الوقت- بينما يرزح أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة تحت الحصار الخانق والعدوان الوحشي، يحاول الكيان الصهيوني بدعم مباشر من الولايات المتحدة تحويل مفاوضات التهدئة في الدوحة إلى أداة لابتزاز المقاومة الفلسطينية وإخضاعها لشروط مذلة.
انسحاب الوفود الصهيونية فجأة من المباحثات لم يكن سوى خطوة عدوانية جديدة تهدف إلى فرض الإملاءات، مستغلّين سلاح التجويع والقصف للضغط على حماس والشعب الفلسطيني، ومع استمرار المماطلة والتهديد بالتصعيد العسكري، يثبت الاحتلال ومن ورائه واشنطن أن هدفهما ليس السلام، بل فرض استسلام كامل يُنهي أي مشروع مقاوم ويفرض وقائع تخدم الهيمنة الصهيونية في المنطقة.
انسحاب متعمّد... والهدف كسر إرادة المقاومة
لم يكن الانسحاب المفاجئ من مفاوضات الدوحة مجرد استراحة تشاور، بل مناورة عدائية هدفها الواضح كسر إرادة حماس وفرض اتفاق يخدم مخططات تل أبيب، مصادر مطلعة أكدت أن الولايات المتحدة لا ترفض التهدئة بحد ذاتها، لكنها تستغل المفاوضات كورقة ضغط لانتزاع أكبر قدر من التنازلات، وخصوصًا في ملفات الانسحاب من غزة وضمانات ما بعد وقف إطلاق النار، كل ذلك يجري بينما يستمر القصف والتجويع، في سياسة عقاب جماعي تستهدف الشعب الفلسطيني بأكمله لإرغامه على الخضوع لمعادلة الاحتلال.
تل أبيب واليمين المتطرف... نحو حرب إبادة صريحة
التصعيد لم يعد خيارًا مؤقتًا بالنسبة للكيان الصهيوني، بل سياسة ممنهجة تقودها حكومة نتنياهو الخاضعة للتيار الصهيوني المتطرف، وزراء مثل إيتمار بن غفير وبزالل سموتريتش لا يكتفون بالدعوة لاستمرار الحرب، بل يطالبون بتهجير سكان غزة جماعيًا واحتلال القطاع بالكامل، وهو خطاب عنصري يفضح الوجه الحقيقي للمشروع الصهيوني.
تقارير عبرية تحدثت عن خطط لتقسيم غزة ومحاصرتها إلى مناطق معزولة، لشلّ المقاومة واستنزاف الأهالي، رغم التحذيرات الداخلية بأن هذه السياسات ستؤدي إلى خسائر كارثية في صفوف جيش الاحتلال وتزيد عزلة تل أبيب دوليًا.
الوسطاء يحاولون إنقاذ التهدئة رغم سياسة التجويع
وسط هذه الأجواء المشحونة، يؤكد الوسطاء المصريون والقطريون أن المفاوضات لم تنهَر بالكامل، وأنها ستُستأنف يوم الإثنين، رغم عراقيل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، لكن هذه الجهود تواجه واقعًا مريرًا: الاحتلال يستمر في استخدام التجويع كسلاح حرب، مانعًا دخول المساعدات الإنسانية ومواصلاً سياسة القصف، بينما يسعى لفرض شروط تهدف إلى إخضاع المقاومة لا إلى تحقيق تهدئة عادلة.
مصادر مطلعة حذّرت من أن أي اتفاق لن يكون قابلاً للحياة ما لم يُنهِ الحصار ويفتح الطريق لإعادة الإعمار وضمان حقوق الفلسطينيين، وإلا فإن التهدئة ستتحول إلى غطاء لاستمرار الاحتلال والعدوان.
حماس: لا استسلام رغم الحصار والضغوط
رغم شراسة الحصار والابتزاز السياسي، ترفض حركة حماس الانصياع للإملاءات الأمريكية – الصهيونية، عزت الرشق، عضو المكتب السياسي للحركة، أكد أن موقف حماس صيغ بعد مشاورات وطنية موسعة، وأن الحركة لن تقبل بأي اتفاق ينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني أو يُكرّس الحصار، كما دعا واشنطن إلى التوقف عن تبرير جرائم الاحتلال ومنحه الغطاء لمواصلة حرب الإبادة ضد غزة، المقاومة، رغم الألم والدمار، لا تزال صامدة، رافضة بيع تضحيات أهل غزة مقابل تهدئة زائفة تخدم المحتل.
الإعلام الموجَّه وتزييف الحقائق لخدمة الاحتلال
لا يقتصر العدوان على غزة على القصف والحصار، بل يمتد ليشمل حربًا إعلامية شرسة تقودها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لتشويه صورة المقاومة وتبرير الجرائم، الإعلام الغربي، بأدواته الضخمة، يسعى لتصوير الفلسطينيين كمعتدين، بينما يقدّم الاحتلال كمجرد "مدافع عن النفس"، متجاهلًا المجازر اليومية بحق الأطفال والنساء. هذه الحرب الناعمة تهدف إلى تحطيم الرأي العام العالمي المناصر لغزة، وإضفاء شرعية زائفة على مخططات الاحتلال التي تشمل تهجير السكان واستمرار الحصار.
في المقابل، يواجه الفلسطينيون تحديًا مضاعفًا: فضح الأكاذيب وتوثيق الجرائم وسط انقطاع الكهرباء وشح الإمكانيات. ومع ذلك، يواصل الإعلام المقاوم والمنصات الشعبية فضح جرائم الحرب وكشف التواطؤ الأمريكي – الصهيوني أمام العالم، إن مواجهة الاحتلال لم تعد فقط في الميدان العسكري، بل أصبحت معركة وعي، حيث يسعى الكيان الصهيوني إلى كسر إرادة الشعوب عبر التلاعب بالروايات وتكميم الأصوات الحرة، بينما تواصل غزة فضح الحقيقة رغم كل محاولات الإبادة والتشويه.
في النهاية، مفاوضات الدوحة ليست مجرد محادثات سياسية، بل معركة جديدة في صراع طويل يخوضه الشعب الفلسطيني ضد الهيمنة الصهيونية والأمريكية، الكيان الصهيوني، بدعم مطلق من واشنطن، يحاول تحويل التهدئة إلى أداة استسلام، بينما تستمر المقاومة في الدفاع عن حقوق غزة وكرامتها، قد تتعثر المفاوضات أو تُستأنف، لكن الحقيقة الثابتة أن العدوان والحصار لن يكسرا إرادة شعب يرفض الخضوع، في هذه اللحظة الحرجة، يبقى صمود الفلسطينيين ودعم الشعوب العربية والإسلامية لهم خط الدفاع الأول في مواجهة مخطط يستهدف ليس غزة وحدها، بل القضية الفلسطينية بأكملها.