الوقت - أصدر الرئیس المصری المؤقت عدلی منصور، قانون الانتخابات الرئاسیة، وابرز ما فیه تحصین قرارات اللجنة العلیا لانتخابات الرئاسة ضد الطعن، وفقا للمادة الثامنة من القانون التی تضمنت اختصاصین اضافیین هما الإشراف علی إعداد قاعدة بیانات الناخبین وتحدید الجهة التی تجری الکشف الطبی علی المرشح ووضع اللوائح اللازمة لتنظیم عمل اللجنة وکیفیة ممارسة عملها.
وقال مستشار منصور للشؤون الدستوریة، علی عوض صالح، إن الرئاسة لم تصدر القانون إلا بعد طرح هذه النقطة الخلافیة ی التحصین علی القوی الوطنیة، ومجلس الدولة والمحکمة الدستوریة ومجلس الوزراء. وبرر صالح باسم الرئاسة وجود هذه المادة، بإدراک وضع المرحلة الحالیة التی تتطلب إنجاز الانتخابات الرئاسیة والعمل علی استقرار منصب الرئیس بعد انتخابه.
غیر ان الواقع السیاسی والشعبی لم یکن کذلک، اذ ان المادة الثامنة ووجهت بعاصفة من الاعتراض والسخط من قبل المؤسسات والقوی والاحزاب الفاعلة وشباب الثورة والتیارات العلمانیة (التی ساهمت فی الاطاحة بحکومة محمد مرسی )، واساتذة الجامعات (خاصة اساتذة العلوم السیاسیة) ، نظرا لحساسیتها ومخالفتها للقوانیین الدولیة . فضلا عن الاعتراض الذی ساد فی الداخل والخارج.
التیار الشعبی الذی رشح حمدین صباحی المنافس الوحید حتی الان (لمرشح المؤسسة العسکریة المحتمل وزیر الدفاع المشیر عبد الفتاح السیسسی ، اعترض، وشکک فی نزاهة الانتخابات علی ضوء نتائج هذه المادة معتبرا، مبررات الرئاسة، بشأن تحصین قرارات اللجنة العلیا للانتخابات، تضع علامات استفهام کثیرة حول نزاهة العملیة الانتخابیة وجدیتها. ورأی التیار ان التحصین مخالف للدستور الذی یحظر تحصین أی عمل مادی أو قرار إداری.
صباحی نفسه شن هجوما عنیفا علی المادة وشبّه تحصین قرارات اللجنة العلیا للانتخابات، بالإعلان الدستوری الاستبدادی . ذاهبا الی القول بانه لن یسلم نفسه للجنةٍ لا تخضع قراراتها لرقابة القضاء بحسب تعبیره، لأن هذا یعنی اضاعة للقیم الدیموقراطیة، مبدیا شکه العمیق فی نزاهة العملیة الانتخابیة منذ إعلان القانون.
متحدث باسم حرکة تمرد المنقسمة علی تأیید السیسی للانتخابات الرئاسیة، وصف مادة التحصین بالمخالفة للدستور، وتمثل إخلالاً بأسس العدالة وحق التقاضی.
ولم یخرج الأمین العام لـ«حزب النور» السلفی جلال المرة عن هذا الرای، مشیرا الی ان ذلک سیفتح الباب امام الادعاء بعدم نزاهة العملیة الانتخابیة.
شباب الثورة اعتبروا المادة، بمثابة استکمال للانقلاب العسکری الذی اطاحة بالحکومة القانونیة التی رأسها محمد مرسی.
جماعة الاخوان المسلمین التی وضعتها الحکومة المصریة علی لائحة الارهاب کانت فی طلیعة المعترضین لیس علی هذه المادة بل علی القانوا ککل، لتضمنه موادا غیر دستوریة وسیاسیة. اذ ان التعدیلات التی قدمها مجلس الوزراء علی قانون مباشرة الحقوق السیاسیة، والخاص بمنع أی متهم محبوس أو مخلی سبیله علی ذمة قضایا جنائیة، من الترشح للرئاسة، تهدف بوضوح الی منع الرئیس المعزول محمد مرسی أو أی عضو فی جماعة الإخوان أو الرئیس الاسبق محمد حسنی مبارک وابنیه علاء وجمال من الترشح الی الرئاسة.
ویبدی کثیرون خشیة عالیة من أن یوجه الاتهام لای مرشح (منافس للسیسی او غیر مرغوب فیه)، فی قضیة جنائیة او جنحیة عن ای طریق کان، بهدف منعه من الترشح.
کذلک تضمن القانون ضرورة حصول المرشح للرئاسة علی تقریر طبی من لجنة تحددها اللجنة العلیا للانتخابات ، وهذا ایضا یُبقی مصیر ای مرشح تحت رحمة قرارات هذه اللجنة المحصنة من الطعن.
ویری المتابعون ان المؤسسة العسکریة فی مصر تهدف بالتعاون مع الحکومة ، الی القضاء علی جمیع المظاهر الدیمقراطیة، من خلال اقرار الدستور وقانون الانتخابات الجدیدین. اذ ان المؤسسة تعارض مشارکة التیارات الاسلامیة فی ادارة شؤون البلاد وتسعی الی تطویق ومحاصرة حضورها الجماهیری فی الشارع واقصائها بالتالی عن المشهد المصری.
وبحسب الشارع والقوی والاحزاب المعترضة علی قانون الانتخابات، فان هدف المؤسسة العسکریة من هذا القانون، هو اقصاء المرشحین الاقویاء عن حلبة الرئاسة، لضمان وصول شخص تثق به المؤسسة الی سدة الرئاسة، ولا یستبعد ان یکون السیسی.