الوقت - بدأت السعودية بعد احداث 11 سبتمبر تواجه تحديات جمة لازالت تلاحقها وقد عانى حكام الرياض من القلق منذ ذلك الحين حتى الآن، وتمر السعودية حاليا بأصعب الظروف وأخطرها وتواجه تناقضات داخلية خطيرة يمكن ان لايعرفها الجميع تضاف اليها تحديات امنية داخلية وخارجية واسعة ومنها التيار التكفيري وتنظيم داعش والجريمة الارهابية ضد مراسم العزاء الحسيني في منطقة الاحساء بالمنطقة الشرقية من السعودية.
والتحديات التي واجهتها الرياض بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر هي:
1- تغيير الرأي العام الامريكي تجاه السعودية نظرا لجنسية مهاجمي 11 سبتمبر السعودية حيث بدأت المطالبات الامريكية للسعودية بتغيير المناهج التعليمية والدينية من أجل منع ظاهرة الارهاب.
2- ان الامريكيين قد بدأوا حربهم ضد الارهاب بغزو افغانستان والعراق وقد دعمت الرياض تلك الحروب لاسباب عدة ومنها سعيها لابعاد شبهة الارهاب عن نفسها كما ان الرياض اخطأت في حساباتها لانها اعتقدت ان وجود قواعد امريكية في العراق سيكون تهديدا جديا لايران وسيسرع هجوم امريكا على ايران، وعقد السعوديون والاسرائيليون الأمل على هذا لكن الهجوم الامريكي على ايران لم يحصل بل تحولت ايران على عكس من ذلك الى قوة اقليمية كبيرة وعززت نفوذها في العراق حتى لبنان وسوريا اضافة الى دول الخليج الفارسي.
3- واجهت السعودية خطر الارهاب من عام 2003 حتى عام 2009 بشكل جدي في الداخل وكان الارهابيون منتشرين في هذا البلد وينفذون العمليات ضد الشرطة السعودية والاجانب والاماكن السياحية وباقي المراكز في هذا البلد.
4- شعرت السعودية منذ انطلاق الإنتفاضات العربية بأنها مهددة بشكل جدي لأن حلفائها سقطوا واحدا تلو الآخر وقد شعرت الرياض بأن لعبة الدومينو هذه ستصل سواحل الخليج الفارسي في حال استمرارها وستزيل حكم آل سعود لذلك عمدوا الى مواجهتها.
5- عندما سقط مشروع الاخوان المسلمين في مصر في يونيو 2013 شعرت السعودية بتعزيز قدرتها لذلك عمدت الى ضرب مشروع المقاومة في المنطقة وازالة احد اعمدتها أي الحكومة السورية، وفي مرحلة لاحقة سعت الرياض الى القضاء على النفوذ الايراني في المنطقة وقد اخطأت السعودية هنا وربما كانت حساباتها مرتبطة بزمن احتلال العراق او مناطق اخرى او حتى سقوط اخوان المسلمين.
وكان على السعودية ان تبحث عن تسوية في الشرق الاوسط وتدعو حتى الامريكيين الى التسوية مع الحكومة السورية ومعارضيها بدلا من تعقيد الاوضاع في المنطقة اكثر مما هو عليه وحث الامريكيين على مهاجمة سوريا بذريعة استخدام السلاح الكيميائي من قبل السوريين والعمل على تدمير دولة عربية اخرى في المنطقة.
لقد أهدر السعوديون فرصة تاريخية كانوا يستطيعون استغلالها لانقاذ سوريا والمنطقة من نيران الاقتتال والفتنة، ان السعودية وبدلا من القيام بلعب دور الشقيقة الكبرى ورعاية التسويات في المنطقة واستغلال قوتها لاعادة بناء الدول المتضررة والنهوض باقتصادياتها عمدت الى تأجيج الاضطرابات واشاعة القتل والدمار في المنطقة وصولا الى لبنان.
ان السعودية لن تشهد تغييرا في سياساتها مازالت تتبع القاعدة السائدة في العلاقات الدولية التي تقول بأن "الحرب استمرار للسياسة لكن بأدوات مختلفة" ، لكن السؤال المطروح هنا هو لماذا يجب اللجوء الى الحرب اذا كانت هناك طرقا أخرى لتحقيق الاهداف؟
من الواضح ان الصراع السني – السني هو من أجل الزعامة على العرب وفي وقت كان بامكان السعودية ان تصل الى هذا الهدف عبر الاستفادة من سياستها العربية في ايجاد التسويات وتقديم الدعم المادي والسياسي للدول الاخرى فلماذا اختارت الحروب؟ اذا كانت السعودية تستفيد من الفرص وتعمل على ايجاد تسوية تاريخية في سوريا وترغم امريكا على القبول بهذه التسوية المعقولة في المنطقة لكانت كل من ايران والسعودية تتحولان الى قوة اقليمية في سياق تعزيز قدرات العالم الاسلامي، وعندئذ كانت السعودية تصل الى هدفها في التحول الى قوة اقليمية مؤثرة.