الوقت – قال عدنان الصباح المحلل الفلسطيني، في معرض تحليله لوقف إطلاق النار في قطاع غزة: لقد آذنت عملية طوفان الأقصى بهدنةٍ مؤقتة، بيد أن جذوة الصراع مع الكيان الصهيوني لم تنطفئ، فالمعركة المشتعلة منذ 471 يوماً بين المقاومة الباسلة وحلفائها من جهة، والكيان الصهيوني من جهة أخرى، لن تضع أوزارها إلا بتحرير الأرض المقدسة، تلك الجبهات التي روت بدمائها الزكية ثرى المعركة، ما زالت متأهبةً للنزال، شامخةً في وجه الطغيان.
وأضاف: وما أوقف الصهاينة رحى الحرب إلا بعدما أيقنوا استحالة بلوغ مآربهم، وقد تجلّت بشائر النصر المبين عند تسليم أسراهم للصليب الأحمر في غزة، واليوم، ها هو الكيان المحتل يندحر من غزة تحت سياط ضربات كتائب القسام والقدس، وسائر فصائل المقاومة الظافرة.
وتابع: ولقد ولّى الكيان الصهيوني مدبراً من غزة في لحظة تاريخية فارقة شهدت اندثار المشروع الاستعماري برمته في المنطقة، وتبددت أحلام الهيمنة على الشرق الأوسط، وتربعت القضية الفلسطينية على عرش اهتمام العالم أجمع.
الصهاينة في مواجهة الرأي العام العالمي
واسترسل المحلل الفلسطيني في تحليله قائلاً: لقد تبدد سراب الناتو شرق الأوسطي في رمال الواقع، وظلت قضية فلسطين شامخةً، ولم يَنَل الوهن من عزيمة المقاومة ومحورها الصلب، فها هي قوات الكيان الصهيوني تجرُّ أذيال الخيبة من أرض غزة العزة، مثخنةً بجراحٍ غائرة، متجرعةً کؤوس الهزيمة المُرّة.
وتابع: ينسحبون وقد تهاوت أسطورة جيشهم المزعوم الذي لا يُقهر، يولّون الأدبار وقد تحطمت على صخرة الحقيقة ادعاءاتهم بالديمقراطية المزيفة، يفرّون وقد تبددت في مهب الريح مزاعمهم بامتلاك زمام التفوق الاستخباراتي في العالم والمنطقة. يندحرون وقد تهشمت صورة مظلوميتهم المصطنعة التي طالما تدثروا بها، وانكشفت أكذوبة الهولوكوست في أجلى صورها بعدما ارتكبوا في غزة الصامدة أفظع الجرائم وأنكرها.
وأضاف عدنان الصباح: ها هم قادة الكيان الصهيوني وجنوده يغادرون أرض غزة الطاهرة، لا يلاحقهم سيف العدالة القانونية فحسب، بل تطاردهم لعنة الإدانة الأخلاقية من شعوب العالم کافة، يرحلون وقد انفضَّ من حولهم تعاطف الرأي العام العالمي، يولّون مدبرين وقد تصدع أمنع حصونهم الذي طالما تحصنوا خلفه - جدار معاداة السامية المزعوم - فلم يعد في الأرض من يصدق هذه الأكذوبة، أو يُعيرها التفاتاً.
وأكد المحلل الفلسطيني قائلاً: ها هي القضية الفلسطينية تتربع على عرش الاهتمام العالمي، وها هي شعوب الأرض قاطبةً ترفع راية فلسطين خفاقةً في عنان السماء، واليوم، تجرّ قوات الاحتلال أذيال الخيبة والهزيمة من أرض غزة العزة، في حين تُتوَّج شعوب لبنان واليمن والعراق الأبية بأكاليل النصر المؤزر، لم يعد في مقدور الكيان الصهيوني أن يعيث في الأرض فساداً كما كان من قبل، وأيقن العالم بأسره أن هذا الكيان المصطنع ما كان له أن يرى النور لولا الدعم الأمريكي المشؤوم.
جبهة المقاومة تتخطى حدود فلسطين
ومضی عدنان الصباح قائلاً: لقد دكَّ طوفان الأقصى المبارك صرحَ الكيان الصهيوني وأركان غطرسته، بدماءٍ زكيةٍ سالت من عروق أبطال غزة، ومجاهدي لبنان، وبواسل اليمن، وأحرار العراق، فامتزجت تلك الدماء الطاهرة بدماء الفلسطينيين، لتُلقِّن الكيان المحتل درساً بليغاً مفاده بأن مستوطنيه لن يهنؤوا بعد اليوم بظلال الأمن المزعوم في فلسطين المحتلة، ولقد سطّرت الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عبر "الوعد الصادق" بشقيه، ملحمةً خالدةً أذاقت الكيان وأذنابه مرارة الدرس وعلقم الهزيمة.
وأضاف: کما أماط طوفان الأقصى اللثام عن حقيقةٍ ساطعة وهي إن غزة لم تركع، ولم تنحنِ حماس في ميدان النزال، وها هم مجاهدوها يجوبون أرض غزة بعزةٍ وإباء، لم يتزعزع حُكم حماس في غزة قيد أنملة، فها نحن نشهد عناصر الشرطة، ونرى منتسبي وزارة الداخلية في غزة، وقد شهدنا ما سطروه من مآثر في الساعات الأولى لوقف إطلاق النار.
وتابع: وشهدنا تحقق نصرٍ مؤزرٍ آخر حين أُجبر الصهاينة على التفاوض لاستعادة أسراهم، وهم يجرون أذيال الخيبة والهوان، فها هم وزراء الكيان يذرفون دموع المهزومين في مجلسهم الأمني، وتجلت أمارات الانكسار باديةً للعيان على وجه نتنياهو وهو يخاطب الأسرى ومرافقيهم عقب عودتهم إلى الأراضي المحتلة، واصفاً ذلك اليوم بالمشهود في تاريخ هزائمهم، وقد أقرّ جميع وزراء حكومته والمحللون والاستراتيجيون والخبراء، بهزيمة جيش الكيان المحتل أمام المقاومة الباسلة.