الوقت - تبدأ قصة الطفلة الفلسطينية هند رجب، ذات الست سنوات، المؤثرة عندما حوصرت في سيارة مع عائلتها وأطلق عليها جيش الاحتلال النار. والآن أصبحت رمزًا لمأساة غزة. أثر استشهادها على العالم لدرجة أنه تم إنتاج فيلم مقتبس من تسجيل صوتي لمكالمة الطفلة ذات الست سنوات مع الهلال الأحمر، وعُرض في مهرجانات دولية. عُرضت القصة المريرة للطفلة الفلسطينية ذات الخمس سنوات، التي استشهدت بعد أن أطلق عليها الجيش الإسرائيلي 355 طلقة، في مهرجان البندقية السينمائي، ضمن فيلم "صوت الهند رجب"، وحاز على جائزة "الأسد الفضي". قصةٌ لفتت انتباه العالم مجددًا إلى معاناة أطفال غزة.
ويُعيد الفيلم الوثائقي "أصوات هند رجب"، للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، إحياء هذه المناسبة مستخدمًا أصواتًا لهند حقيقية في اللحظات الأخيرة من حياته، وقد عُرض في قسم المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية السينمائي الدولي في 3 سبتمبر. ويسعى هذا العمل، الحائز على جائزة "الأسد الفضي"، إلى سرد معاناة الشعب الفلسطيني، وكما أكد مخرجوه، إلى تسليط الضوء على حقه في الحرية والكرامة الإنسانية. عُرض الفيلم لأول مرة عالميًا في قسم المسابقة الرئيسية لمهرجان البندقية السينمائي الدولي الثاني والثمانين في 3 سبتمبر 2025.
وقبل استشهادها، كانت الطفلة على اتصال هاتفي بقوات الدفاع المدني والإنقاذ الفلسطينية لأكثر من ثلاث ساعات، يُبلغ عن حالته مرارًا ويطلب المساعدة، لكن الاتصال انقطع في النهاية ولم يتمكن المنقذون من الوصول إليه. كما فشلت سيارة إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في الوصول إلى مكان الحادث، حيث استُهدفت سيارة الإنقاذ، مما أسفر عن مقتل اثنين من المنقذين، هما يوسف زينو وأحمد المدهون.
في ذلك الوقت، أصدر الهلال الأحمر الفلسطيني رسالة صوتية سُمع فيها صوت ليان وهي تحاول إطلاع المنقذين على التطورات في المنطقة. قالت في الرسالة الصوتية: "الدبابات معنا ونحن داخل السيارة". بعد هذه الرسالة الصوتية، سُمع صوت قصف عنيف وصراخ ليان، وانقطع الاتصال. كما أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني العثور على جثتي المنقذين اللذين اختفيا خلال مهمة إنقاذ حياة الفتاة الفلسطينية خلال الأيام الاثني عشر الماضية.
ويقول مخرج الفيلم: "لا يمكن للسينما أن تعيد الهند، ولا أن تمحو الجريمة التي ارتكبوها بحقها. لا شيء يمكن أن يُعوّض ما سُلب منه، لكن السينما قادرة على حفظ صوته وجعله يتردد صداه عبر الحدود. سيظل صوته مسموعًا حتى تُحاسب محاسبة حقيقية، حتى تتحقق العدالة".
السينما في الساحة الفلسطينية
تأثر مهرجان البندقية هذا العام بشكل واضح بأنشطة الجماعات المناهضة للحرب والمؤيدة للفلسطينيين، وهذا الفيلم تحديدًا. وهو موضوع غلب على محتوى المهرجان منذ البداية. تأثرت أجواء المهرجان بأكملها بالاحتجاجات ضد الحرب في غزة. كما مثّلت عروض الأفلام والسجادة الحمراء منصة للتعبير عن الآراء المناهضة للحرب ودعم فلسطين. قبل أيام قليلة من انطلاق المهرجان، وجّهت حملة "فينيسيا من أجل فلسطين" رسالة مفتوحة إلى منظمي المهرجان، طالبةً منهم اتخاذ موقف واضح من الحرب في غزة.
وخلال أيام المهرجان، نُظمت تجمعات حاشدة على الطرق المؤدية إلى دار السينما، شملت مظاهرات شوارع، وحملات مقاطعة، ورفعت اسم فلسطين فوق دور العرض، وعرضت أفلامًا تتناول فلسطين. وتناولوا معاناة سكان غزة، وكان لهم مطلب مشترك: وقف قتل الأبرياء. وقد انعكست هذه الخلفية الاحتجاجية بوضوح، وإن كان حتميًا، في المؤتمرات الصحفية وعلى هامش السجادة الحمراء، وفي النقاشات والمحادثات. ويمكن القول إنه بعد الإدانات القانونية في محكمة لاهاي ضد الإبادة الجماعية في غزة، وضد نتنياهو نفسه، تطالب صناعة السينما الآن بالعدالة دفاعًا عن غزة.
لم يعد بإمكان العالم أن يظل غير مبالٍ بكل هذه الجرائم والوحشية اللامحدودة التي يرتكبها النظام الصهيوني، قاتل الأطفال، وهو يُسلّط الضوء على قضية غزة بكل ما أوتي من قوة. من الواضح أن مهرجان البندقية السينمائي هذا العام لم يعد يقتصر على كونه حدثًا فنيًا فحسب، بل تجاوز ذلك. فقد أصبح المهرجان هذا العام مركزًا إعلاميًا عالميًا للقضايا الإنسانية. وهذا يُظهر أن العالم أصبح أكثر وعيًا، وأن روايات القنوات الصهيونية لتبرير جرائمها لم تعد ذات مصداقية. وفي وقت سابق، قُدِّم كتاب "عودة السمك إلى البحر" للكاتبة مرضية اعتمادي كأفضل عمل في قسم الذاكرة، وفاز بجائزة "أدب فلسطين العالمي".
