الوقت - يبدو أن ملف الرئاسة في لبنان يشهد تحولات جذرية و مفاجآت على غير صعيد، و قواعد اللعبة من تحالفات سياسیة شهدها لبنان منذ عام 2005 و حتى الآن أمام تغييرات و منعطفات مجهولة و يأتي ذلك بعد حدث الأمس بتبني الدكتور سمير جعجع لترشيح العماد عون لرئاسة الجمهورية و الذي سبقه خطوة سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية في حين أنه و في وقت سابق كان قد تبنى ترشيح جعجع نفسه لفترة ليست بالقليلة و حارب بذلك الترشيح وصول العماد عون للكرسي الرئاسي و التزمت كتلته النيابية و حلفاؤه بذلك الترشيح لمدة طويلة في جلسات انتخاب الرئيس التي عقدت طوال المدة السابقة. في ظل هذه المتغيرات و كثرة التساؤلات حول ما ستؤول اليه نتائج هذا الملف كان لموقع الوقت مقابلة مع المحلل السياسي و الصحفي الأستاذ قاسم قصير.
فبعد سؤاله حول رؤيته لمسألة تبني الدكتور سمير جعجع ترشيح العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية؟
أجاب قصير: " تبني الدكتور جعجع للعماد عون جاء أولاً كرد فعل على ترشيح سعد الحريري لسليمان فرنجيه، النقطة الأخرى أن جعجع عمل منذ مدة على تنفيذ ما يسمى ورقة التفاهم مع التيار الوطني الحر من أجل إعادة ترتيب العلاقة بين القوات اللبنانية و التيار الوطني بعد مرحلة طويلة من الخلافات".
و أكمل قصير بأن: "جعجع من وراء هذا الموضوع يهدف أولاً لتحسين وضعه على الساحة المسيحية و ازاحة المشكلات التاريخية التي حصلت بين القوات و التيار على مدى السنوات الماضية، ثانياً جعجع يطمح بأن يرث العماد عون و التيار الوطني الحر بعد فترة ما، فهو يعتبر أن القوات أكثر تنظيماً و قدرة على كسب الجمهور المسيحي مستقبلاً".
و في سؤاله اذا ما كانت هذه الخطوة بالدرجة الأولى كرد فعل على ترشيح الحريري لفرنجية، ماذا كان هدف الأخير من ترشيح فرنجية؟
اجاب قاسم بأن "الحريري أقدم على ترشيح فرنجية لعدة أسباب:
أولاً وجد الحريري أن موضوع الرئاسة مقفل اذا لم يرشح شخصية من 8 آذر، و الحريري يهدف للعودة إلى لبنان من بوابة توليه رئاسة الحكومة.
ثانياً هناك بعض الجهات الدولية التي نصحت الحريري بهذا الموضوع، و كان الحريري يعتبر بأن ترشيح فرنجية سيفتح الباب أمام متغيرات سياسية في البلد، و لكن الذي حصل أن حزب الله و هو الطرف الآخر المعني بالانتخابات لم يتجاوب بشكل سريع مع الحريري بشأن ترشيح فرنجية و طالب بالهدوء و تأجيل الموضوع لبعض الوقت."
باعتبار أنه في الوضع الحالي نرى هدوءاً حذراً عند قوى 14 آذر من حيث ردات الفعل سألنا قصير عن الحال الذي ستؤول اليه أوضاع هذا الحلف في ظل ترشيح جعجع لعون؟
أجاب قصير "نحن نعيش مرحلة اسمها مرحلة خلط الأوراق سواء بالنسبة لقوى 14 آذر أو 8 آذر، من الواضح من ردود الفعل الأولية أمس أن قوى 14 آذر مصدومة من ترشيح جعجع لعون، اذ هذه القوى أو بعضها كان يعتبر العماد عون هو مرشح ايران لرئاسة الجمهورية، أما البعض الآخر فلم يدلي بموقف من أجل درس الأمور، تيار المستقبل يدرس المشاهد بشكل كامل، لكن نحن أمام خريطة جديدة ستنشأ من جراء تحالف التيار مع القوات، بالمقابل في الجهة الأخرى قوى 8 آذار رغم أنها لا تزال تحافظ على وحدتها هناك وجهات نظر مختلفة فبعض قوى 8 آذر يريد ايصال سليمان فرنجية للرئاسة خصوصاً الرئيس بري و البعض الآخر مثل حزب الله يريد ايصال العماد عون".
و حول موقف بعض القوى السياسية اللبنانية سألنا قصير عن أي معلومات رشحت عن مواقف الكتائب أو حركة أمل و بالتحديد الرئيس بري عن هذا الترشيح المفاجئ؟
صرح لنا قصير بأن "حزب الكتائب حتى الآن لم يعلن موقفه و لكن منذ البداية اعتبروا أن أي مرشح يجب أن يكون لديه برنامج لحملته الرئاسية و أن الموقف مرتبط بالبرنامج بشكل أساسي، وطبعاً بالحسابات السياسية بعد ذلك، حزب الكتائب كان أقرب لدعم ترشيح فرنجية في حال تم التفاهم معهم لأن سليمان فرنجية قد يشكل حليف مستقبلي لحزب الكتائب في حين أن تحالف العماد ميشال عون مع القوات اللبنانية ينعكس سلباً على دور حزب الكتائب و يؤدي الى ضعفه مستقبلياً، لكن علينا انتظار بعض الوقت لأن حزب الكتائب سيعقد اجتماعاً لمكتبه السياسي و قياداته لتحديد موقفه".
و استطرد قائلاً "أما الرئيس نبيه بري فمن المعروف أنه لا يوجد كيمياء ايجابية بينه و بين العماد عون، و هو يفضل الاستاذ سليمان فرنجية أو مرشح آخر لكن في تصريح سابق للرئيس بري لبعض وسائل الاعلام اللبنانية قال أنه اذا ما تم ترشيح العماد عون للرئاسة و بقي الاستاذ سليمان فرنجية مرشحاً فهو سيعطي الحرية لأعضاء كتلته النيابية بإختيار من يجدونه مناسباً".
أما في سؤالنا الأخير سألنا الأستاذ قصيرعن تطلعاته حول مستقبل ملف الرئاسة في لبنان بظل المستجدات الحالية؟
فأجابنا " نحن أمام مرحلة جديدة فنحن أمام مرشحين جديين و هما العماد عون والنائب سليمان فرنجية و الذي صرح بالأمس بأنه مستمر بترشيحه، علينا أن ننتظر بعض الوقت لنرى كيف ستكون خريطة التحالفات وما هو موقف تيار المستقبل لأنه لا يمكن اجراء انتخابات رئاسية بدون موافقة تيارالمستقبل و وليد جنبلاط و كتل أخرى لأن هؤلاء يمكنهم منع حصول الوفاق حول أي اسم للوصول لرئاسة الجمهورية، فنحن أمام احتمالان أحدهما حصول توافق حول أحد المرشحين خصوصاً العماد عون و هو احتمال ليس مستبعدا رغم صعوبته، لكن هناك احتمال آخر و هو الذهاب الى انتخابات بالمرشحين النائب سليمان فرنجية و العماد عون، نعم كلا الاحتمالان واردان و نحن سنشهد في الايام القليلة المقبلة مزيد من الاتصالات و التواصل بين القوى اللبنانية و على ضوئها يتحدد مصير ملف رئاسة الجمهورية أو الانتخابات الرئاسية في لبنان".
