا للبرميل الواحد وهذا يعني ان هذا الانتاج سيكون مجديا من الناحية الاقتصادية اذا بقيت اسعار النفط عالية وفوق المئة دولار للبرميل لكن ادخال النفط الصخري الى الاسواق سيتسبب بتراجع اسعار النفط بشكل كبير وهكذا تصبح تكنولوجيا انتاج النفط الصخري عديمة الفائدة.
وفي احسن الاحول يمكن لانتاج النفط الصخري ان يسد حاجة امريكا لكن ستبقى في العالم دول تحتاج الى كميات كبيرة من النفط مثل الصين واليابان والهند والدول الاوروبية، وربما تهدف الاستراتيجية الامريكية في مجال النفط والطاقة الى سد الحاجات الداخلية وتوقف واردات النفط ولذلك سيعمد الامريكيون الى الحفاظ على انتاج النفط الصخري رغم هبوط اسعار النفط لكن هذا الانتاج سيبقى للاستهلاك المحلي ولن يستطيع سد الحاجات العالمية ولن يؤثر بشكل كبير على اسواق النفط العالمية.
ان الامريكيين يعلمون ان تغيير اسعار مصادر الطاقة البديلة سيؤثر على اسعار النفط في المستقبل ولذلك نجد بأن امريكا تستثمر الان بشكل اكبر في مجال الغاز الطبيعي والفحم الحجري من اجل انتاج الطاقة في المحططات وانتاج المواد البتروكيماوية من الغاز ومشتقاته.
وخلافا لما كان يتوقعه الامريكيون فإن هبوط اسعار النفط لم يؤدي الى نتائج سياسية واقتصادية ايجابية بالنسبة اليهم بل ان هبوط هذه الاسعار لفترة طويلة يمكن ان يتسبب بأضرار جدية للاقتصاد الامريكي والمؤسسات والانظمة الدولية المرتبطة ربطا قويا بالدولار الامريكي، ان حالة الانكماش الاقتصادي العالمي التي تركت تأثيرا كبيرا على الطلب في الاسواق الدولية يمكن ان تضع امريكا امام تحديات كبيرة على المدى الطويل.