الوقت- شكلت عملية "طوفان الأقصى" نقطة تحول حقيقية في مسار الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وكشفت عن هشاشة منظومة الأمن الإسرائيلية وقوة المقاومة الفلسطينية، لم تكن هذه العملية مجرد اشتباكات عسكرية عابرة، بل كانت بمثابة رسالة واضحة مفادها بأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم وأن المقاومة هي الخيار الاستراتيجي لتحرير الأرض واستعادة الحقوق.
تمكنت المقاومة الفلسطينية من تحقيق انتصارات ميدانية كبيرة، حيث فاجأت العدو بقدراتها العسكرية المتطورة وقدرتها على تنفيذ عمليات نوعية خلف خطوط العدو، كما أثبتت المقاومة أنها قادرة على شل حركة العدو، وتعطيل أجهزته الأمنية، وإلحاق خسائر فادحة في صفوفه.
يكمن جوهر فشل العدو الإسرائيلي في مواجهة "طوفان الأقصى" في عدة نقاط رئيسية منها الفشل الاستخباراتي حيث فشلت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في التنبؤ باندلاع هذه العملية، ما يدل على فشل تقييمها لواقع الميدان وقدرة المقاومة على التحرك، الفشل العسكري حيث عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه المعلنة من العملية، سواء من حيث القضاء على المقاومة أو استعادة السيطرة على الأوضاع، كما فشل سياسياً حيث فشل القادة الإسرائيليون في استعادة أسراهم من خلال القوة.
تعتبر قضية تبادل الأسرى قضية مركزية في الصراع، وهي تعكس حجم الانتصار الذي حققته المقاومة، حيث تمكنت من فرض شروطها على العدو وإجباره على التفاوض حول إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وإن أي صفقة تبادل ستكون بمثابة اعتراف ضمني بفشل المشروع الصهيوني وانتصار لإرادة الشعب الفلسطيني.
أثبتت عملية "طوفان الأقصى" أن المقاومة الفلسطينية هي السبيل الوحيد لتحرير فلسطين وأن الشعب الفلسطيني لن ييأس ولن يستسلم، مهما بلغت التضحيات، كما أثبتت هذه العملية أن المشروع الصهيوني هش وضعيف وأن أي محاولة للقضاء على المقاومة الفلسطينية ستبوء بالفشل.
مسودة نهائية لوقف إطلاق النار في غزة
أحرزت المفاوضات الرامية إلى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة "تقدماً كبيراً"، وخاصة بعد "انفراجة منتصف الليل" في المحادثات التي تستضيفها قطر، وحضرها ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب، والتي أسفرت عن "مسودة نهائية" جرى تسليمها للجانبين الإسرائيلي والفلسطيني، وفق تأكيدات مصادر عدة.
وأعلن الديوان الأميري القطري، أن أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني استقبل، الاثنين، وفد حركة "حماس"، لبحث وقف إطلاق النار في غزة، واستعراض آخر مستجدات المفاوضات، الهادفة إلى تحقيق هدنة طويلة الأمد في القطاع.
وقال مسؤول مطلع على المفاوضات لـ"رويترز"، الاثنين: إن الوسطاء سلموا "إسرائيل" وحركة "حماس" الفلسطينية مسودة "نهائية" لوقف الحرب في قطاع غزة، إثر "انفراجة" تحققت بعد "منتصف الليل"، فيما قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إنه تم إحراز تقدم في المفاوضات، مشيراً إلى أن "إسرائيل" "تريد الاتفاق"، وأضاف: "سنرى قريباً ما إذا كان الجانب الآخر يريد نفس الشيء".
وذكر المسؤول أن قطر قدمت للجانبين مسودة اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، خلال محادثات في الدوحة جرت بمشاركة رئيس الموساد ديفيد بارنياع، والشين بيت رونين بار، ورئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بينما قال مسؤول إسرائيلي إن تل أبيب لم تتلق من قطر مسودة مقترح الاتفاق.
تعد قضية الأسرى الفلسطينيين وقضية تحرير الأرض المحتلة من الركائز الأساسية في النضال الوطني الفلسطيني، حيث يعاني الأسرى الفلسطينيون، أشد أنواع التعذيب والظلم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، هم يشكلون رمزًا للصمود والتحدي في مواجهة الاحتلال، وتحريرهم ليس مجرد مطلب إنساني، بل هو واجب وطني مقدس، فالأسرى الفلسطينيون يتعرضون لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاعتداءات الجسدية والنفسية، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية مثل الزيارات العائلية والرعاية الصحية المناسبة، هذه المعاناة تزيد من إصرارهم على مواصلة نضالهم من داخل القضبان، ما يجعلهم مصدر إلهام للشعب الفلسطيني بكامله.
من الجانب الآخر، تظل قضية تحرير الأرض المحتلة في صدارة الأولويات الوطنية، الأرض الفلسطينية، التي تم احتلالها منذ عقود، هي أساس الصراع وجوهر القضية الفلسطينية، وتحرير الأسرى وتحرير الأرض هما وجهان لعملة واحدة في النضال الفلسطيني، لا يمكن فصلهما، فهما يشكلان جزءًا لا يتجزأ من حقوق وطموحات الشعب الفلسطيني، حيث إن تحرير الأسرى وتحرير الأرض هما واجبان وطنيان مقدسان، وإن الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله حتى تحقيق هذين الهدفين.
غزة تفرض شروطها
بعد التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني في الدفاع عن غزة، يصبح من الضروري خروج جنود الاحتلال من القطاع والقبول بشروط المقاومة الفلسطينية، فهي التي أظهرت قوتها وصمودها في مواجهة الاحتلال، وهي سيدة الميدان والمعركة، وبالتالي يجب أن تُحترم مطالبها وتُعطى الاعتبار اللازم في أي مفاوضات أو اتفاقيات تتعلق بمستقبل غزة.
التضحيات التي قدمها الشعب الفلسطيني، بما في ذلك الخسائر البشرية والمادية، تؤكد على أن هذه التضحيات ليست فقط دليلاً على الإرادة القوية للشعب الفلسطيني، بل هي أيضًا دعوة للعالم أجمع للاعتراف بحقوقه المشروعة في تقرير مصيره.
خروج جنود الاحتلال من غزة سيمثل قمة الفشل للكيان الصهيوني، هذا الخروج سيكشف للعالم أجمع حجم الخسائر الفادحة التي مني بها الاحتلال الصهيوني في غزة، ما يعزز من مكانة المقاومة الفلسطينية ويشكل ضربة قوية لاستراتيجيات الاحتلال.
فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أهدافه العدوانية يعود في المقام الأول إلى قوة المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، اللذين أثبتا أن الإرادة والعزيمة يمكن أن تهزم القوة العسكرية الغاشمة، خروج جنود الاحتلال من غزة سيسمح لغزة بالتعافي وإعادة بناء ما دمره الاحتلال، وسيوفر فرصة حقيقية لتحسين ظروف الحياة للمدنيين الفلسطينيين.
هذا الإنجاز سيثبت للعالم أن الشعب الفلسطيني قادر على حماية أرضه وحقوقه رغم كل التحديات، والقبول بشروط المقاومة، التي تشمل ضمانات عدم العودة إلى الاحتلال هو جزء لا يتجزأ من أي حل شامل ودائم. المقاومة، بدورها، أثبتت قدرتها على حماية أبناء شعبها ومواجهة العدوان، ما يجعلها الطرف المهيمن على الأرض والمعركة.
صمود غزة... انتصار الإرادة
صمود المقاومة الفلسطينية طوال العام الماضي أربك الاحتلال ومن وقف معه من الحلفاء الأمريكيين والغرب، هذا الصمود أظهر للعالم أجمع أن الشعب الفلسطيني لن يقبل بالظلم والقهر، وأنه مستعد للدفاع عن حقوقه بكل الوسائل المتاحة.
بعد سنة من التحديات والمعارك، هل أدرك كيان الاحتلال أخيرًا أن أي اتفاق في غزة لوقف إطلاق النار ليس إلا نتيجة لصمود المقاومة على الأرض؟ إن المقاومة الفلسطينية هي من أربكت خطط الاحتلال وأجبرته على التراجع، وهي من سيحدد شروط السلام والاستقرار في المنطقة.
يجب أن يفهم الكيان الصهيوني أن غزة شامخة وصادمة بمقوماتها، وأن الإنجازات التي سوف تحققها المقاومة لوقف إطلاق النار هي نتيجة جهد مستمر وقتال على الأرض وقف في وجه الصلف الصهيوني.
هذا الصمود والقتال المستميت هما ما أثمر عن تغيير موازين القوى على الأرض، وجعل الاحتلال يعيد حساباته، لا خوف على المقاومة الفلسطينية؛ فهي ستحفظ هذا الإنجاز الذي سوف تحققه وستهديه إلى كامل أبناء الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية.
هذا الإنجاز هو رسالة واضحة بأن المقاومة هي الخيار الوحيد للشعوب التي تسعى للحرية والاستقلال، ولا يمكن للشعب الفلسطيني أن يثق في الوعود الكاذبة أو المفاوضات الباطلة، بل في قوته وقدرته على الصمود والقتال من أجل حقوقه المشروعة ،يجب أن يدرك العالم أجمع أن المقاومة الفلسطينية هي الضمانة الحقيقية لحقوق الشعب الفلسطيني، وأنها ستستمر في نضالها حتى تحقيق أهدافها كاملة.