الوقت- أحيا ابناء الشعب اليمني بالأمس الذكرى الـ47 للاستقلال وجلاء أخر جندي بريطاني، في ظل بعض الدعوات المطالبة بالانفصال وإعادة الوضع إلى ما قبل العام 1990 م ، في بلد يصارع موجات الارهاب التي تضربه وتحاول تشتيت قواه وتعصف به تحديات داخلية وخارجية جسيمة.
لم تبلغ تظاهرات الأمس من أنصار انفصال جنوب اليمن الزخم الذي أرادوه "لاستعادة دولة الجنوب" التي كانت قائمة قبل وحدة سنة 1990، وقد ردّد المشاركون هتافات مؤيدة للانفصال وما يدعونه بـ"التحرير والاستقلال" واصفين حكومة اليمن ب"سلطات الاحتلال"، لكن من المؤكد أن كل هذه النداءات تضر بأبناء الجنوب قبل غيرهم ولا تخدم الا مصالح اقليمية خارجية من حيث يدرون أو لا يدرون.
الوحدة اليمنية كانت وستبقى أحد أهم الثوابت بالنسبة للشعب اليمني، ولكل مواطن يمني على حدة من أية محافظة كان و أياً كان مذهبه وعقيدته وسلالته، لأنها جائت كحدث ثوري عبَّر عن تطلعات وإنجازات الإرادة الشــــعبية من أجل توحــيد إمكانات الوطن، وتمكن اليمنيون من العيش بسلام ومواجهة كل الدعوات الفتنوية. اذا الوحدة ليست هبة من هذا أو ذاك كما أنها ليست بالحدث الطارئ، فالوحدة اليمنية كانت قائمة في حقبة الاستعمار البريطاني والنظام الإمامي وأنظمة السلطنات و المشيخات ويبقي أبناء الشعب اليمن يفتخرون بهويتهم الوطنية اليمنية.
لقد قدم أبناء الشعب اليمني في ثورة 14أوكتوبر عام 1962 أرواحهم ودماءهم فداء للوطن وتحريره من الاستعمار والاستبداد وبناء اليمن الواحد الحر المستقل، لذلك فان اليمن ووحدتها أكبر من أي فرد، وسلطة ، ومرحلة، وفي الأوقات العصيبة كما هو حال يومنا هذه في اليمن لا بد أن تجتمع العائلة مع بعضها في بيتها الواحد التي لا تملك سواه.
القضية الجنوبية كانت احدى المحاور المهمة في مؤتمر الحوار الوطني، ويتفق الجميع على عدالة القضية الجنوبية بمضمونها الاجتماعي والسياسي معاً، فمن حق قوى الحراك وغيرها من القوى السياسية الثورة ضد أي نظام سياسي لإسقاطه وتنصيب البديل الأفضل بالوسائل السلمية، الاّ أن دعوات الانفصال هذه لاتخدم أي طرف من الأطراف وستدخل البلاد في اتون حرب أهلية لن تحمد عقباها ومن الصعب السيطرة عليها.
تأتي دوماً قوة الشعوب من توحد أيدي أبنائها لمواجهة كافة الأخطار المحدقة ببلدانها ومواجهة كافة الأفكار التي تسعى إلى اختراق أمن واستقرار البلدان ومحاولة هدم كل ما هو جميل فيها، لذلك يجب على الفعاليات الوطنية الحفاظ على اهم منجز في تاريخ اليمن الحديث عبرالتكاتف في مواجهة الارهاب وتوسيع القاعدة الشعبية للمؤسسات العسكرية في البلاد نظراً للتحديات الجمّة، إلى جانب إعادة آلاف الجنوبيين إلى وظائفهم العسكرية بعد إقصائهم وتهميشهم من قبل نظام"علي عبدالله صالح".
لم يدرس الحالمون بالانفصال التاريخ جيدا, فتحت راية الوحدة عاش اليمن أزهى عصوره وبطون الكتب تشهد على ذلك، كما انهم لا يفقهون أبداً أبعادً مؤمرات قوى الاستعمارضد الوطن والشعب وسعيها الدؤوب لاستعادة هيبتها وبسط سيطرتها على المنطقة ونهب ثرواتها، لذلك اوجدت الأجواء الصدامية بين الأطراف السياسية في اليمن اضافة الى دخول اليمن في مواجهة مع قوى الشر والتطرف واستمرار التدهور الاقتصادي والامني ارضية مناسبة لبعض ينسف مصالح الوطن مقابل بعض مصالحه الضيقة لتنفيذ المخططات التامرية والاستعمارية وبالتالي اشعال نار فتنة قد يمتد لهيبها الى خارج اليمن اذا لم يتم تداركها.
من المؤكد ان الجنوبيين قادرون على التمييز بين الحل الوطني العادل لقضيتهم وبين محاولات البعض تمزيق اليمن والعودة بالارض والانسان الى ماقبل الوحدة المباركة، خاصةً ان التحديات الداخلية المتمثلة بالقاعدة والوضعين الاقتصادي والامني، ووكذلك التحديات الخارجية المتمثلة بالارهاب الذي يعصف بالمنطقة العربية يدعوا جميع اليمنيين للوحدة اكثر من أي وقت مضى.
اذاً، الوحدة هي عماد المرحلة المقبلة في اليمن، ويعتبر الدعم الشعبي مطلباً أساسياً لإخراج البلاد من أزمتها ، لا سيما في ظل ضعف وشلل اقتصادي مرعب، وعدم قدرة قوى الأمن والجيش على التصدي لهجمات تنظيم القاعدة، ما يدعو الشعب اليمني بأسره لليقظة الوطنية والوحدة سياسياً وعسكرياً وشعبياً لتحطيم كل المؤامرات ولانتقال إلى بر الأمان.