الوقت - في 2 يناير 2016، احتلّ عدد من المسلحين مبنى مركز "مالهيور" لحماية الحياة البرية في مقاطعة هاريس التابعة لولاية أوريغون غربي أمريكا، احتجاجاً على السياسات الحكومية المتعلقة بالأراضي، إضافةً إلى الحكم بسجن مزارعين أربعة سنوات. وکان مركز "مالهيور" لحماية الحياة البرية قد شهد لسنوات خلافات بين الرعاة المحليين والحكومة، حول استخدام الأراضي العامة لرعي الماشية.
الزعيم الحالي للجماعة، "آمون باندري"، نشر بعد الحادث شريط فيديو على الفيسبوك، أعلن فيه استعدادهم للبقاء في المركز مهما طال الزمن. يقول باندي وأتباعه إن الحكومة الاتحادية لا تمتلك أي سلطة قانونية لکي تدعي أن هذه الأراضي مع الحدود المعينة ملك لها. وأکدوا بأنهم لن يتركوا هذا المنتجع إلا عندما استطاع السكان المحليون استخدام هذه الأراضي بحرية کاملة.
التمييز في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية
لقد واجهت الحكومة الأمريكية في السنوات الأخيرة العديد من التحديات الاجتماعية، والتي من بينها يمکن الإشارة إلی الحركات الاحتجاجية للسود والمسلمين في هذا البلد، الاحتجاجات التي واجهت ردة فعل الحكومات الولائية والاتحادية الأمريكية. مع ذلك، على الرغم من نقاط التشابه بين جميع هذه الحركات والاحتجاجات، ولکن کيفية معالجتها من قبل الحكومة الأمريكية کانت مختلفةً تماماً.
على مدى عدة أشهر في عام 2013، قُتل مراهقان أمريكيان أسودان أعزلان، وهما "مايکل بروآن" و"وندريك مايرس"، علی يد رجال الشرطة البيض بطلقات متكررة في غضون شهرين في ولاية ميسوري. حکم المحكمة الأمريكية وتبرئة قاتل مايكل براون، أثار احتجاجات سلمية للسود الذين کانوا يدعون إلی حكم عادل للقاتل في هذا الحادث. لم يقتصر نطاق احتجاجات السود على فيرغسون فحسب، بل انتقل إلی الولايات والمدن الأمريكية الأخرى أيضاً.
الحكومة المحلية ورداً على احتجاجات السود، دخلت إلی الساحة فوراً، الأمر الذي قاد الاحتجاجات السلمية للمواطنين إلى النزاع والعنف. وخلال المظاهرات التي استمرت عدة أسابيع، انتشرت قوات الأمن والشرطة المحلية في کل أنحاء المدينة، بحيث تحولت فيرغسون إلى منطقة شبه حربية، وفرضت الأحكام العرفية في بعض المدن بولاية ميسوري.
رد الشرطة علی المتظاهرين لم يقتصر بنشر قوات الشرطة فقط، بل نشرت حكومة الولاية قوات الحرس الوطني في المدينة أيضاً. قوات الحرس الوطني في الولايات الأمريكية تقوم بدور الجيش، ولا تُستخدم إلا في الحالات الخاصة جداً.
وهذا يدل على أن الحكومة الأمريكية وعلى الرغم من مزاعمها في مجال حرية التعبير والمساواة والعدالة، فإنها لن تتحمل أدنى احتجاج من قبل الأشخاص ذوي البشرة الملونة والأقليات، ومن أجل إخماده ستلجأ إلی أي وسيلة أو قوة بما في ذلك قوات الحرس الوطني. هذا في حين أنها وفي مواجهة قضية مهمة مثل احتلال ولاية أوريغون بشکل مسلح، والذي قام به أشخاص بيض، تتصرف بشکل منفعل ولطيف جداً.
دور الإعلام الأمريكي في تغطية الاحتجاجات
دور وسائل الإعلام الأمريكية في تغطية احتجاجات السود أو الاحتجاجات المماثلة خاصٌ جداً. في مثل هذه الحالات، وسائل الإعلام الأمريكية ومن أجل تمهيد الطريق لقمع المتظاهرين، تعتبرهم بلطجيةً ومخربين، وتقوم بتغطية أخبار الاحتجاجات بطريقة تحرف الأنظار عن أساس الاحتجاجات، وتبرّر الأعمال العدوانية والعنيفة للشرطة في أمريكا وقمع واعتقال المتظاهرين السود.
هذه القضية تکون علی درجة کبيرة من الوضوح، بحيث أن صحيفة "واشنطن بوست" وبعد هجوم شخص أبيض علی كنيسة للسود في تشارلستون، والذي أدى إلى مقتل تسعة مواطنين سود، قالت: إذا قام الملونون والسود بإطلاق النار، سيعتبرونهم "إرهابيين وبلطجية وقطاع طرق"، ولكن إذا كان مطلق النار أبيض فسيعرّفونه مريضاً نفسياً.
في الأحداث التي يشارك فيها البيض، لن تستخدم وسائل الإعلام الامريكية كلمة الإرهاب أو الهجوم الإرهابي بأي حال من الأحوال، ولكن إذا كان مطلق النار أو المشارك في الاحتجاجات، من السود أو الأقليات الأخری مثل المسلمين، فستقوم بتسميته إرهابياً وتعتبر الحادثة إرهابيةً للرأى العام.
في حادثة احتلال مبنى مركز "مالهيور" لحماية الحياة البرية بولاية أوريغون، على الرغم من أن عدد المتظاهرين ليس واحداً في الألف من عدد المحتجين السود، لکنّ حكومة الولاية والحكومة الاتحادية الأمريكية تراقبان المشهد فقط، وليس هناك أي انتشار لقوات الأمن أو قوات الحرس الوطني لإنهاء هذه القضية. ومثل هذا السلوك يعزز مرةً أخرى النظرية القائلة بأن في أمريكا "السلطة بيد البيض".