الوقت- في مشهد يفوق حدود التصوّر الإنساني، ترتكب "إسرائيل" جرائم مروّعة في قطاع غزة باستخدام أسلحة محرمة دوليًا، مقدمة من حلفائها الدوليين، لتتحول أجساد الفلسطينيين الأبرياء إلى رماد بفعل قنابل لا تكتفي بالقتل بل تمحو أثر الحياة بأكملها.
آلاف الأرواح تُزهق بوحشية، وأجساد تُبخر كأنما يراد طمس وجودها ونفيها من ذاكرة الأرض، هذه الجرائم، التي تطال الأطفال والنساء والرجال على حد سواء، تمثل وصمة عار في جبين الإنسانية وتستوجب تسليط الضوء على هذا الإجرام المنهجي الذي ينتهك كل القوانين الدولية والأعراف الأخلاقية، ما يجعل من الضروري الوقوف بحزم أمام هذا العدوان وإعلاء صوت العدالة والإنسانية.
وفقًا للإحصائيات الرسمية الصادرة عن المؤسسات الفلسطينية، تم ذوبان وتبخير جثامين ما يقارب 3,000 شهيد في قطاع غزة نتيجة استخدام الكيان الصهيوني لأسلحة محظورة وفتاكة، وتشير المعلومات إلى أن "إسرائيل" استخدمت في هذه الجرائم ضد الإنسانية قنابل أمريكية.
وحسب تقارير إعلامية فقد صدرت منذ الأسابيع الأولى للحرب في غزة تقارير عديدة من المؤسسات الفلسطينية والدولية تفيد باستخدام الكيان الصهيوني لأسلحة محظورة تذيب وتبخر أجساد البشر، وأفادت الجهات المعنية بأن جثث مئات الشهداء في غزة قد ذابت واختفت بالكامل.
تبخير نحو 3,000 جثمان في غزة
بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة وبدء متابعة الملفات الإنسانية، صرّح محمود بصل، المتحدث باسم جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، مساء أمس بأن عدد الشهداء الذين تبخرت جثامينهم نتيجة هجمات العدو الصهيوني ولم يتم العثور على أي أثر لهم وصل إلى 2,842 شهيدًا.
وخلال مؤتمر صحفي عقد في وسط مدينة غزة، أوضح بصل أن فرق الدفاع المدني تواصل البحث عن جثث الشهداء الممزقة تحت الأنقاض أو في الشوارع، ولكن بسبب حجم الدمار الهائل ونقص المعدات اللازمة، لم تتمكن الفرق من تحقيق تقدم كبير في هذا الصدد، وأضاف إن فرق الدفاع المدني تمكنت حتى الآن من استخراج جثث أكثر من 38,000 شهيد وإنقاذ أكثر من 97,000 جريح.
وطالب بالسماح لفرق الدفاع المدني العربية والدولية بالدخول إلى قطاع غزة المحاصر للمساعدة في العثور على جثامين أكثر من 10,000 شهيد ما زالوا تحت الأنقاض.
تفاصيل تبخير الأجساد البشرية في غزة باستخدام القنابل المحظورة الأمريكية
وفيما يتعلق بالظاهرة الخطيرة لذوبان وتبخير جثث الشهداء، أشار تقرير صادر عن مركز الإعلام الفلسطيني إلى أن الاحتلال الإسرائيلي استخدم أسلحة محظورة دوليًا في قتل المدنيين في غزة، تؤدي إلى تبخير أجسادهم لدرجة الاختفاء الكامل.
وأوضح التقرير أن جثث آلاف الشهداء في قطاع غزة قد ذابت نتيجة استخدام "إسرائيل" لقنابل مجهولة الهوية تصدر حرارة هائلة أثناء انفجارها، ما يؤدي إلى تحويل أجساد البشر إلى جسيمات صغيرة جدًا غير مرئية بالعين المجردة.
من جهته، قال الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة في غزة: إن الاحتلال استخدم أسلحة غير معروفة، وخاصة في شمال القطاع، تؤدي إلى تبخير الجثث، ما تسبب في اختفاء العديد من الأشخاص تمامًا دون العثور على أي دليل على وجودهم.
وأضاف: إن من بين الأسلحة المحظورة التي استخدمها الصهاينة قنابل شديدة الانفجار تصدر أصواتًا مرعبة، بحيث يتبخر أي شخص يقع على بُعد 200 إلى 300 متر من موقع الانفجار.
ووفقًا لتحقيق أجرته جامعة هارفارد، يُرجح أن "إسرائيل" استخدمت قنابل من طراز Mark84 (MK84) أمريكية الصنع في انتهاكها للقوانين الإنسانية في غزة.
ما هي الأسلحة المحظورة التي استخدمها الصهاينة في غزة؟
لا توجد إجابة علمية مؤكدة حول درجة الحرارة التي يذوب أو يتبخر عندها جسم الإنسان، لكن بشكل عام تتراوح درجة الحرارة اللازمة لحرق الجثث بين 800 إلى 1000 درجة مئوية، الحرارة الشديدة في الأفران الصناعية المخصصة لحرق الجثث تقوم بتحليل جسم الإنسان إلى مكونات كيميائية، تشمل الغازات، الرماد، وبقايا معدنية.
تشير بعض المعلومات إلى أن درجة حرارة تتراوح بين 1500 إلى 3000 درجة مئوية كافية لتبخير جسم الإنسان، وخصوصًا عندما تترافق مع ضغط هائل ناتج عن انفجار، هذا يعني أن تبخير الأجساد في قطاع غزة تم باستخدام أسلحة ترفع درجة حرارة المنطقة المستهدفة إلى أكثر من 1500 درجة مئوية مع إحداث ضغط كبير على الجسم، وبالتالي، يمكن القول إن "إسرائيل" ربما استخدمت أسلحة حرارية ضغطية أو قنابل الفراغ لتبخير أجساد سكان غزة.
قنابل الفراغ (Thermobaric Bombs)
تُعرف أيضًا باسم قنابل الهباء الجوي أو قنابل وقود الهواء، وهي نوع من الأسلحة الحرارية الضغطية، يأتي اسمها من الكلمتين اليونانيتين اللتين تعنيان الحرارة والضغط.
تعتمد هذه القنابل بشكل أساسي على الأكسجين الموجود في الهواء لإحداث الانفجار، حيث تتكون بشكل رئيسي من الوقود فقط، بخلاف الأسلحة التقليدية التي تحتوي على خليط من الوقود وعامل مؤكسد.
تعمل هذه القنابل على مرحلتين؛ الأولى تقوم بنشر سحابة وقود كبيرة في المنطقة المستهدفة، والثانية تشتعل السحابة مسببة انفجارًا ضخمًا.
بعد الانفجار، ينشأ تأثير فراغي يستهلك كل الأكسجين في المنطقة المحيطة، ما يؤدي إلى خنق الكائنات الحية وتدمير الأنسجة الداخلية.
تقارير ودعوات للتحقيق
يرى الخبراء أن کیان الاحتلال الإسرائيلي استخدمت هذه القنابل لإحداث أكبر قدر من الضرر على المدنيين والبنية التحتية المدنية في غزة.
في الـ 30 من أبريل 2024، طالبت منظمة هيومن رايتس ووتش الأورومتوسطية بإجراء تحقيقات دولية للتحقق من استخدام "إسرائيل" لأسلحة محظورة دوليًا، بما في ذلك القنابل الحرارية الضغطية التي تصل درجة حرارتها إلى 2500 درجة مئوية، ما يتسبب في حروق شديدة تصل إلى الأعضاء الداخلية.
قنابل الفوسفور الأبيض
يَعتقد أن بعض الأجساد المتبخرة قد تكون نتيجة استخدام القنابل الفوسفورية، التي استخدمتها "إسرائيل" على نطاق واسع في غزة ولبنان .
هذه القنابل تسبب حروقًا عميقة وتدميرًا كبيرًا للأنسجة البشرية، ويمكن أن تؤدي إلى الموت المؤلم.
آثار الانفجار
تُحدث قنابل الفراغ موجة ضغط ضخمة تسبب انهيار التجاويف الهوائية في الجسم، حتى إذا لم يُقتل الشخص على الفور أو يتبخر في الانفجار، فإنه يواجه مضاعفات خطيرة تشمل:
تلف الجهاز التنفسي.
إصابات في القلب والأوعية الدموية.
أضراراً في السمع والجهاز العصبي والجهاز الهضمي.
ردود الأفعال الدولية
صرّح صلاح عبد العاطي، رئيس "الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني"، أن استخدام كيان الاحتلال لهذه الأسلحة المحظورة يمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي .
من جهته دعا إلى محاكمة المسؤولين الإسرائيليين ومورّدي هذه الأسلحة ومحاسبتهم قانونيًا .
كما طالب المنظمات الدولية بالتحقيق في استخدام الأسلحة المحظورة ضد المدنيين الفلسطينيين وملاحقة هذه الجرائم كجرائم حرب.