الوقت- تأتي صفقة مقاتلات F-35 بين الولايات المتحدة والسعودية لتكشف مرة أخرى عن الحدود الواقعية للقوة العسكرية العربية في مواجهة الكيان الصهيوني.
ركز ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، خلال زيارته للولايات المتحدة، على تعزيز القدرات العسكرية للمملكة، واعتمد بشكل كبير على هذه المقاتلات لتحقيق التفوق الإقليمي، ومع ذلك، تكشف الوقائع الأخيرة أن النسخ التي ستتسلمها الرياض ستفتقر إلى الأنظمة المتقدمة للحرب الإلكترونية والأسلحة الاستراتيجية الموجودة في النسخ التي يملكها الكيان الصهيوني، وهو ما يؤكد أن الولايات المتحدة لن تمنح الدول العربية أي تقنيات تضاهي قدرات الكيان الصهيوني، حتى المكاسب والامتيازات الرمزية التي حصلت عليها السعودية لم تؤدِّ إلى تعديل جوهري في موازين القوة، وأصبحت الصفقة إجراءً شكليًا يحفظ التفوق النوعي لجيش الاحتلال الصهيوني، هذا المقال يحلل هذه الصفقة، ويستعرض آثارها على السياسة الدفاعية السعودية، التوازن العسكري الإقليمي، والتحديات التي تواجه المملكة في تحقيق أي تفوق حقيقي.
صورة خارج الواقع
المقاتلات التي ستتسلمها السعودية ستفتقر إلى الأنظمة المتقدمة للحرب الإلكترونية وصواريخ AIM-260 بعيدة المدى، ما يجعلها نسخة ضعيفة مقارنة بالإصدارات التي تلمها الكيان الصهيوني، هذا يعكس السياسة الأمريكية الثابتة في حماية التفوق العسكري للكيان، حيث لا يُسمح لأي دولة عربية بالحصول على تقنيات تضاهي قدرة "الدولة العبرية"، ورغم الصور الإعلامية والقوة الرمزية التي تمنحها الصفقة للسعودية، فإن القدرة الفعلية للطائرات على الأرض لا تغير شيئًا في موازين القوة، الصفقة إذًا ليست إلا إجراءً شكليًا، يضفي مظهرًا من الحداثة على الجيش السعودي دون تحقيق التفوق العسكري الحقيقي الذي كانت المملكة تطمح إليه.
السياسة الأمريكية تجاه الكيان ثابتة ولا تتغير
أحد الأهداف الرئيسة لزيارة ابن سلمان إلى واشنطن كان رفع مستوى القوة العسكرية للمملكة من خلال F-35، لكن الواقع يؤكد أن الولايات المتحدة لن تمنح الدول العربية أي تقنيات تضاهي قدرة الكيان الصهيوني، كل الامتيازات التي حصلت عليها السعودية، سواء عقود أو صفقات رمزية، لم تعدل موازين القوة، وتوضح أن السياسة الأمريكية ثابتة ومصممة للحفاظ على التفوق النوعي لكيان الاحتلال بغض النظر عن حجم التعاون العسكري مع الدول العربية، هذا يجعل أي طموح سعودي للتفوق العسكري مجرد وهم، ويضع الرياض في نطاق محدود من القدرات الفعلية.
تداعيات الصفقة على التوازن الإقليمي
النسخ المحدودة من F-35، رغم أنها تمنح السعودية حضورًا إعلاميًا، لا تهدد التفوق لكيان الاحتلال على الإطلاق، التسليم البطيء للطائرات وتأخره لعدة سنوات يعني أن أي تغييرات ملموسة على الأرض لن تحدث سريعًا، وستظل الدول العربية تعتمد على أسلحة متوسطة المستوى، هذه الصفقة تؤكد أن السياسة الأمريكية توازن بين مصالح حلفائها العرب وبين حماية الهيمنة العسكرية لحكومة الكيان وجيشها، مع إبقاء أي تعزيز للقدرات العربية محدودًا وضمن حدود لا تضر بالتفوق النوعي.
التحديات المستقبلية للقدرات السعودية
مع هذه الصفقة، تواجه المملكة محدودية واضحة في الخيارات الدفاعية، إذ ستظل تعتمد على تقنيات غير كاملة لا توفر التفوق النوعي في أي مواجهة محتملة، هذا الواقع يدفع السعودية إلى البحث عن استراتيجيات بديلة لتعزيز قدراتها، لكن كل الخيارات ستظل مقيدة بالسياسة الأمريكية وحماية التفوق الصهيوني الصفقة، رغم ضخامتها الإعلامية، تؤكد أن أي تطور في القدرة الدفاعية العربية سيظل شكليًا ورمزيًا، ولن يغير موازين القوة الفعلية في المنطقة.
الانعكاسات على السياسة الدفاعية السعودية
رغم ضخامة الصفقة الإعلامية، فإن النسخ المحدودة من F-35 تجعل السياسة الدفاعية السعودية تواجه قيودًا واضحة، المملكة ستظل تعتمد على قدرات غير كاملة لا توفر التفوق النوعي في أي مواجهة محتملة، ما يجبرها على إعادة النظر في استراتيجياتها الدفاعية، يعتمد هذا الواقع على مزيج من القيود الأمريكية والإطار الاستراتيجي الذي يضمن التفوق الإسرائيلي، بحيث لا يمكن لأي تعزيز للقوة السعودية أن يهدد الهيمنة العسكرية لـ"إسرائيل"، نتيجة ذلك، تصبح الجهود السعودية لتعزيز الدفاعات الجوية أو البحرية محدودة التأثير، حتى لو زادت الإنفاقات العسكرية بشكل كبير.
في المقابل، هذا الواقع يدفع الرياض إلى البحث عن حلول بديلة، مثل التعاون المحدود مع دول أخرى، تطوير أنظمة محلية أو الاعتماد على التكنولوجيا الأقل تقدمًا في مجالات معينة، بهدف تحقيق بعض القدرات التكتيكية دون المساس بالتفوق النوعي الصهيوني، الصفقة إذًا تترك السعودية بين الرمزية الإعلامية والقيود الواقعية على الأرض، وتؤكد أن أي طموح عربي للتفوق العسكري يبقى رهينة السياسة الأمريكية والاستراتيجيات الإقليمية الراسخة.
التداعيات الإقليمية والتحولات الاستراتيجية
على المستوى الإقليمي، تؤكد الصفقة أن التوازن العسكري في الشرق الأوسط لا يزال محكومًا بالهيمنة الصهيونية والدور الأمريكي، حتى النسخ الأضعف من F-35 قد تخلق حضورًا إعلاميًا للسعودية، لكنها لا تؤثر على القوة الفعلية أو التوازنات الاستراتيجية، هذا الواقع يوضح أن الولايات المتحدة تواصل موازنة مصالح حلفائها العرب مع الحفاظ على التفوق النوعي لـ"إسرائيل"، وهو ما يجعل أي خطوات لتعزيز القدرة الدفاعية العربية محدودة التأثير.
كما أن الصفقة تشير إلى استمرار التبعية العسكرية العربية للسياسات الأمريكية، إذ إن أي قدرة فعلية أو تطوير تقني يجب أن يمر ضمن حدود يحددها القرار الأمريكي، في المقابل، فإن هذه الديناميكية تعكس ثبات السياسة الأمريكية على المدى الطويل، بحيث لا يمكن لأي دولة عربية أن تحقق التفوق العسكري النوعي على "إسرائيل" مهما كان حجم الاستثمار أو الامتيازات التي تمنحها واشنطن، النتيجة هي أن التوازن العسكري الإقليمي يبقى محكومًا بالقدرات الإسرائيلية، بينما الدول العربية تتحرك ضمن هامش محدود من الحرية الاستراتيجية، ما يعكس استمرار الهيمنة الأمريكية على القرارات الدفاعية في الشرق الأوسط.
في الختام، تكشف صفقة F-35 للسعودية أن أي امتيازات عسكرية عربية ستظل شكلية ولن تغير التفوق النوعي للكيان، السياسة الأمريكية ثابتة، والتعاون العسكري مع العرب يخضع دائمًا لقيود صارمة، تجعل أي تقدم ملموس في القدرة الدفاعية العربية محدودًا ومراقبًا بدقة، الصفقة ليست إلا رمزًا للقوة، بينما الواقع العسكري يظل محكومًا بالهيمنة الصهيونية وقرار واشنطن.
