الوقت- كشفت شبكة CNN الأميركية في تحقيق استقصائي عن قيام جرافات إسرائيلية بدفن جثث شهداء فلسطينيين في قطاع غزة في مشهد أثار استنكار خبراء القانون الدولي وحقوق الإنسان.
ووثق التحقيق قيام جرافة إسرائيلية قرب معبر زيكيم شمال قطاع غزة، تطمر جثة فلسطيني خلال عملية ادعت "إسرائيل" انها تهدف “لاستعادة رفات” قتلى من الجنود الإسرائيليين.
وعرض التحقيق مشاهد مسجّلة من كاميرات عالية الدقة، إضافة إلى مراجعة صور أقمار صناعية وشهادات مسؤولين وخبراء في القانون الدولي.
الفيديو الرئيسي في التحقيق يعرض جثة ملفوفة بقماش أبيض تُسحب عبر الأرض ثم تُوارى تحت التراب باستخدام جرافة، وبعد دقائق، يصل فريق من الصليب الأحمر إلى المكان، ثم تُخرج الجثة وتُنقل في كيس خاص.
ونقلت القناة عن مصادر عبرية أن المشهد جزء من عملية استخباراتية لرصد مواقع دفن رفات جنود قتلوا خلال الحرب، لكنهم لم تفسّر السبب وراء وجود جثة مدنية في موقع الحفر، كما لم توضّح لماذا دُفنت بطريقة عشوائية قبل حضور فريق الصليب الأحمر.
الصليب الأحمر أكد أنه لم يكن على علم بأن الجثة مدفونة مسبقاً في المكان، وأن مهمته اقتصرت على نقل الرفات الذي “عُثر عليه” دون التدخل في طريقة الحفر أو إعداد الموقع.
فريق CNN قام بمزامنة التسجيل مع لقطات جوية وصور أقمار صناعية أُخذت في ذات اليوم، وحدد الموقع بدقة قرب معبر زيكيم على بعد مئات الأمتار من سياج الفصل.
وأظهر التحليل وجود نقاط تجمع لجرافات ووحدات هندسية إسرائيلية تعمل على مدى أيام في المكان، ما يشير إلى عملية منظمة وليست استجابة لحادث طارئ.
التحقيق يشير إلى أن الموقع نفسه شهد اكتظاظاً للمدنيين خلال فترات توزيع المساعدات، بما يعزز مخاوف من احتمال وجود جثث لضحايا آخرين.
خبيران في القانون الدولي الإنساني تحدثا لـ CNN وأكدا أن دفن الجثث باستخدام جرافة، دون توثيق للهوية أو إثبات لسياق الوفاة، يُعد خرقاً واضحاً للقواعد المنظمة للتعامل مع الموتى في النزاعات المسلحة.
أحد الخبراء أوضح أن القوات التي تعثر على جثة ملزمة بتسجيل الموقع، تصوير الجثمان، توثيق العلامات التي تساعد على التعرف عليه، وإبلاغ العائلات عبر جهات طبية مختصة. دفن الجثة ثم استخراجها بعد دقائق، بحسب تعبيره، “يشير إلى غياب كامل للمعايير الإنسانية”.
مسؤولون فلسطينيون نقلوا للـ CNN اعتقادهم أن القوات الإسرائيلية “ربما حاولت خلق انطباع بوجود رفات جنود” في المكان، أو التغطية على عمليات قتل سابقة.
التحقيق يؤكد أن الجثة كانت ملفوفة ومهيأة للنقل قبل أن تُسحب إلى حفرة الحفر، ما يثير أسئلة إضافية، فيما أكد محللون عسكريون أن مشهد سحب الجثة قبل دفنها “لا يتسق” مع بروتوكولات البحث عن الرفات، التي عادة تعتمد على عمليات رفع دقيقة وليس دفن مسبق.
العائلات التي فُقد أبناؤها منذ شهور قالت للقناة إنها تعيش في حالة خوف من فكرة أن رفات أحبائها ربما تُنقل أو تُدفن دون علمهم.
بعضهم ذكر أن مشاهد التحقيق “صعّدت حجم الألم”، وأنهم يريدون معرفة أين تُؤخذ الجثث ومن يقرر طريقة دفنها.
ويؤكد خبراء حقوق الإنسان أن هذه الممارسات قد ترقى إلى انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، خاصة إذا ثبت أنها تمت دون ضرورة عملياتية أو دون توثيق ملائم.
