الوقت- يُظهر تزايد اعتقال الجواسيس في "إسرائيل" ومحاكمة بعض الأشخاص في تل أبيب بتهمة التعاون مع إيران أن الحرب بين إيران والكيان الصهيوني مستمرة في الخفاء حتى بعد الحرب الساخنة الأخيرة.
أعاد اعتقال الجندي "رافائيل روني" البالغ من العمر 21 عامًا مؤخرًا بتهمة التجسس لمصلحة إيران، قضية تسلل المخابرات الإيرانية إلى الجسم الإسرائيلي إلى دائرة الضوء بين الخبراء ووسائل الإعلام التابعة للكيان.
في الأسبوع الماضي، أفادت صحيفة تايمز أوف إسرائيل باعتقال شاب صهيوني، كان، وفقًا للصحيفة، على اتصال بعميل استخبارات إيراني، وأرسل له مقاطع فيديو من قرب منزله، ومحطة حافلات، ومركز تسوق في جنوب فلسطين المحتلة، كما زعمت مصادر إسرائيلية أن الجندي الإسرائيلي أرسل صورة لبطاقة هويته العسكرية إلى الإيراني، وزوده بمعلومات عن القاعدة التي كان يخدم فيها، ويُقال إن الجندي الإسرائيلي كان يخدم في أحد أكثر القواعد العسكرية الإسرائيلية حساسية في "حتساريم"، ما زاد من المخاوف بشأن انتشار النفوذ الإيراني بين الصهاينة.
تغلغل إيران في مراكز حساسة
وفيما يتعلق بالنفوذ الأمني والعسكري الإيراني، أقرت القناة 15 الإسرائيلية بأن "استخبارات إيرانية تسللت إلى أكثر القواعد العسكرية حساسية، بما في ذلك القاعدة الاستراتيجية لسلاح الجو الإسرائيلي"، وفي جزء من تصريحاته، أكد مراسل القناة 15 الإسرائيلية أن الجندي المعتقل مؤخرًا، رفائيل روني، كان يخدم في إحدى القواعد الاستراتيجية لسلاح الجو الإسرائيلي (قاعدة حتساريم)، وفقًا للمراسل، كان روني على اتصال بعملاء إيرانيين لفترة طويلة وكان يتجسس لمصلحتهم.
وأضاف المراسل إن روني لم يندم على المساس بأمن هذا الكيان فحسب، بل صرّح أيضًا بأنه مستعد لفعل أي شيء للحصول على المال، كما حذرت القناة 15 الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤولين صهاينة، من النفوذ الإيراني الواسع في الهيكل العسكري الإسرائيلي، ووفقًا لهذه الوسيلة الإعلامية الإسرائيلية، وُجّهت خلال الأشهر القليلة الماضية حوالي 50 لائحة اتهام بالتجسس ضد صهاينة، 5 منهم جنود في هذا الكيان.
الاعتراف بنفوذ إيران
وثّق معهد واشنطن في تقرير له ما لا يقل عن 35 عملية نفذها إسرائيليون يعملون لدى إيران في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى جمع معلومات أولية عن القواعد العسكرية والمسؤولين الحكوميين والعلماء النوويين الصهاينة، استخدم هؤلاء الأفراد التابعون لإيران قناة آمنة لنقل المعلومات التي تريدها إيران من تل أبيب إلى طهران.
يدّعي تقرير معهد واشنطن أن إيران تُجنّد قواتها بشكل رئيسي عبر الإنترنت من خلال تيليجرام وواتساب ومنصات التواصل الاجتماعي في الأراضي المحتلة، ويضيف التقرير إن نشر القوات التابعة لإيران في "إسرائيل" يتم من خلال جذب حوافز مالية من الإسرائيليين، وإن الانقسامات الاجتماعية في المجتمع الصهيوني سهّلت أيضًا إمكانية استغلال إيران للمواطنين الإسرائيليين، ويُقال إنه من بين 35 حالة لقوات تابعة لإيران كُشف عنها في "إسرائيل"، تم جذب 20 منها على الأقل إلى أهداف إيرانية بوعود مالية ونقدية عبر العملات الرقمية.
وفي المجمل، وثّق معهد واشنطن 39 عملية أمنية تابعة لإيران في "إسرائيل" بين عامي 2013 و2025، 31 منها شملت مواطنين إسرائيليين؛ بينما شملت البقية فلسطينيين أو مواطنين غير إسرائيليين آخرين.
شارك عدة أفراد أيضًا في بعض العمليات الأمنية الإيرانية في "إسرائيل"، ويصل إجمالي عدد الإسرائيليين المشاركين في الحالات الـ 31 إلى أكثر من 45 شخصًا، وتتراوح أعمار منفذي العمليات الأمنية الإيرانية في "إسرائيل" بين 13 و73 عامًا، وكان أكثر من نصفهم في سن المراهقة أو العشرينيات.
مخاوف صهيونية
أدى تزايد الأنشطة الأمنية المعادية لـ"إسرائيل" في "إسرائيل" نفسها إلى رفع صوت الصهاينة، ودافع وزير المالية الإسرائيلي عن إعدام الجواسيس الإيرانيين بموجب قانون مكافحة الإرهاب الجديد، وقال في اجتماع لمجلس الوزراء الأمني المصغر إنه يمكن النظر في فرض عقوبة الإعدام على الإسرائيليين الذين يعملون ضدنا نيابةً عن إيران.
في الأسبوع الماضي، كشفت القناة 12 العبرية عن قضية أمنية خطيرة في الكيان الإسرائيلي، كاشفةً أن "شمعون عزرزر"، البالغ من العمر 27 عامًا، من كريات يام، متهم بالعمل لمصلحة أجهزة الاستخبارات الإيرانية لمدة عام تقريبًا، ووفقًا للتقرير، فإن التحقيق في هذه القضية أجراه جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك).
وفقًا للسلطات الإسرائيلية، كان الشخص المعني على اتصال مباشر بعملاء إيرانيين، وتشمل التهم نقل صور ومواقع لقواعد عسكرية إسرائيلية ومواقع حساسة داخل الأراضي المحتلة إلى إيران.
وفي وقت سابق، زعمت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن أجهزة المخابرات التابعة للكيان اعتقلت عشرات الصهاينة للاشتباه بتعاونهم مع إيران منذ بداية حرب غزة.
في مذكرة نُشرت في صحيفة معاريف، كتبت الباحثة في جامعة رايخمان العبرية، ليراز مارغاليت، عن أسباب التعاون مع إيران في المجتمع الإسرائيلي، قائلةً إن الإيرانيين لا يتصرفون عشوائيًا لتجنيد الجواسيس، بل يحاولون إعداد ملف نفسي موحد لجذب الأشخاص الذين يتوافقون مع أهدافهم، وهذا يشمل خصائص ومؤشرات محددة قد تختلف من فرد لآخر.
ورغم اعتقاد الكثيرين بأن المال هو الدافع الرئيسي للتعاون مع إيران، إلا أن دافعهم الوحيد - حسب هذه الباحثة الإسرائيلية - ليس المال، بل الحاجة العاطفية والنفسية لملء الفراغ العاطفي، والشعور بالإثارة، والشعور بالمعنى والفعالية، كلها عوامل تلعب دورًا في عملية التجنيد.
وأضافت مارغاليت: "عادةً ما يكون الأشخاص الذين يوافقون على التعاون مع دولة معادية متحمسين للخروج من روتين الحياة الممل والسعي إلى الإثارة، أو إذا كانت لديهم مشاكل في علاقاتهم مع الأهل والأصدقاء وشعروا بالتهميش، فإنهم يبحثون عن الشعور بقيمة الحياة".
وخلص الكاتب إلى القول: إن ما سبق يؤكد أن التكنولوجيا الحديثة والتطورات في عالم التجسس لا تُخفي حقيقة أن الحلقة الأضعف هي دائمًا العنصر البشري، لأن الرغبات والميول البشرية - سواءً أكانت حماسًا أم شعورًا بالأهمية أم ربحًا ماديًا - قد تؤدي في النهاية إلى استقطاب الجواسيس.
