الوقت- عاد الشارع العربي إلى زخم التفاعل الشعبي مع القضية الفلسطينية، في أعقاب استئناف العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، حيث شهدت العديد من العواصم والمدن العربية تظاهرات ومسيرات حاشدة رفضًا للمجازر المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين، وللمطالبة بمواقف أكثر حزمًا من الأنظمة العربية.
الأردن: مسيرات ضخمة تنديدًا بالقصف الإسرائيلي ودعمًا للمقاومة
في الأردن، خرجت تظاهرات ضخمة بعد صلاة التراويح في العاصمة عمّان، حيث توافد الآلاف من أنصار الحركات الإسلامية والمستقلين إلى محيط المسجد الحسيني، رافعين لافتات وهتافات داعمة للمقاومة الفلسطينية. وأغلقت السلطات الأمنية بعض الشوارع في وسط العاصمة لاستيعاب الحشود الضخمة، في مشهد يعكس تصاعد الغضب الشعبي الأردني مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.
كما شهدت محافظات أردنية أخرى احتجاجات مماثلة، حيث خرجت مسيرات عقب صلاة التراويح في أكثر من ثلاث مدن رئيسية، ما يعكس تجدد التفاعل الشعبي مع القضية الفلسطينية خلال شهر رمضان المبارك، في ظل تصاعد المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين.
سياسيًا، تصاعدت لهجة التنديد الرسمية في الأردن، إذ طالب رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي الحكومة باتخاذ خطوات أكثر جدية لـ"ردع إسرائيل"، فيما وصف العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني القصف الإسرائيلي المتجدد لغزة بأنه "تصعيد بالغ الخطورة"، محذرًا من تداعياته على المنطقة. من جانبه، أشار رئيس الوزراء جعفر حسان إلى أن ما يجري في غزة هو "عمليات عسكرية وحشية" تهدف إلى فرض سيناريو التهجير مجددًا.
المغرب: غضب شعبي واسع ودعوات لتجريم التطبيع
وفي المغرب، شهدت عدة مدن مظاهرات حاشدة تنديدًا باستئناف العدوان الإسرائيلي على غزة، واستنكارًا للتجويع والحصار المفروض على القطاع، وخرج الآلاف في مدن مثل فاس، الحسيمة، وجدة، وبركان، حاملين أعلام فلسطين ولافتات تندد بالصمت الدولي والتواطؤ الغربي.
الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة نظّمت وقفات احتجاجية أمام المساجد بعد صلاة الجمعة، تحت شعار "غزة منا ونحن منها"، مطالبةً الحكومة المغربية بقطع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي.
وفي تصريح خاص، قال الكاتب العام للهيئة محمد الرياحي الإدريسي إن هذه المظاهرات تأتي ضمن حملة مستمرة لدعم غزة، مشيرًا إلى أن المغرب يشهد للأسبوع الـ68 على التوالي فعاليات تضامن مع الشعب الفلسطيني.
كما دعت "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" إلى يوم وطني احتجاجي، تزامنًا مع خروج مسيرات في 13 مدينة مغربية رفضًا لـ"المجازر الصهيونية"، ومطالبةً بإنهاء اتفاقيات التطبيع بين المغرب و"إسرائيل".
سوريا: المخيمات الفلسطينية تلتحم مع غزة في نضال مشترك
امتدت المظاهرات إلى المخيمات الفلسطينية في سوريا، حيث شهد مخيما جرمانا وخان الشيح وقفات احتجاجية حاشدة، عبّر خلالها الفلسطينيون المهجّرون عن تضامنهم العميق مع أهلهم في غزة.
في مخيم جرمانا، تجمّع المتظاهرون أمام جامع عمر بن الخطاب، حاملين الأعلام الفلسطينية ومرددين شعارات مناهضة للاحتلال، أما في مخيم خان الشيح، فقد احتشدت جموع غفيرة في ساحة جامع الهدى، حيث رفعت لافتات تندد بالعدوان الإسرائيلي وتؤكد أن "غزة تقاتل نيابة عن الأمة جمعاء".
ولم تقتصر الاحتجاجات على الفلسطينيين، بل شارك فيها نشطاء سوريون في ساحة "عرنوس" وسط دمشق، مؤكدين أن القضية الفلسطينية ستبقى قضية العرب الأولى.
موريتانيا: تحركات شعبية ورسالة برلمانية إلى السفير الأمريكي
وفي نواكشوط، تظاهر مئات الموريتانيين رفضًا للحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة، حيث رفع المحتجون علمي موريتانيا وفلسطين، ورددوا هتافات داعمة للمقاومة الفلسطينية.
من جانبهم، وجّه 37 نائبًا في البرلمان الموريتاني رسالة إلى القائم بأعمال السفارة الأمريكية، حمّلوه فيها مسؤولية المجازر التي تُرتكب في غزة، وانتقد النواب بشدة الدعم العسكري الأمريكي لـ"إسرائيل"، مؤكدين أن الولايات المتحدة "تعرّض أمن وسلام العالم للخطر" عبر دعمها اللامحدود لحرب الإبادة بحق الفلسطينيين.
مشهد إقليمي ملتهب ومطالب بتحركات عربية أكثر جدية
يتزامن هذا الحراك الشعبي العربي مع تزايد الدعوات إلى تحرك عربي أكثر قوة، إذ لم تعد بيانات الشجب والإدانة كافية أمام المجازر التي تحصد أرواح الأطفال والنساء في قطاع غزة، ومع استمرار القصف الإسرائيلي بدعم أمريكي، تتجه الأنظار إلى العواصم العربية لمعرفة مدى استجابتها للمطالب الشعبية المتزايدة بقطع العلاقات مع الاحتلال واتخاذ خطوات عملية لوقف العدوان.
في الوقت نفسه، تستمر المقاومة الفلسطينية في التصدي للعدوان، حيث أطلقت رشقات صاروخية على تل أبيب ردًا على استئناف المجازر، بينما حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من كارثة إنسانية في القطاع إذا لم يُفتح المجال أمام دخول المساعدات بشكل عاجل.
في الختام يمكن القول يبدو أن الشارع العربي قد دخل مرحلة جديدة من التفاعل مع القضية الفلسطينية، في ظل استمرار الاحتلال في ارتكاب جرائمه دون رادع، ما يجعل التحركات الشعبية عاملًا ضاغطًا قد يُعيد رسم ملامح المواقف الرسمية خلال الأيام المقبلة.