الوقت - لازالت الكثير من الجماعات المتشددة الباكستانية، تعمل علی زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد، ناهيك عن أنها تقوض مساعي الحكومة الباكستانية لحل مشاكلها مع جيرانها وعلی رأسها حل الأزمات المتعصية مع الخصم الاكبر وهو الهند. حيث تنتشر الكثير من المدارس الدينية المتطرفة في باكستان والتي معظمها تروج للمذهب الوهابي، بدعم مالي كبير من قبل النظام السعودي. هذه المدارس لم تأت بشيء للشعب الباكستاني، سوی القتل والدمار والعبث بالأمن الداخلي واستهداف مساعي الحكومة الباكستانية لبناء علاقات ودية مع دول الجوار، ومن بينها الهند وأفغانستان وإيران.
وتاتي جماعة "جيش محمد" المتطرفة التي يتزعمها «مولانا مسعود أزهر»، في مقدمة قائمة هذه الجماعات المتشددة الطويلة، المدعومة من الخارج، وخاصة السعودية، لتنفيذ مخططات إستخبارية ضد دول معينة في المنطقة، وفق الأجندة السعودية. وفي هذا السياق أعلنت السلطات الباكستانية قبل أيام توقيفها زعيم جماعة جيش محمد، أثر هجوم استهدف قاعدة "باثانكوت" الجوية التي تقع في شمال غرب الهند، والذي حدث في الثاني من يناير/ كانون الثاني من هذا الشهر. حيث تم توجيه إتهامات لزعيم هذه الجماعة من قبل الحكومة الهندية، بانه هو من دبّر الهجوم علی هذه القاعدة.
لحد الآن لم تتضح بشكل كامل ملابسات الهجوم الذي تعرضت له قاعدة باثانكوت الهندية، والذي أسفر عن مقتل 7 من عناصر قوات الأمن الهندية، فضلا عن مصرع 6 من المسلحين. وفي خطوة تهدف الی امتصاص غضب الحكومة الهندية، أعلنت الحكومة الباكستانية أنها ستجري تحقيقات موسعة لمعرفة ما إذا كانت حركة جيش محمد هي المسؤولة عن الهجوم أم لا. وعلی مايبدو فان الحكومة الباكستانية ايضا قد طفح الكيل بها من تصرفات جماعة جيش محمد الإرهابية، بعدما اتضح جليا مساعي هذه الجماعة لعرقلة جهود اسلام آباد ونيودلهي لحل خلافاتهما سلميا عبر إجراء المفاوضات. حيث أعلنت السلطات الباكستانية وعلی لسان رئيس الوزراء «نواز شريف» أن باكستان تعتزم إرسال وفد الی قاعدة باثانكوت، بالتشاور مع الحكومة الهندية، بعد حصول الاعتداء الإرهابی، للحصول علی معلومات إضافية قد تساعد في التحقيقات التي ستجريها الحكومة الباكستانية حول هذا الهجوم.
وفي غضون ذلك أكدت اسلام آباد أنها شكلت فريقاً رفيع المستوی يضم عدداً كبيراً من المسؤولين في مجال مكافحة الإرهاب، ومسؤولين يعملون في المخابرات العسكرية والمدنية، بهدف التحقيق في حادث الهجوم علی القاعدة الجوية الهندية.
وقد أثّر الهجوم علی قاعدة باثانكوت سريعا علی مساعي السلام بين اسلام آباد ونيودلهي، حيث الغي اجتماع كان من المقرر عقده بين وكيلي وزارتي خارجية الجانبين يوم الجمعة الماضي في اسلام آباد. واكد المتحدث باسم الخارجية الباكستانية «قاضي خليل» أن تأجيل المحادثات حصل بموجب توافق الطرفين، علی خلفية الهجوم الدموي الذي تعرضت له القاعدة الجوية الهندية في أوائل الشهر الجاري، دون أن يحدد موعدا لعقد الاجتماع في المستقبل.
لا شك أن باكستان تعاني في الوقت الراهن من أزمات إقتصادية وأمنية داخلية وخارجية، وأن سياسة التطرف المتتبعة من قبل بعض الجماعات المتشددة مثل جيش محمد، تعمل علی إفساد علاقة باكستان خاصة مع دول الجوار، وهذا ما لايتمناه الشعب الباكستاني وحكومته. ويمكن القول إن معظم دول المنطقة ومن بينها الهند اضحت تسير عجلاتها علی سكة التنمية الإقتصادية وتخطو خطوات متسارعة في بناء مستقبلها التنموي، وكل هذا يعود الی الأمن الداخلي الذي حققته هذه الدول داخليا. وعلی عكس هذا، فان باكستان لازال علیها أن تعمل كثيرا من أجل الوصول الی ما أنجزته الهند خلال السنوات الاخيرة خاصة في المجال الإقتصادي، ويعود هذا التخلف في باكستان الی حد كبير الی إنشغال اسلام آباد في صراع مستمر مع الجماعات المتطرفة.
إذن فان الشعب الباكستاني وكما هي الحال بالنسبة لجميع شعوب المنطقة الاخری فقد سئم من تصرفات الجماعات المتشددة التي عبثت دمارا وفسادا في المنطقة، والجميع بات يلمس هذا العبث والدمار من قبل هذه الجماعات سواء في باكستان او سوريا او العراق، بشكل واضح وملموس. ولهذا علی الحكومة الباكستانية القيام بمنع الجماعات الموالیة للسعودية من زعزعة الامن والاستقرار داخل البلاد، تنفيذا للاجندة السعودية، وذلك بسبب أن الجماعات الباكستانية المتشددة كجماعة جيش محمد، لها علاقات وطيدة مع السعودية وتمدها الرياض سنويا بملايين الدولارات.