الوقت - بعد انتهاء الازمة الانتخابية التي شهدتها أفغانستان خلال الشهور الماضية، اصبحت افغانستان بحاجة الی انماء علاقاتها مع جيرانها خاصة الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي تعتبر البلد المهم من جميع النواحي في هذه المنطقة.
حيث ان افغانستان الیوم وبعد تشكيلها الحكومة التوافقية يجب ان تسلك مسيرة البناء وحل الازمات التي يعاني منها الشعب الافغاني في شتی المجالات. ايران وبحكمها البلد الجار لافغانستان باستطاعتها دعم الحكومة والشعب الافغاني اكثر من اي جهة اخری بما تمتلكه من خبرات واسعة في مجالات عدة من ضمنها إعادة البناء والقيام بمختلف المشاريع الاقتصادية. كما ان المقومات الاقتصادية والتجارية الهائلة التي تمتلكها ايران تمكنها من أن تكون شريكة مهمة لجارتها أفغانستان.
وقد اعلنت ايران كرارا انها مستعدة لبدء تعاون واسع مع افغانستان خاصة في المشاريع الاقتصادية وكذلك تحقيق الامن الذي يحتاجه الشعب الافغاني. كما ان الیوم وبعد وصول الحكومة المنتخبة الجديدة في افغانستان توكد ايران انها علی اهبة الاستعداد لبدء تعاون بناء ومثمر مع شركائها الافغان في شتی المجالات. الحكومة الافغانية يجب علیها الاستفادة من هذه الفرصة الثمينة وتشكيل برنامج واضح في المجالات التي يمكن ان تتعاون فيها مع ايران، وعرضه علی الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
كما ان ايران و بحكم حدودها المشتركة مع افغانستان باستطاعتها افضل من اي دولة اخری كـ تركيا والدول البعيدة الاخری، مساعدة الشعب الافغاني وحكومته والتعاون معهم لانماء الاقتصاد الافغاني و القيام بالمشاريع التي تحتاجها افغانستان وهي كثيرة من الصعب احصائها. ايران تمتلك امكانيات هائلة في مجال شق الطرق وبناء المنشآت الاقتصادية وتوليد الكهرباء والتعاون مع افغانستان في مجال الخدمات الاساسية الاخری من ضمنها الخدمات الطبية والعلاجية والتعلیمية في السطوح العلیا ومئات المشاريع والمجالات المختلفة. كما ان ايران تعتبر مصدرا اساسي للطاقة في العالم خاصة في انتاج النفط والغاز وهي اهم مصادر الطاقة في العالم حيث بامكان افغانستان تامين احتیاجاتها في هذا المجال الهام والحيوي من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
وان الطاقة الهائلة التي تمتلكها ايران هي ميزة فريدة تميزها عن جميع الدول الاخری، حيث ان جميع جيران افغانستان تقريبا لم يمتلكوا مصادر الطاقة التي تمتلكها ايران ولهذا فان الحكومة الافغانية من أجل النهوض بافغانستان هي بحاجة الی مصادر الطاقة التي تمتلكها ايران ويمكن ان توسس طهران وكابول شراكة استراتيجية في هذا المجال.
وبالرغم من ان ايران لها ملاحظات كبيرة إزاء الاتفاق الامني الاستراتيجي الذي وقعته الحكومة الافغانية مع اميريكا، إلا ان هذه القضية من الممكن ان لا تكون حجرة عثرة في مسير انماء العلاقات الايرانية الافغانية، بالرغم من خطورتها ليس علی امن المنطقة فحسب، بل علی امن افغانستان نفسها.
كما ان ايران ومنذ عدة عقود كانت دائما السبّاقة في مساعدة الشعب الافغاني خلال المراحل المريرة التي المّت بهذا الشعب خاصة خلال الحروب الداخلية، حيث ان ملاين الافغان عبروا الحدود الايرانية الافغانية ورحبت بهم طهران باعتبارهم لاجئين وقدمت لهم المساعدة التي كانوا بحاجة لها واستمر هذا التعاون من قبل ايران مع الضيوف واللاجئين الافغان الی يومنا هذا بالرغم من انتهاء الحرب الداخلية في افغانستان وتشكيل حكومة منتخبة في هذا البلد.
لكن رغم جميع هذه الفرص التي من الممكن ان تكون مجال للتعان بين ايران وافغانستان فان هنالك الكثير من القضايا التي من الممكن ان تحول دون تحقيق هذا التعاون الضروري. المؤامرات الامريكية والغربية بالاضافة الی الاعمال الارهابية للجماعات المتشددة في افغانستان خاصة طالبان والقاعدة تعتبر جميع هذه القضايا من المعوقات المهمة التي في حال عدم معالجتها من قبل الحكومة الافغانية، من الممكن ان تحول دون بدء اي تعاون بين ايران وجارتها افغانستان وهذا بالطبع سيكون له ثمنا باهض علی الشعب الافغاني الذي هو بأمس الحاجة لمساعدة ايران.
كما ان ايران وخاصة خلال المرحلة الجديدة اعلنت دعمها لطموحات الشعب الافغاني واكدت طهران انها ستدعم وتتعاون مع اي حكومة ينتخبها الشعب الافغاني دون ان تنحاز ايران الی اي جهة خلال الانتخابات التي شهدتها افغانستان مؤخرا. حيث تعتبر ايران انه من حق الشعب الافغاني المجيء باي حكومة يريدها، وهذا شأن داخلي لا دخل لايران فيه.
لكن وبالرغم من جميع هذه المرونة التي ابدتها ايران لتعاونها مع الحكومة الافغانية يصبح من الضروري علی هذه الحكومة ان تأخذ بزمام الامور في بلادها وان لا تسمح لجهات اخری خاصة امريكا التي لها العديد من القواعد العسكرية في افغانستان ان تجعل من هذا البلد محطة لسياساتها الخبيثة سواء تجاه ايران او اي بلد آخر في هذه المنطقة. لان واشنطن ودول اخری من بينها تركيا اصبحت في الآونة الاخيرة تفكر بان تجعل من افغانستان ساحة لفرض هيمنتها علی سائر دول المنطقة وان تستخدم الاراضي الافغانية باعتبارها قاعدة لها لنشر شرورها تجاه من يخاصم سياساتها في المنطقة خاصة الجمهورية الاسلامية الايرانية.