الوقت ـ كثيرة هي الدول التي شككت بنوايا امريكا حيال تشكيلها ائتلاف دولي لمحاربة تنظيم داعش الارهابي، موكدة هذه الدول ان واشنطن ليست صادقة في مجال محاربة الارهاب بل تسعی من خلال هذا الادعاء تحقيق بعض سياساتها.
روسيا كما ايران شككت منذ اللحظة الاولی التي اعلنت امريكا عن نيتها تشكيل إئتلاف دولي لمحاربة داعش، حيث رفضت موسكو الانضمام الی مثل هذا الإئتلاف بقيادة واشنطن. هذا الرفض الدولي من قبل موسكو وطهران ودول اخری الذي واجهته واشنطن حيال مشروع ما اسمته محاربة داعش يدل عن ان الدول التي تملك قرار مستقل كـ ايران وروسيا لم ترضخ لاكاذيب آمريكا خاصة ادعاءاتها في مجال محاربة الارهاب. وتقول موسكو كما هي الحال بالنسبة لطهران ان واشنطن لعبت دورا مهم في خلق الارهاب ودعمه في منطقة الشرق الاوسط لذا لا يمكن تصديق واشنطن الیوم بانها تريد محاربة الارهاب الذي صنعته بايديها.
حيث ان روسيا ليس فقط لم تقبل المشاركة بـ مايسمی الائتلاف الدولي ضد داعش فحسب، بل رفضت مؤخرا طلب امريكي بان تساعد موسكو هذا الائتلاف في المجال الاستخباراتي والمعلوماتي. حيث اكدت روسيا مرة اخری انها لم تتعاون مع هذا الائتلاف الذي تقوده امريكا لا من قريب ولا من بعيد. مما جعل هذا الرفض القاطع من قبل روسيا للمشاركة بأي شكل كان في خطط الائتلاف الدولي ضد داعش، جعل امريكا تفقد جميع آمالها في مجال الحصول علی الدعم الروسي والذي من شأنه تغيير الكثير من المعادلات لصالح هذا الائتلاف في حال قبلت روسيا الانضمام الیه.
ولعل الجمهورية الاسلامية الايرانية تعتبر الدولة المهمة بكونها جارة للعراق التي كشفت قبل جميع الدول الاخری ماتخفيه امريكا خلف الستار من خلال طرح تشكيل الائتلاف الدولي ضد داعش. حيث اعتبرت ايران هذا المشروع استعراضي لا يهدف الی تجفيف جذور الارهاب الحقيقية في المنطقة بل تاتي مثل هذه المساعي من قبل امريكا وحلفائها لتبرئة انفسهم من الدماء التي اريقت من قبل التنظيمات التي صنعوها بانفسهم. من هو الذي لايعلم ان داعش هي من صنع امريكي، اسرائيلي سعودي؟، إذا كيف يمكن الیوم لروسيا وايران ان تصدق مزاعم واشنطن بانها تريد التخلص من داعش ووقت عملياته الارهابية خاصة في العراق وكذلك في سوريا؟. بالطبع لن تنطلي هذه الالآعيب علی دول مهمة كـ روسيا وايران.
كما اكدت روسيا انها بدل التعاون مع الائتلاف الدولي ضد داعش، انها مستعدة لتسليح الجيش العراقي وتعزيز قدراته العسكرية لمواجهة داعش وهذا هو الاقتراح الصائب باعتقاد الكثير من المراقبين. كما ان العراق نفسه اعلن قبل تشكيل هذا الائتلاف انه بامكانه مواجهة داعش لوحده في حال حصل علی السلاح والعتاد الكافي. لكن امريكا ليس فقط لم تساند العراق في تلك الفترة التي طالب بدعمه دوليا فحسب بل امتنعت واشنطن حتی من تزويد بغداد بالسلاح الذي كان قد اشتراه من امريكا قبل فترة من الزمن. والكل يتذكر كيف طالب السيد نوري المالكي امريكا بارسال الطائرات التي اشتراها العراق وفق العقود الموقعة مع واشنطن خلال الفترة الماضية، لكن امريكا امتنعت عن القيام بمثل هذه الخطوه وقالت كلاما مثيرا للسخرية من ضمنه انه ليس بوسع واشنطن تزويد الجيش العراقي بجمیع الطائرات التي اشترتها بغداد إلا بمقدار طائرة واحدة في كل عام!!.
ايران ايضا اكدت مرارا وتكرارا انه يجب علی الدول التي تدعي تريد محاربة الارهاب، مساعدة الشعب العراقي وجيشه الباسل لكي يقومان كلاهما بمحاربة داعش بانفسهم دون ان تكون هنالك مداخلة اجنبية في شؤون العراق. حيث بعد مضي عدة اسابيع علی تشكيل ائتلاف محاربة داعش لحد الیوم لم نری اي ضربة موجعة من قبل هذا الائتلاف ضد داعش. ولم يقتل إلا القليل من عناصر داعش خلال هذه الفترة علی يد هذا الائتلاف الدولي. جميع هذه القضايا توكد ان هذا الائتلاف الدولي قد فشل ولم يحقق الاهداف التي اعلن تشكيله من أجل الوصول الیها من ضمنها القضاء علی تنظيم داعش خاصة في العراق.
ومن المثير للسخرية ايضا ان هذا الائتلاف الدولي اعلن ان خططه العسكرية ستكون محدودة بالضربات الجوية فقط ولم تكن له هنالك اي قوات عسكرية برية. من هنا يمكن ان نفهم المزاعم الكاذبة الكثيرة التي احيطت بعملية تشكيل الائتلاف الدولي لمحاربة داعش. حيث ثمة من يستائل انه كيف يمكن القضاء علی تنظيم ارهابي مثل داعش دون ان تكون قوات برية، والكل يعرف ان تنظيم داعش هو يفتقد لاي مقر عسكري منظم ومعلوم. والكل يعرف ان اعضاء داعش هم مختلطون بين الناس لا يمكن استهدافهم عبر الضربات الجوية وان حصل مثل هذا الاستهداف فستكون نتيجته مقتل الآلاف من الابرياء الذين ابتلوا بداعش.
إذا ثبت دون اي التباس ان ائتلاف محاربة داعش بقيادة امريكا هو ائتلاف فاشل ولا يمكن التعويل علیه للخلاص من الارهاب وان هذا الائتلاف تم تشكيله من قبل واشنطن والرياض ودول اخری كالامارات المتحدة العربية ليبرئوا انفسهم من تهمة دعم الارهاب في المنطقة. لكن بالرغم من جميع هذه المحاولات المكشوفة فان شعوب المنطقة تعرف جيدا ان مخابرات هذه الدول التي تمت الاشارة الیها هي من اوجدت داعش ولهذا نری ان ايران وروسيا منذ اللحظة الاولی اعلنتا عن عدم المشاركة في عملیات مایسمی بالائتلاف الدولي لمحاربة داعش لسبب الحجم الکبیر من التزیف الذي یحیط به.