الوقت- رغم اختلاف مواقفهما السياسية، فإن وسائل الإعلام الناطقة بالعبرية تتفق بالإجماع في تفسيرها للخلاف المتزايد بين ترامب ونتنياهو، وكتب موقع "كيبا" العبري اليميني في تقرير تحليلي حول هذا الموضوع أنه عندما أعلنت نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية تنفست "إسرائيل" الصعداء، لأننا رأينا أن الموجة التي انطلقت استطاعت القضاء على الحكومة الديمقراطية، وهي الحكومة التي صعبت على "إسرائيل" تنفيذ مخططاتها في قطاع غزة، لكن اليوم، بالإضافة إلى عدم تدخل ترامب في حرب غزة، هناك قضية أخرى تسببت في توتر غير مسبوق بين الزعيم الأمريكي و"إسرائيل".
يتابع التقرير: "بعد إعلان النصر، رأينا إسرائيل تفسره كفرصة لتعزيز مكاسبها، وخاصة استمرار الحرب في قطاع غزة، في ذلك الوقت، رأينا أيضًا إدارة ترامب تُصرّح بشحن أسلحة ثقيلة وجرافات دي-9 عملاقة إلى إسرائيل، وهي أسلحة كانت إدارة بايدن قد أوقفتها، بل أعطى ترامب الضوء الأخضر لوقف دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بهدف زيادة الضغط على حماس لإجبارها على قبول الاتفاق، مع ذلك، من ناحية أخرى، تشعر إسرائيل بإحباط شديد من قضية إيران، فقد أفادت قناة إن بي سي مؤخرًا بأن الوزير الإسرائيلي رون ديرمر نقل رسالة شديدة اللهجة من رئيس الوزراء نتنياهو إلى ترامب، منتقدًا فيها تردد الولايات المتحدة في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية وميلها إلى التوصل إلى اتفاق مع الإيرانيين".
وحسب هذه الوسيلة الإعلامية الناطقة بالعبرية، فإن نتنياهو غاضب من تصرفات وتصريحات ترامب الأخيرة، ولقد اتخذ ترامب مؤخرا عدة قرارات متتالية وضعت "إسرائيل" في موقف صعب، أحدها كان اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين دون أي التزام منهم بعدم مهاجمة "إسرائيل"، ويندرج في هذا الإطار أيضاً قرار التفاوض مع الإيرانيين وتجاهل طلبات "إسرائيل" بدراسة الخيار العسكري، وقد أثارت هذه القرارات غضب نتنياهو (وإحباطه) إلى حد كبير.
ورغم أن الأمريكيين شددوا مواقفهم منذ ذلك الحين، فقد أعرب الرئيس ترامب أيضا عن استيائه من سلوك "إسرائيل" في قطاع غزة وخطتها لتوسيع الحرب هناك، وأكد أن الحرب تتعارض مع خطته لإعادة إعمار قطاع غزة، وقال ترامب في اجتماع خاص ومغلق إن العملية العسكرية الإسرائيلية الجديدة في قطاع غزة هي جهد عبثي وغير مفيد وسيجعل إعادة إعمار قطاع غزة أكثر صعوبة، وفي هذا الصدد، أكدت صحيفة يديعوت أحرونوت، في تقرير نشرته على موقعها الإخباري الإلكتروني، مساء الأحد: إن الخلافات الواسعة بين بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب بشأن إيران وغزة تتسع يوما بعد يوم، في حين تعرب "إسرائيل" عن قلقها من اتفاق محتمل سيتوصل إليه ترامب مع إيران.
وفي جزء من التقرير، أصبحت العلاقات بين ترامب وبنيامين نتنياهو متوترة في الأسابيع الأخيرة، حيث اختلف الاثنان بشكل متزايد حول الاستراتيجيات للتعامل مع التحديات القائمة، في حين ينكر أفراد مثل السفير الأمريكي السابق لدى "إسرائيل" ديفيد فريدمان تماما وجود مثل هذه الاختلافات، وجاء هذا الخبر من داخل لجنة الأمن والشؤون الخارجية في الكنيست.
أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في اجتماع سري للجنة أنه لا توجد فجوة بيننا وبين الأمريكيين، ويذهب ديرمر إلى هناك كل بضعة أيام، وكل الحديث عن وجود فجوة بيننا وبين الأمريكيين فيما يتعلق بالأمريكيين أو الحوثيين هو مجرد ضجيج إعلامي.
ومع ذلك، ووفقاً لاعتراف هذه الوسيلة الإعلامية الشعبية، ففي حين يدعو نتنياهو إلى خيار عسكري ضد البرنامج النووي الإيراني، اختار ترامب طريق الدبلوماسية والاتفاق للقضاء على التهديد الذي تشكله إيران في الحصول على أسلحة نووية (مزعومة).
تقييم CNN لزيارة ترامب إلى المنطقة/تجاهل نتنياهو
وذكرت وسائل إعلام أمريكية أن جولة الرئيس الأمريكي إلى غرب آسيا، رغم عدم توقفها في الأراضي المحتلة، أدت مرة أخرى إلى تهميش رئيس الوزراء الإسرائيلي، وحسب عدد من المصادر الإخبارية، فقد زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المنطقة بعد أشهر قليلة من عودته إلى البيت الأبيض، وكانت وجهته الأولى الرياض، حيث التقى الملك السعودي، ويأتي ذلك في إطار جهوده لتعزيز العلاقات مع العالم العربي، ومن المقرر أن يتوجه بعد ذلك إلى قطر والإمارات العربية المتحدة، لكن اللافت في برنامج رحلته هو أن ترامب لن يزور "إسرائيل".
وذكرت شبكة CNN بهذه المقدمة: كان ذلك في عام 2009 وكان الرئيس باراك أوباما، وقد اعتبر قراره عدم لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي عاد للتو إلى السلطة، بمثابة إهانة، وكانت هذه بداية ما يعتبره كثيرون حتى اليوم علاقة هشة بين أوباما و"إسرائيل"، وخاصة مع الزعيم الأطول خدمة في النظام الإسرائيلي، كما زار دونالد ترامب المملكة العربية السعودية في أول رحلة خارجية له خلال فترة ولايته الأولى كرئيس، ووصف البيت الأبيض الجولة الإقليمية الحالية التي يقوم بها ترامب بأنها "عودة تاريخية إلى الشرق الأوسط" ووعد بـ "رؤية مشتركة للاستقرار والفرصة والاحترام المتبادل"، مرة أخرى، "إسرائيل" ليست على هذا المسار، وبعد أن فاجأ ترامب "إسرائيل" عدة مرات بإعلانه عن مفاوضات مع إيران، واتفاق مع الجيش اليمني، ومحادثات مباشرة مع حماس، يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق من أن مفاجأة أخرى في الطريق.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية: "إذا استطاع ترامب أن يدعي تحقيق نوع من النصر، سواء اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أو خطة مساعدات إنسانية أو أي شيء آخر، فقد يقتنع بإضافة إسرائيل إلى جدول أعماله، ولكن نظرا لأن إسرائيل على استعداد لتوسيع حربها في غزة، فلن يكون هناك إنجاز من هذا القبيل"، ورغم إطلاق حماس سراح المواطن الأمريكي الإسرائيلي المزدوج إيدان ألكسندر يوم الإثنين، فإن احتمال التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار لا يزال يبدو بعيداً.
وقال الدبلوماسي الإسرائيلي السابق ألون بينكاس: "مشكلة نتنياهو هي أنه لا يتمتع حاليا إلا بنفوذ ضئيل في واشنطن"، وقال بينكاس لشبكة CNN: "لا يوجد في حقيبة نتنياهو أي شيء يريده ترامب أو يحتاجه أو يستطيع أن يقدمه له، على عكس السعوديين أو القطريين أو الإماراتيين على سبيل المثال"، وتعهدت الدول العربية الغنية باستثمار تريليونات الدولارات في الولايات المتحدة، وربما تعلن عن صفقات شراء أسلحة كبرى، وهو ما قد يقدمه ترامب على أنه انتصار للصناعة الأمريكية.
وأضاف: "على الرغم من كونه ربما أكثر مؤيدي ترامب صراحة على المستوى الدولي منذ سنوات، فإن نتنياهو لا يملك سوى القليل من الأوراق للعب"، وفي ظل الإدارات الديمقراطية، استخدم نتنياهو أنصاره الجمهوريين للضغط على البيت الأبيض، لكن نتنياهو لم ينتقد ترامب علانية قط، ومن غير المرجح أن يبدأ في القيام بذلك.
وتابعت وسائل الإعلام الأمريكية إن ترامب فاجأ "إسرائيل" ببدء المفاوضات النووية مع إيران، والتوصل إلى اتفاق مع الجيش اليمني، وإطلاق سراح آخر سجين أمريكي متبق في غزة.
وأضافت: "يشعر المسؤولون الإسرائيليون الآن بالقلق إزاء تأثير أسبوع من الاجتماعات والاستقبالات التي عقدها زعماء الخليج الفارسي، والذين انتقدوا جميعا الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة والحصار المستمر للمنطقة، على موقف ترامب من الحرب ومفاوضات وقف إطلاق النار".
وقال مصدر مطلع على المفاوضات إن الولايات المتحدة، قبل زيارة ترامب، مارست ضغوطا شديدة على مصر وقطر لإقناع حماس بالموافقة على إطلاق سراح بعض السجناء مقابل وقف إطلاق النار لعدة أسابيع ووصول المساعدات الإنسانية، والآن يبدو أن إدارة ترامب تذهب إلى أبعد من ذلك.
وقال مصدر آخر مطلع على الأمر لشبكة :CNN إن إطلاق سراح إيدان ألكسندر من شأنه أن يؤدي إلى "محادثات سلام فورية"، ورغم أن التوصل إلى اتفاق شامل لإنهاء الحرب لا يزال بعيد المنال، فقد أوضح ترامب أن هذا هو هدفه، وقال ترامب على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد: "آمل أن تكون هذه هي الخطوة الأولى من الخطوات الأخيرة اللازمة لإنهاء هذا الصراع الوحشي".
النتيجة هي أن ترامب ونتنياهو يبدوان أكثر خلافا من أي وقت مضى، وهو الوضع الذي يأتي بعد وقت قصير من تأكيد نتنياهو على الحرب وتوضيحه أنه يعتقد أن هزيمة حماس أكثر أهمية من تأمين إطلاق سراح السجناء.
وقال مصدر آخر: إذا أصبح التوصل إلى اتفاق مع حماس لإعادة المزيد من السجناء في متناول اليد، فإن الولايات المتحدة ستزيد الضغوط على "إسرائيل" لقبوله، وحسب شبكة CNN، يبدو أن حركة حماس تفوقت على "إسرائيل" هذه المرة ضد ترامب، وسوف تشكل زيارة ترامب إلى المنطقة نقطة ضغط للتوصل إلى اتفاق محتمل.
وقال دان شابيرو، السفير الأمريكي السابق لدى الأراضي المحتلة والباحث البارز في مركز أبحاث المجلس الأطلسي في واشنطن: إن "هذا النهج المفاجئ يؤدي إلى انعدام الثقة بين الجانبين".
وأضاف: "ترامب يتقدم كالجرافة نحو ما يريد، وقائمة أمنياته حاليا تتضمن التقدم في اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى"، وقال إن ميل نتنياهو إلى تأخير القرارات الكبرى وتاريخه في إعطاء الأولوية لبقائه السياسي يبدو أنه لعب دورا في استعداد البيت الأبيض للتخلي عن التشاور مع "إسرائيل" بشأن القرارات الرئيسية، وقال: "من الواضح أنه يشعر بخيبة أمل تجاه نتنياهو، كما شعر كل رئيس آخر عمل مع نتنياهو بخيبة أمل".