يسعى تنظيم داعش الإرهابي على إعادة بعضٍ من هيبته لا سيما على الصعيد الإعلامي، وذلك بعد أن مُني بالعديد من الهزائم، على الصعيدين السوري والعراقي بالتحديد. وهو الأمر الذي يدفعه لتبني عمليات عديدة، كان آخرها في ليبيا ودبي. وهنا فإننا لا نستبعد فرضية أن يكون داعش المسؤول عن العمليات التي تتصف بالطابع الإرهابي، بل نحاول أن نؤكد أنه لا بد من الحذر من محاولات التنظيم كسب الإنجازات. الى جانب سعيه الدائم لبث الفتنة. فماذا في محاولات داعش الترويجية لا سيما في ظل الدعم الذي يحظى به، من قبل بعض الإعلام العربي المتواطئ معه؟ وما حقيقة إخفاقاته المتعددة؟
التنظيم وادعاءاتٌ متنوعة:
أعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن تفجير مركز تدريب الشرطة فى مدينة زليتن فى ليبيا والذى أودى بحياة العشرات، وذلك وفق ما أفادت قناة العربية. وهي العملية الثانية التي يعلن عنها التنظيم الإرهابي، بعد أن أعلن مسؤوليته عن إسقاط طائرة مروحية تابعة لسلاح الجو الليبي. في وقتٍ أعلنت فيه مصادر عسكرية ليبية، زيف ادعاءات التنظيم، مؤكدةً أن الطائرة سقطت نتيجة خلل فني. ولم تكن هذه الإدعاءات وحدها التي تبناها التنظيم، بل قام بتبني المسؤولية عن الحريق الذي اندلع في فندق "العنوان" القريب جداً من منطقة برج خليفة في دبي.
ما يجب معرفته:
لا شك أن الحديث عن المسؤولية خلف الأحداث، يحتاج للأخذ بعين الإعتبار العديد من الأمور. وهنا نُشير للتالي:
- نتيجةً للإخفاقات المتتالية التي مُني بها تنظيم داعش الإرهابي، لا سيما بعد الخطوة الروسية في سوريا، يحاول التنظيم العمل على الترويج لإنتصاراتٍ وهمية في أغلبها. وهو الأمر الذي يمكن القول أن التنظيم يتميَّز به، ليس بسبب قدرته الإعلامية الخاصة، بل بسبب الدعم والتغطية التي يتلقاها من وسائل إعلامٍ عربية، تعمل بأموال النفط الخليجي، لا سيما الجزيرة والعربية.
- وهنا فإن مراجعة الأحداث تحديداً منذ إندلاع الأزمة في سوريا، نجد أن هذه القنوات كانت تتمتع بالخصوصية، إن على صعيد نقل الأحداث الخاصة بالتنظيمات الإرهابية لا سيما النصرة وداعش. وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته، إما من خلال مراجعة فيديوهات الذبح التي كانت تتغنى بها هذه القنوات، أو من خلال سرعة نقل العمليات التي كانت تقوم بها هذه التنظيمات.
- كما أن العديد من الأدلة الأخرى، تؤكد حجم العلاقة الموجودة بين هذه القنوات والتنظيمات الإرهابية، في وقتٍ يمكن القول فيه أن العلاقة تزيد عن كونها علاقة صحافة بحدثٍ ما، لتكون علاقة مؤسسات إعلامية ضخمة، هدفها نشر الفكر الأيديولوجي للتنظيمات التكفيرية، وهو ما يجب أن يترافق مع الإضاءة عليه.
بناءاً لما تقدم، نقول أن السعي الإعلامي الواضح من قبل بعض وسائل الإعلام والتي بمجملها خليجية التبعية، تهدف لإحتضان إنجازات التنطيم الإرهابي والترويج لعملياته. في وقتٍ تقوم بنسب بعض الأحداث له وذلك لإعادة الإضاءة عليه إعلامياً، في حين تقوم بالدفاع عنه في محاولةٍ لجعله مقبولاً على الرغم من أفعاله الشنيعة.
وهنا فإن ما يخص تبني داعش للعمليات الأخيرة التي تحصل في ليبيا، الى جانب الحريق الذي حصل في دبي، يجعلنا نقول التالي:
- لا يمكن الجزم ببُعد التنظيم عن المسؤولية في هكذا أحداث. وذلك لأن الطابع الإرهابي، يطغى عليها. وهو الأمر غير البعيد عن طرفٍ كداعش لا يعرف سوى سياسات القتل والعنف. ويمارس أبشع وسائل الترهيب غير المدروس، بحيث تكون ضحاياه دوماً من المدنيين.
- من جهةٍ أخرى، فإن التنظيم لا يتمتع بمصداقيةٍ إعلامية أو سياسية. وهنا لا بد من الإشارة الى أن تنظيم داعش لا يتعدى كونه تنظيماً مأجوراً، يخدم السياسة الأمريكية والغربية، على الرغم من إدعاء الغرب محاربة الإرهاب، الى جانب أن التنظيم أصبح واقعاً خطراً على الجميع.
- لذلك فإن التنظيم وإن كان يمتلك المواصفات الإرهابية التي تجعله أهلاً لتبني هكذا عمليات، إلا أن اللعبة السياسية الأمريكية هي الطاغية. وما محاولات إظهاره في ليبيا إلا نتيجة الإخفاقات التي مُني بها في سوريا بالتحديد. وهي محاولةٌ للإستفادة من الواقع الليبي الخطير، والذي يمكن خرقه بسهولة.
إذن، لم يعد بالإمكان تصديق الماكينة الإعلامية العربية لا سيما الخليجية منها. في وقتٍ أصبحت فيه مسألة الإرهاب سلاحاً في الإعلام كما السياسة. بينما يجب الإدراك أن الشعوب أضحت اليوم أوعى من الماضي. فوسائل الإعلام الخليجية والتي نصَّبت نفسها ناطقةً بإسم الإرهاب، تملك سيرةً تكفي لجعلها غير مؤهلةٍ للثقة. بينما تغيب الرقابة الإعلامية، ويبقى الإرهاب مُستغلاً لذلك. وما الرهان إلا على وعي الشعوب.