الوقت- إن أحد أهم قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مجال السياسة الخارجية، هو تعليق المساعدات الخارجية التي تقدمها واشنطن للدول الأخرى لمدة 90 يوماً، يهدف هذا المقياس إلى تقييم فعالية البرامج ومدى توافقها مع السياسة الخارجية الأمريكية.
وحسب صحيفة "فيريلك" التي تصدر في يريفان، فإن هذا القرار يشير إلى أن أرمينيا ومنطقة جنوب القوقاز ليست من بين أولويات إدارة ترامب، وأكد ترامب أن المصالح الوطنية الأميركية تشكل أولوية، وأن دعم الدول البعيدة ليس ضمن أجندته.
تحديات جديدة أمام يريفان
أرمينيا، التي بذلت جهودا كبيرة لكسب دعم واشنطن في عهد بايدن، تواجه الآن تحديا خطيرا في إقامة علاقات مع الجمهوريين، إن التغيرات السريعة في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية تجبر المسؤولين في يريفان على إعادة تحديد علاقاتهم مع الحكومة الجديدة من الصفر، لكن السؤال الرئيسي هو، هل ستكون إدارة ترامب مهتمة بهذا؟
ويؤكد فيريلك أن هذا الوضع قد يتغير مرة أخرى بعد أربع سنوات، مع احتمال انتخاب رئيس ديمقراطي، وصياغة سياسات جديدة تحل محل نهج ترامب.
ونظرا للتغيرات السريعة في السياسة الخارجية الأمريكية وأولويات ترامب الاقتصادية والاستراتيجية، فمن المرجح أن تجد أرمينيا نفسها في موقف أضعف في عصر واشنطن الجديد، وسيتعين عليها إعادة تعريف علاقاتها مع الإدارة الجمهورية من أجل الحفاظ على الحد الأدنى من الدعم.
آفاق قاتمة لأرمينيا من وجهة نظر باتريك والش
ويرى باتريك والش، المؤرخ والمحلل السياسي الأيرلندي، أن منطقة جنوب القوقاز، وخاصة أرمينيا، ليس لها مكان في أولويات إدارة دونالد ترامب.
ويشير والش إلى أن ترامب منشغل بقضايا أكثر تعقيدا، مثل إدارة وقف إطلاق النار بين "إسرائيل" وحماس وإنهاء الحرب في أوكرانيا، التي ورثها من إدارة بايدن وتشكل الآن تحديا للتخفيف من عواقبها على الولايات المتحدة.
ويشير إلى أن توجه أرمينيا نحو الغرب كان ينبغي أن يحقق نتائج ملموسة، لكن إدارة ترامب، التي تركز على حقائق القوة والمصالح الملموسة، من غير المرجح أن تدعم هذه السياسة الأرمنية.
ويشير والش إلى التغيرات الدائمة في السياسة الغربية، ويزعم أن ترامب، باعتباره رجل أعمال براجماتي، يسعى فقط إلى إبرام صفقات مربحة للشعب الأمريكي.
ويؤكد أن أرمينيا ليس لديها ما تقدمه للولايات المتحدة، في حين أن أذربيجان، بقدراتها الجيوسياسية والاقتصادية، تشكل خياراً أفضل بالنسبة لواشنطن.
وحسب المحلل، فمن المرجح أن يكون ترامب بمثابة خبر سيئ بالنسبة لأرمينيا، إذا نجح في حل الأزمة الأوكرانية، فقد تعود أرمينيا إلى روسيا مرة أخرى، ولكن هذه المرة بمطالب جديدة وتغييرات في مواقفها.
يسلط هذا التحليل الضوء على التحديات الخطيرة التي تواجه أرمينيا في ظل رئاسة ترامب واحتمال تراجع الدعم الغربي للبلاد.
تقييم موقف أرمينيا وأذربيجان في السياسة الخارجية الأمريكية
قال عضو الجمعية الوطنية الأذربيجانية والمحلل السياسي راسم مصعبكوف في تقييمه إن أرمينيا لا تتمتع بمكانة بارزة للغاية في السياسة الخارجية الأمريكية، وبالتالي لا يمكن أن نتوقع أن يتم التخطيط لأي خطط كبيرة ومحددة لهذا البلد.
وفي إشارة إلى المساعدات المالية الأمركيية لمختلف البلدان، قال: "إن جماعات الضغط الأرمنية في الكونجرس ووزارة الخارجية الأمريكية ستحاول ضمان بقاء المساعدات المالية لأرمينيا عند المستوى الحالي؛ لكن هذه المساعدات لا تصل حتى إلى 100 مليون دولار سنويا، وفي المقابل، يتم تخصيص عشرات المليارات من الدولارات لأوكرانيا، و3 إلى 4 مليارات دولار لـ"إسرائيل"، وعدة مليارات من الدولارات لمصر، "وبالتالي، فإن أهمية أرمينيا بالنسبة للولايات المتحدة أقل بكثير مقارنة بالدول الأخرى".
وأشار مصعبكوف أيضا إلى جهود أرمينيا الرامية إلى الاقتراب من الاتحاد الأوروبي، مضيفا: "على الرغم من رغبتها في التعاون مع أوروبا، تواجه أرمينيا العديد من المشاكل الهيكلية، وتظل العديد من مؤسسات البلاد تعتمد على روسيا، وعلى الرغم من تعليق عضوية أرمينيا في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، فإن البلاد لم تترك الكتلة، علاوة على ذلك، لا تزال القواعد وحرس الحدود الروس موجودين في أرمينيا، وتتعاون أرمينيا بنشاط مع روسيا في التحايل على العقوبات، كما أن عضوية أرمينيا في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي تشكل أيضًا عقبة أمام التقارب مع الاتحاد الأوروبي".
وأشار أيضا إلى أن عدم وجود حدود مشتركة مع الاتحاد الأوروبي وعدم قدرة أرمينيا على إقامة علاقات دبلوماسية مع تركيا خلقا أيضا تحديات كبيرة للبلاد.
وفيما يتعلق بأولويات الولايات المتحدة في منطقة جنوب القوقاز، قال مصعبكوف: "مقارنة بأرمينيا، تتمتع أذربيجان بمكانة أكثر أهمية في السياسة الخارجية الأمريكية"، تلعب أذربيجان دوراً رئيسياً بالنسبة للغرب باعتبارها شريكاً استراتيجياً ومزوداً لأمن الطاقة لـ"إسرائيل"، كما أن الدول الأوروبية مثل المجر وإيطاليا، التي تربطها علاقات وثيقة مع ترامب، هي من الشركاء الرئيسيين لأذربيجان، من ناحية أخرى، يتمتع ترامب بعلاقات جيدة للغاية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وهو ما يصب في مصلحة أذربيجان.
وأضاف أيضًا: "تلعب أذربيجان دورًا لا مثيل له في المنطقة نظرًا لحدودها مع إيران وأهميتها الجيوسياسية في اتصالات الترانزيت إلى آسيا الوسطى ونتيجة لذلك، لا تستطيع الولايات المتحدة تحقيق أهدافها في المنطقة دون التعاون مع أذربيجان".
وأكد مصعبكوف على أهمية أذربيجان بالنسبة لأرمينيا، وقال: "على الرغم من أن اللوبي الأرمني في أمريكا أقوى، إلا أن الموقع الاستراتيجي والأهمية الجيوسياسية لأذربيجان لا يمكن مقارنتها بأرمينيا، ونتيجة لذلك، سوف تلعب أذربيجان دورا أكثر أهمية في السياسة الخارجية الأمريكية".
