الوقت- انتهت الحرب غير المتكافئة التي شنها الكيان الصهيوني على شعب غزة لمدة 16 شهراً بشكل هش، وخلال هذا الوقت شهد العالم أفظع الجرائم ضد الإنسانية، جرائم لم نشهد لها مثيلا حتى في تاريخ البشرية. ورغم أن شعب غزة قاوم بإصرار وقوة هجمات الكيان الصهيوني المجنونة والوحشية بدعم ومساعدة كل القوى الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، وخرج منتصراً من أكثر الحروب وحشية في القرن الحادي والعشرين، والآن اشتعلت في نفوسهم نار الغضب والكراهية التي لن تنطفئ أبدا، ولم يمض وقت طويل قبل أن تندلع هذه النار من الكراهية والحقد ضد الصهاينة.
وحسب المصادر العبرية، وخاصة المسؤولين الإسرائيليين الرسميين، فإن معدل التجنيد الفلسطيني في قوات المقاومة ارتفع بشكل ملحوظ، ويمكن حتى مقارنة وضع قواتها العسكرية بالوضع في بداية الحرب أو قبلها، وأكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هذا الأمر مؤخراً في خطاب له حين قال: "إن عدد الفلسطينيين الذين انضموا إلى حماس في شمال قطاع غزة هو تقريباً نفس عدد المنظمة التي فقدتها خلال الحرب".
وحسب معطيات كشف عنها الصحفي الصهيوني يارون أبراهام، فإنه على الرغم من أن جيش الكيان يخوض معارك في شمال غزة منذ أكثر من عام، ويصدر مراراً وتكراراً تصريحات تفيد بتفكيك أطر البنية العسكرية لحماس، فإن معدل التجنيد لا يزال منخفضاً، وإن عدد قوات حماس الجديدة في الوقت الحالي في أدنى مستوياته على الإطلاق، وهو أكبر من عدد الضحايا في صفوف قوتها القتالية!
كما أشارت لجنة الشؤون الخارجية والعسكرية في الكنيست مؤخراً إلى أعداد قوات المقاومة في غزة والتي ربما لم يتوقعها الصهاينة، وحسب التقرير، هناك حالياً ما بين 20 ألفاً و23 ألف جندي فلسطيني يعملون في قطاع غزة ـ نحو 9 آلاف منهم قوات منظمة في لواءي حماس الشمالي والجنوبي، وما بين 7 آلاف و10 آلاف منهم غير منظمين، ونحو 4 آلاف شخص ينتمون إلى فصائل فلسطينية مسلحة، الجهاد الإسلامي ومنظمات المقاومة الفلسطينية الأخرى.
وحسب وسائل إعلام عبرية، وفي ضوء الأرقام المذكورة أعلاه، والتي تشير إلى فشل العمليات العسكرية للجيش في تدمير المقاومة في غزة، أمر وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس جيش الكيان ورئيس أركان الجيش بوضع خطة لتدمير المقاومة في غزة وهزيمتها الكاملة.
حماس في غزة ستكون قادرة على العمل إذا لزم الأمر
إن الحقيقة التي لا يرغب زعماء الكيان الصهيوني في الاعتراف بها هي أنه على الرغم من استشهاد بعض قوات المقاومة خلال العام والنصف الأخيرين من الحرب وتضرر بعض آليات القيادة والسيطرة لقوات المقاومة، لقد نجحت المقاومة، التي ما زالت تحتفظ بقدرات معينة.
ويقول جيرشون هكوهين، القائد السابق لهيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، فيما يتعلق بانضمام الفلسطينيين إلى حماس: "من الخطأ أن ننظر إلى حماس كمنظمة شبه عسكرية بحتة سيطرت على السكان". الشعب مع حماس هذه ليست مجرد منظمة شبه عسكرية، بل هي منظمة شعبية وطنية دينية تتعاطف معها القلوب، والأشخاص الذين تجندهم يفعلون ذلك من باب الإيمان، وليس فقط من أجل لقمة خبز.
عميخاي شيلوه، صحفي صهيوني قال: "لم ندمر حماس في غزة، ولم ندمر حماس في الضفة الغربية، ولم ندمر حماس في سوريا، ولم ندمر فتح في الضفة الغربية، ولم ندمر حزب الله، بل لم ندمر انصار الله في اليمن ولم ندمر البرنامج النووي الايراني ولم نجمع الاسلحة من الضفة الغربية وهذه خسارة فادحة والكارثة القادمة ستكون شديدة".
وبجرائمهم التاريخية ضد أهل غزة، لم ينجح الصهاينة في إضعاف المقاومة الفلسطينية فحسب، بل تسببوا في زيادة طلبات الانضمام إلى منظمات المقاومة للقتال والمعركة ضد الصهاينة، حتى في ظل ضغوط الحرب الشديدة، وأشار الجيش الإسرائيلي خلال الأشهر الأخيرة إلى أن العديد من مناطق غزة التي كانت تحت احتلاله العسكري سابقاً استعادتها قوات المقاومة الفلسطينية، ما يشير إلى أن التحليلات والتقييمات لإمكانية تدمير مجموعات المقاومة، بما في ذلك حماس، كانت خاطئة.
وبعد عام وأربعة أشهر من الحرب في أجزاء مختلفة من غزة وتكبد خسائر فادحة وأضرار جسيمة، بالغ جيش وحكومة هذا الكيان أخيرًا في تقاريرهما وتصريحاتهما الأخيرة في أن تدمير حماس هو هدف غير قابل للتحقيق وأنه في نهاية المطاف، وافق بنيامين نتنياهو وزعماء الكيان الإسرائيلي على قبول وقف إطلاق النار وشروط حماس، بعد أن أطلقوا سراح أسراهم، وهي القضية التي نجمت عن 16 شهراً من المقاومة الشرسة من قبل الشباب الفلسطيني ضد وحشية الجيش الإسرائيلي.
ورغم أن الشعب الفلسطيني استطاع في نهاية المطاف أن يرغم الكيان الصهيوني على قبول شروطه، فإنه اليوم يحمل في داخله ضغينة وغضباً وكراهية لن تنطفئ أبداً، وكما اعترف الصهاينة، حتى في ذروة الحرب، رفض الشعب والشباب الفلسطيني التخلي عن مجموعات المقاومة، والسؤال المطروح الآن أمام الخبراء والمحللين الناطقين بالعبرية هو ما إذا كانت المقاومة في غزة قد اكتسبت المزيد من الشعبية بسبب انتصارها، ومع وجود اتفاق وقف إطلاق النار لإنهاء الحرب، فكم من الوقت سوف يمر قبل أن نواجه جيلاً جديداً من المقاتلين الفلسطينيين الذين لديهم دافع أكبر للانتقام وإلحاق الأذى بـ"إسرائيل"؟
يوني بن مناحيم، خبير أمني صهيوني قال: "فلسطينيون يهتفون "نحن جنود محمد ضيف" هذا هو الوضع في غزة بعد عام من الحرب!"
وكما يخشى الصهاينة أيضاً، فإن الجيل الحالي من الشباب الفلسطيني، الذي تعرض لأشهر من الحصار الجبان والهجمات الإسرائيلية المتواصلة، والذي واصل مقاومته بكل قوته من أجل النصر، سوف يسعى ذات يوم إلى تسوية الحسابات وسفك الدماء والانتقام، وسيلاحقون الصهاينة.