الوقت - عادت الی السطح من جدید خلال الاشهر الاخیرة وبصورة جدیة المطالبات بضرورة استعادة الأمن واقرار السلم فی افغانستان، ولکن حرکة طالبان اشترطت عدة شروط لتحقیق هذه الرغبة من بینها تغییر الدستور ما ادی الی عرقلة المساعی الرامیة الی التوصل الی خارطة طریق لتحقیق هذا الهدف .
اعلن ذلک مستشار الأمن الوطنی الافغانی الدکتور رنکین دادفر اسبنتا خلال مؤتمر صحفی ، مؤکدا رفض الحکومة لای شروط مسبقة لاجراء مفاوضات مع حرکة طالبان من اجل احلال الأمن والسلم فی البلاد .
واعتبر اسبنتا فرض شروط مسبقة للتفاوض أمر غیر ممکن ، داعیا الی بذل جهود حثیثة للتوصل الی صیغة عملیة لاستعادة الأمن والاستقرار فی البلاد من جانب، والتصدی لمن یسعی لمنع تحقق هذا الهدف من جانب آخر، وعدم السماح لای جهة بفرض شروط ومنها المطالبة بتغییر الدستور اذا کانت راغبة فعلا باعادة الأمن والسلم الی البلاد .
واعرب مستشار الأمن الوطنی الافغانی عن اعتقاده بأن الحروب التی شهدتها بلاده منذ ثلاثة عقود وخصوصا فی الاعوام الاخیرة هی حروب مفروضة من الخارج، مشدداً علی انه لا یمکن التوصل الی اتفاق لاحلال الأمن فی البلاد عن طریق تقدیم اقتراحات فی هذا المجال فقط ، ولابد من اتخاذ خطوات جادة لتحقیق هذا المطلب، مؤکدا فی الوقت ذاته علی ضرورة مواصلة التصدی للجماعات التی تسعی لعرقلة الجهود الرامیة الی استتباب الأمن فی البلاد .
وتجدر الاشارة الی ان حرکة طالبان طالبت قبل اکثر من عام بتغییر الدستور الافغانی وذلک خلال ختام اجتماع عقد فی شمال العاصمة الفرنسیة باریس بین ممثلین عن حکومة الرئیس حامد کرزای من جهة وممثلین عن المعارضة بینهم اعضاء من الحزب الاسلامی الافغانی من جهة اخری، واصفة الدستور الحالی للبلاد بأنه لا قیمة له لدیها. وطالبت الحرکة اثناء الاجتماع الذین استغرق یومین بتدوین دستور جدید لافغانستان کشرط مسبق للتفاوض بِشأن اقرار السلم فی البلاد.
وسعی الاجتماع إلی تسریع وتیرة الجهود لإقناع طالبان ومعارضین آخرین للرئیس کرزای بالجلوس إلی طاولة المفاوضات، لتحدید کیفیة حکم أفغانستان بعد انسحاب القوات الغربیة مع نهایة 2014.
وأعدت حکومة کرزای خریطة طریق لإعادة إرساء السلام تسعی لإقناع طالبان ومجموعات أخری من المسلحین بالموافقة علی وقف لإطلاق النار بهدف المشارکة فی إرساء الاستقرار فی البلاد. وخطت إدارة کرزای خطوة أولی فی هذا السیاق تمثلت فی ضمان الإفراج عن قادة طالبان المعتقلین فی باکستان المجاورة.
وتری طالبان ان تشکیل ما تسمیه "دولة اسلامیة" فی افغانستان بحاجة الی دستور جدید یمکنها من تطبیق الاحکام التی تعتقد بها ولا تصطدم ای من بنود هذا الدستور بالتعالیم التی تسعی لتطبیقها فی المناطق التی تقطنها لاسیما فی شمال غرب البلاد وبالخصوص فی منطقتی وزیرستان الشمالیة والجنوبیة .
والحقیقة هی ان طالبان تسعی لتوظیف قضیة السلم الوطنی کاسلوب تکتیکی ومسعی سیاسی لتحقیق اهدافها من جانب وتعلن فی نفس الوقت رفضها التراجع عن شروطها المسبقة للتفاوض من اجل اقرار الأمن فی البلاد وتصر علی تغییر الدستور وتضمینه افکارها ومعتقداتها التی ترفض التعامل مع حکومة الرئیس کرزای والنظام السیاسی الحالی الحاکم فی البلد .
ومن جانب آخر ترفض طالبان التی تخوض منذ احد عشر عاما تمردا مسلحا یهدف الی الاطاحة بنظام کرزای، الاعتراف بالحقوق المشروعة للمواطنین لاسیما حقوق المرأة والأسس الدیمقراطیة الواردة فی الدستور والاحتکام الی الانتخابات لاختیار ممثلین عن الشعب لادارة شؤون البلاد، وتصر علی نهجها الرامی الی ازاحة البشتون عن مرافق الدولة واستبدالهم بعناصر موالیة للحرکة، الأمر الذی عقّد من امکانیة التوصل الی اتفاق یعید للبلاد أمنها واستقرارها .